ومن المُنتظر أن يمنع مشروع القانون، الذي طرحه السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين والسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، بنك الاستيراد والتصدير الأمريكي من تمويل نقل التكنولوجيا والمعدات النووية إلى السعودية قبل توقيع اتفاقياتٍ للتعاون النووي بين الطرفين، واعتماد معايير دولية تقييدية لمنع انتشار الأسلحة النووي.
جديرٌ بالذكر أنَّ بنك التصدير والاستيراد يؤدي دوراً رئيسياً في تمويل تصدير معدات وتكنولوجيا الطاقة النووية الأمريكية إلى الخارج.
وقال فان هولين في مقابلة عبر الهاتف: "يجب ألَّا نسمح أبداً بوقوع المواد النووية في الأيدي الخطأ، وبالطبع أظهر ولي العهد (السعودي) وهذا النظام أنهما غير جديرين بالثقة".
استغلال للصفقات التجارية
ويأتي هذا التشريع في أعقاب تقريرٍ جديد صادر عن لجنة الرقابة بمجلس النواب، يزعم أنَّ توماس باراك، رجل الأعمال الثري وشريك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ فترةٍ طويلة، كان يستخدم علاقاته في البيت الأبيض لدفع صفقاتٍ تجارية مربحة متعلقة بتمويل الطاقة النووية في المملكة العربية السعودية، وأنَّه تربَّح من هذه الجهود على الأرجح.
ويكشف التقرير، الذي نشره ديمقراطيون في لجنة الرقابة بمجلس النواب الإثنين 29 يوليو/تموز 2019، "كيف تستخدم بعض الشركات وأصحاب المصالح الأجانب امتيازاتهم الفريدة للدفاع عن نقل التكنولوجيا النووية الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية"، وفقاً لما ذكره النائب الديمقراطي إيليا كامينغز، رئيس لجنة الرقابة، في بيان.
الخلاصة: ووفقاً لمسودة خاصة بمشروع القانون الذي طرحه فان هولين وغراهام، حصلت عليها مجلة Foreign Policy الأمريكية، فإنَّه سيُمنع بنك التصدير والاستيراد الأمريكي من تمويل نقل هذه المعدات والتكنولوجيا إلى المملكة العربية السعودية ما لم تصرف الرياض نظراً عن تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته، وتُبرِم اتفاقية تعاون نووي تتماشى مع قانون الطاقة الذرية الذي ينظم الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وتعتمد بروتوكولات وقائية إضافية تتفق مع معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تجدر الإشارة إلى أنَّ السيناتور الجمهوري جيري موران والسيناتور الديمقراطي جيف ميركلي يشاركان في دعم مشروع القانون.
ويتطلَّب التشريع من البنك كذلك إبلاغ الكونغرس تفاصيل أي اتفاق بشأن نقل المعدات أو التكنولوجيا النووية إلى المملكة العربية السعودية.
يُذكر أنَّ هناك مقترحاً كهذا قيد التنفيذ بالفعل. ففي العام الماضي (2018)، أرسل مسؤولٌ كبير في بنك التصدير والاستيراد رسالةً بريدية إلكترونية إلى موظفي مجلس الشيوخ، حصلت مجلة Foreign Policy على نسخةٍ منها، يُبلغهم فيها أنَّ البنك تلقى طلباً لتمويل الصادرات الأمريكية إلى محطة طاقة نووية مقترحة في المملكة العربية السعودية. وكتب المسؤول بالرسالة: "التنفيذ في المراحل الأولى من المراجعة".
من جانبها وضعت السعودية خططاً لتطوير برنامج شامل للطاقة النووية، لكنَّ الحكومة السعودية لم تُبدِ حتى الآن سوى "استعدادٍ ضعيف لقبول تطبيق تدابير صارمة لمنع انتشار الأسلحة النووية"، حسبما جاء في نصِّ مشروع القانون.
ويقول بعض منتقدي إدارة ترامب إنَّها لا تشترط على المملكة العربية السعودية استخدام ما يسمى "المعيار الذهبي" في اتفاقية التعاون النووي، والذي يُلزِم أي دولة أجنبية بعدم استخدام التكنولوجيا النووية المنقولة لصنع أسلحة نووية.
إدارة ترامب تتحرك سراً لعقد الصفقة مع السعودية
وأكَّد فان هولين أنَّ إدارة ترامب لم تتحلَّ بالشفافية مع الكونغرس بشأن سعيها إلى نقل تقنياتٍ نووية إلى المملكة العربية السعودية.
وقال: "هذه الإدارة تمضي سراً في محاولة نقل التكنولوجيا النووية إلى السعوديين دون إشراف مناسب وبلا شروط مناسبة".
وأضاف أنَّ الكونغرس عندما يطلب مزيداً من المعلومات منهم، "لا يتحلَّون بالشفافية على الإطلاق، ويتعمَّدون التباطؤ، ولا يُقدمون أي معلومات".
يُذكَر أنَّ هناك نزاعاً قائماً بين إدارة ترامب والكونغرس منذ عدة أشهر، حول علاقة الولايات المتحدة بالسعودية، في أعقاب دور الرياض بالصراع المميت الجاري في اليمن، وأدوار بعض المسؤولين السعوديين في اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في العام الماضي.
إذ تنظر إدارة ترامب إلى السعودية على أنَّها حليفٌ مهم في الشرق الأوسط وثِقَل مُوازِن مهم أمام إيران.
وكذلك فرَض ترامب تنفيذ مجموعة كبيرة من صفقات بيع الأسلحة الأمريكية، على الرغم من معارضة الكونغرس، وهو ما أثار مزيداً من الاستياء بين المُشرِّعين الأمريكيين الذين يضغطون من أجل اتخاذ موقفٍ أقوى، من المملكة العربية السعودية بشأن قضايا حقوق الإنسان.
وفي الشهر الماضي (يونيو/حزيران 2019)، قال السيناتور الديمقراطي تيم كين إنَّ إدارة ترامب أعطت الضوء الأخضر لنقل الخبرة التقنية النووية إلى السعودية 7 مرات، ومن ضمنها مرةٌ بعد أسبوع واحد فقط من مقتل خاشقجي، الذي كان أحد منتقدي الحكومة السعودية، بأيدي مسؤولين سعوديين بالقنصلية السعودية في إسطنبول، في جريمةٍ تعتقد وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أنَّ الأمير محمد بن سلمان هو الذي أمر بتنفيذها.