من يرث السبسي.. الغنوشي الشريك أم المرزوقي المنافس أم الشاهد المنشق؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/07/31 الساعة 16:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/01 الساعة 07:29 بتوقيت غرينتش
التواق بين السبسي والغنوشي قاد البلاد خلال السنوات الماضية/رويترز

فرضت وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي على تونس الذهاب نحو انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، وبدأت الأسئلة والتكهنات تدور حول أبرز المرشحين للرئاسة التونسية، ومن يسيطر على البرلمان، وما مصير سياسة التوافق بين حزبي النهضة والنداء التي نسجها السبسي مع راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة.

وأربكت وفاة السبسي قبيل أشهر من نهاية ولايته الانتخابية التي كانت مقررة آخر العام الجاري حسابات الأحزاب التونسية، وفرضت تقارباً في المواعيد بين الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

رحيل السبسي ترك فراغاً/الأناضول

فبعد ساعات من وفاة السبسي أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تقديم موعد الانتخابات الرئاسية لـ15 سبتمبر/أيلول المقبل، بعد أن كانت مقررة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فيما بقيت الانتخابات البرلمانية في موعدها في السادس من أكتوبر/تشرين الأول.

إرادة الرئيس الراحل تسري.. الانتخابات التشريعية تُجرى وفقاً للقانون القديم الذي رفضه 

وسيتم إجراء الانتخابات التشريعية بالقانون الانتخابي القديم، نظراً لعدم توقيع رئيس الجمهورية الراحل على القانون الانتخابي الجديد، الذي ينص على منع أصحاب الجمعيات والمؤسسات الإعلامية، إضافة إلى المحسوبين على النظام السابق من الترشح، على غرار صاحب قناة نسمة الخاصة نبيل القروي وعبير موسي الأمينة العامة للحزب الدستوري الحر-المحسوبة على نظام بن علي- ورئيسة جمعية عيش تونسي ألفة التراس وغيرها.

وأثير جدل في البلاد حول التعديلات التي أقرَّها البرلمان التونسي على القانون الانتخابي، قبل شهر من إيداع قوائم المرشحين للانتخابات التشريعية.

ويتطلَّب أحد التعديلات أن يكون المرشحون قد أوفوا بنفس الالتزامات التي تعهَّد بها الأطراف بشكل فردي خلال الـ12 شهراً التي سبقت الانتخابات: عدم وجود أموال أجنبية أو تبرعات من شركات، وكذلك ألا يكونوا قد وزعوا مساعدات أو قاموا بإعلانات سياسية.

ويعتبر مؤيدو تعديل القانون أنه يتصدى للقوى الشعبوية التي تخلط بين الدعاية السياسية والعمل الخيري، وتتلقى مساعدات أجنبية، بينما يرى رافضوه أن إقرار الأحزاب لهذه التعديلات يعني أنها تستغل البرلمان لإقصاء خصومها.

هل تقدم النهضة مرشحاً لها في الانتخابات الرئاسية؟

ولم تعلن حركة النهضة عن مرشح لها في الانتخابات الرئاسية القادمة بعد.

وقال زعيم الحركة راشد الغنوشي خلال تصريح أدلى به أمس الأول الإثنين خلال تقديم أوراق ترشحه للانتخابات التشريعية، إنَّ النهضة ستحسم خلال اليومين المقبلين موقفها بخصوص الانتخابات الرئاسية المقبلة، إما ترشيح شخصية من داخلها أو دعم مرشح من خارجها.

هل ترشح النهضة راشد الغنوشي/رويترز

وبينما لم يستبعد رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبدالكريم الهاروني في حوار مع موقع "الجزيرة نت"، أن ترشح النهضة الغنوشي للرئاسة، فإن هناك وجهة نظر تستبعد أن تعلن النهضة تقديمها لمرشح خاص بها، حسبما قال المحلل السياسي لمين البوعزيزي لـ "عربي بوست" .

وقال "في رأيي حزب حركة النهضة لن يترشح، فهي تعي أن السلطة الحقيقية في البرلمان، الأمر الذي جعلها ترشح رئيسها للانتخابات التشريعية".

ورأى محللون أنَّ قرار ترشيح الغنوشي للبرلمان خطوة باتجاه حصول الغنّوشي على منصب قيادي كبير في البلاد، ولا يستبعدون أن يكون منصب رئيس البرلمان القادم، وهو أعلى منصبٍ في الدولة، باعتبار أنّ تونس تسير وفق نظام شبه برلماني.

أبرز المرشحين رئيس الجمهورية السابق ورئيس الحكومة الحالي

حزب "تحيا تونس" الذي أسسه رئيس الحكومة الحالية يوسف الشاهد، أعلن أنه سيرشح الشاهد للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 15 سبتمبر/أيلول 2019.

والشاهد كان جزءاً من حزب الرئيس الراحل نداء تونس، ثم أنشقَّ عنه ليؤسس حزبه الخاص تحيا تونس "الذي انضم إليه الكثيرون من أعضاء الحزب الأول".

في المقابل يعتبر الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي من أبرز الأسماء المتوقع ترشحها لهذه الانتخابات، بعد أن كان قد خسر الانتخابات الأخيرة أمام السبسي.

مناشدات لترشح وزير الدفاع السابق عن حزب السبسي

وهناك محمد عبو، رئيس حزب التيار الديمقراطي المعتدل، الذي أعلن عن ترشحه، والذي يحظى بشعبية واسعة.

وتشير التوقعات أيضاً إلى ترشح مهدي جمعة رئيس حزب "البديل التونسي" ، الذي تولى رئاسة الحكومة التونسية في الفترة بين 2013 و2015.

أما عن حزب نداء تونس (الذي أسسه السبسي) فقد بدأت حملة مناشدة لوزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي منذ وفاة الباجي قائد السبسي، ليكون هو مرشح الحزب، لأن الأخير كان الأقرب سياسياً للرئيس الراحل، بينما أعلن حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس عن عدم نيته في الترشح.

ولوحظت خلال اليومين الأخيرين حملات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لمطالبة الزبيدي بالترشح للانتخابات الرئاسية، وقام بعض نواب البرلمان بجمع التوقيعات الضرورية، أو ما يعرف بالتزكيات البرلمانية التي يشترطها القانون الانتخابي للترشح.

مرشح مستقبل عارض قانون الميراث في مقدمة المرشحين المستقلين

أما المستقلون فيتصدرهم أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، الذي يتمتع بشعبية واسعة، خاصة بعد إعلان موقفه الرافض لقانون المساواة في الميراث، وعدة مواقف أخرى دفعته لإعلان ترشحه بعد أن رفض سابقاً.

أما المحسوبون على التيار اليساري فقد قدَّم حمة الهمامي، مؤسس الجبهة الشعبية ترشحه للانتخابات الرئاسية، إضافة إلى منجي الرحوي ونجيب الشابي.

العديد من الشخصيات الأخرى أعلنت نيّتها في الترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية على غرار رجل الأعمال وصاحب قناة نسمة التونسية الخاصة نبيل القروي، وعبير موسى رئيسة الحزب الدستوري الحر المحسوبة على النظام السابق.

وكلاهما كان يستهدفهما التعديل على قانون الانتخابات الذي رفضه السبسي.  

وقد وصف المحلل السياسي لمين البوعزيزي هؤلاء بمجرد صناع لا يملكون قرارهم، فالمال السياسي هو الذي يتحكم فيهم، حسب تعبيره.

الانتخابات التشريعية.. مَن يفوز بكعكة البرلمان؟

أفادت عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والناطقة الرسمية باسمها حسناء بن سليمان، أنَّ عدد القائمات التي أودعت ملفات ترشحاتها لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة، بلغ 1572 قائمة في مجمل الدوائر الانتخابية داخل تونس وخارجها، وعددها 33 دائرة.

وأضافت بن سليمان في تصريح إعلامي، أن المنظومة المعلوماتية للهيئة أظهرت أيضاً أن العدد الإجمالي للمترشحين والمترشحات ضمن مجمل هذه القائمات بلغ 15737 مترشحاً ومترشحة، سيتنافسون للفوز بأحد مقاعد المجلس النيابي المقبل، وعددها 217 مقعداً، وتوزَّعت مجمل تلك القائمات بين 163 قائمة ائتلافية و687 قائمة حزبية و722 قائمة مستقلة.

الأحزاب التي تتصدر المنافسة

قوائم حزبية وائتلافية وأخرى مستقلة، تسابقت على تقديم ترشيحاتها للانتخابات التشريعية.

وبرز من بين المتقدمين الحزبان الحاكمان "نداء تونس" و "حركة النهضة"، التي أعلن رئيسها الشيخ راشد الغنوشي مؤخراً عن ترشحه لأول مرة للانتخابات التشريعية.

 وقال الغنوشي في تصريحات صحفية عقب إيداع ملفه بمقر الهيئة الفرعية للانتخابات في العاصمة "إن هذا الترشح غير منفصل عن الرئيس (الراحل) الباجي قايد السبسي، بل هو تطبيق عملي لآخر قرار اتخذه بدعوة الناخبين، وأضاف أن  تونس حقَّقت مكاسب كثيرة من خلال سياسة التوافق التي باركها الباجي قائد السبسي آنذاك".

أما حزب تحيا تونس، المؤسَّس حديثاً من قبل رئيس الحكومة يوسف الشاهد فقد أعلن خوضه الانتخابات التشريعية والرئاسية.

من ينافس النهضة.. نداء تونس أم تحيا تونس؟

ويرى البعض  مثل المحلل السياسي البوعزيزي، أن  حزب تحيا تونس لا يحظى بإجماع كبير باعتبار أن الجهات الكبرى لها مرشحوها، حسب قوله.

ولكن المحلل السياسي فتحي الزغل قال: "ألاحظ حضوراً لافتاً -وهو بديهي لا يتطلّب محلّلاً ليعرفه- للحزب الأول في البلاد وهو حزب "حركة النهضة" لما لهذا الحزب من انتشار أفقيّ وعموديّ داخل المجتمع التونسيّ، ولما له من انضباط معروف وقدرات لوجستية واضحة في مثل هذه المناسبات.

يوسف الشاهد يهاجم قرار الكاف
رئيس وزراء تونس يوسف الشاهد خلال مشاركة فريق الترجي الفرحة في نهائي دوري أبطال إفريقيا – رويترز

يليه في الأهمّية والحضور الحزب الوليد الذي قام على أنقاض حزب الرّئيس الراحل "نداء تونس" وأقصد "تحيا تونس"، وذلك لأنّه جمع الموظفين والمنتسبين لجهاز الدولة ليحافظوا على مراكزهم التي هم فيها، والذين جرّبوا نفس الاصطفاف سابقاً مع ذلك نداء تونس الذي وصفه بالحزب المنهار، ونجحوا في خطّتهم تلك.

الأحزاب الثورية قد تتفوق على حزب الرئيس الراحل الذي قد يكون في طريقه للاندثار

سيكون للأحزاب وللمترشّحين المستقلّين المصنّفين على التيّار الثوري ثقلهم الذي سيكون مفاجأة في هذه الانتخابات لا محالة، من حيث عدد المقاعد الإجمالية التي سيحصلون عليها، وفقاً للمحلل التونسي.

وبعد هؤلاء سيكون الثقل متوزعاً على جميع بقايا الحزب الجريح المتشظي "نداء تونس"، الذي يراه الزغل في طريقه إلى الاندثار ولو بقي لسنوات قادمة، مع تلك الأحزاب التي قامت وانشقت عنه.

والمستقلون قد يمثلون مفاجأة

وعلى الأحزاب الأخرى التي وإن بقيت ظاهرة في المشهد السياسي العام في البلاد منذ سنوات، إلا أنها لم تفز بعدد كافٍ من المقاعد سابقاً، ولن تفوز بها كذلك، وذلك لحضورها الشعبي المحدود.

إذ لا يكاد يسمع بها المواطن التّونسيّ إلا في أيام في الحملة الانتخابيّة. وعليه فإنها ستكون هامشيّة الحضور في الخريطة البرلمانية القادمة.

وختم الزغل قائلاً: "إنّ المستقلّين سيصنعون -في تقديري- المفاجأة ثانية، بعد أن صنعوها في الانتخابات المحلّيّة الماضية، التي تُعدّ آخر انتخابات أظهرت الحجم الحقيقي لكل الفاعلين السياسيين في البلاد".

 

علامات:
تحميل المزيد