"أجداد ترامب طردوا من موطنهم الذي كان يسود فيه الاستبداد والدمار، فليعد إذاً ليرى موطنه الأصلي"، كانت هذه كلمات سكان موطن أجداد ترامب الأصلي في ألمانيا.
إذ قوبلت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العنصرية التي وجهها لـ ٤ نائبات ديمقراطيات من اليسار التقدمي من أصول أجنبية (مسلمة) في الكونغرس، بالانتقاد من قبل سكان البلدة الألمانية التي جاء منها أجداده.
موطن أجداد ترامب الأصلي في ألمانيا يدعوه للعودة
فبعد أن دعا ترامب النائبات إلى العودة لبلادهن رغم أنهن أمريكيات، قام عمدة قرية كالشتادت في ألمانيا، التي ينحدر منها أجداد دونالد ترامب من ناحية الأب، الذين كانوا أنفسهم مهاجرين للولايات المتحدة، بالاقتراح على الرئيس الأمريكي زيارة قرية أجداده.
وأعرب عمدة البلدة الألمانية عن أمله بأن يتذكر ترامب من أين أتى هو أيضاً.
واجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عاصفة انتقادات بعد سلسلة تغريدات "عنصرية"، هاجم فيها برلمانيات ديمقراطيات بالكونغرس من عرقيات مختلفة، ووصفهن بأنهن مولودات في الخارج و"يُثرن المشكلات".
وبينما لم يذكر ترامب في تغريداته أسماء محددة، ذكرت وكالة أنباء أسوشيتد برس أنه كان يشير إلى ألكساندريا أوساسيو كورتيز من نيويورك، والنائبتين المسلمتين إلهان عمر من مينيسوتا، ورشيدة طليب من ميشيغان، وآيانا بريسلي من ماساتشوستس.
وكان ترامب قد قال يوم الأحد الماضي على تويتر عن النائبات: "إنهن أتين في الأصل من بلدان ذات حكومات كارثية بالمطلق هي الأسوأ والأكثر فساداً وعدم كفاءة في العالم"، وقال متهكماً إن هؤلاء "يخبرن شعب الولايات المتحدة، أعظم وأقوى أمة على الأرض، كيف يجب أن ندير حكومتنا. لماذا لا يعدن ويساعدن في إصلاح الأماكن الفاشلة التي أتينَ منها حيث تتفشى الجريمة؟".
وتلت تغريدات ترامب تلك، ظهور انتخابي صاح فيه مناصروه بـ "أعدها أعدها"، عندما تحدث عن النائبة الأمريكية من أصل صومالي إلهان عمر.
واعتبر توماس يافوريك عمدة القرية في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية يوم الخميس أن زيارة محتملة لترامب لموطن أجداده الأصلي بقرية كالشتادت، قد تدفعه للتفكير فيما يمكن أن تعنيه أيضاً مصطلحات الهجرة والجنسية والانتماء الوطني. وأكد العمدة أن جد ترامب نفسه كان مهاجراً.
منازل أجداده قد تجعله يتواضع
وقال إن مشاهدة الرئيس الأمريكي منازل أجداده غير المهيبة قد يعيده إلى الواقع. وكان فريدريش ترامب قد ترعرع في منزل غير لافت للنظر يقع في زاوية شارع في كالشتادت، قبل أن يهاجر وهو شاب يافع في عام ١٨٨٥ للولايات المتحدة.
ورغم اقتراحه أن على ترامب زيارة القرية، بدا العمدة غير متحمس للفكرة. حيث قال إنه ليس لديه علم بوجود مخططات لزيارة ترامب القرية، بعد أن قال يافوريك إنه يمكنه تفهم أن التدابير الأمنية الضرورية لمثل هكذا زيارة قد تصيب المواطنين بالفزع.
وكان السفير الأمريكي في برلين ريشارد غرينيل قد صرح في ديسمبر/كانون الأول الماضي إن ترامب يريد المجيء لكالشتادت التي لم يسبق له زيارتها.
أعيدوه إلى بلاده
وكان ترامب قد وجَّه انتقاداتٍ إلى إلهان، مساء أول من أمس، في تجمُّعٍ انتخابي بمدينة غرينفيل، وسط هتافاتٍ من حشدٍ كبير من أنصاره تقول: "أعيدوها"، بحسب ما ذكرته صحيفة New York Post الأمريكية، الأربعاء 17 يوليو/تموز 2019.
ونشرت صحيفة "تاتز" الألمانية اليسارية صورة مركبة لترامب وهو في منزل جده، بعنوان "أعيدوه !"، في إشارة إلى تصريحات عمدة القرية التي يبلغ عدد سكانها ١٢٠٠ نسمة، وتعد من بين أشهر مواقع إنتاج النبيذ في منطقة بفالز.
ليس مرحباً به
وأبدت سيدات من كالشتادت استياءهن من تصريحات ترامب العنصرية أيضاً. فقالت رئيسة الاتحاد النسائي البروتستانتي هناك كورنيليا زايدل لموقع صحيفة راينبفالز اليومية إن ترامب ليس مرحباً به.
واستشهدت بحديثها مع النساء حول ذلك يوم الأربعاء الماضي، حيث قلن إنهن لم يردنه في البلدة.
وذكرت زايدل أن النبرة العامة خلال لقائها السيدات كانت أن ترامب "متحيز جنسياً وعنصري إلى حد الملل".
وعن موقفها الشخصي من زيارة محتملة لترامب، قالت إنها كانت سابقاً ممن كانوا يقولون إن على المرء أن يكون مضيافاً إن جاء، لكن هذا تغير الآن، قائلة: "لا يمكن التعامل هكذا مع أولاد المهاجرين".
من جانبها، قالت بياتريكس ريده رئيسة اتحاد نسائي في كالشتادت إن سكان منطقة بفالز لطفاء مع الجميع، وسيكونون كذلك بالنسبة لترامب.
ولكنها توقعت أن زيارته للقرية مستبعدة للغاية، إن لم ينزل في قاعدة رامشتاين الجوية مرة وواتته فكرة زيارة كالشتادت فجأة.
وأضافت أنها لن ترفض مصافحته إن جاء، موضحة أنه لا ينبغي مقابلة السلوك السيئ بمثله.
ووصفت ريده ردة فعل نائبات الكونغرس الأربع على ترامب بأنها "جيدة"، موضحة أنها لطالما تتضايق مما يقوله ترامب ومن طريقة تعامله مع الناس. وعما تنصح به ترامب إن جاء لكالشتادت، قالت ريده إن عليه أن يشاهد المنزل الذي كان أسلافه يعيشون فيه، وأن يتعرف على المكان والناحية.
لكن رئيسة الرابطة النسائية لا تعتقد أن ترامب سيتأثر بزيارته لكالشتادت ويتعلم منها، قائلة: "إنه لا يتعلم شيئاً. لقد اعتقد مرة أنه من السويد".
إنه رجل مسن
وحاولت مونيكا كوهن عضوة المجلس البلدي في كالشتادت أن تجد تفسيراً لسلوك ترامب، قائلة للصحيفة إن ترامب رجل مسن من جيل لم يتعود على التعامل مع نساء شابات متعلمات بشكل جيد.
ولا تعتقد كوهن أيضاً أن ترامب سيزور كالشتادت في المستقبل القريب، موضحة أن تعاملها معه سيختلف إن جاء كشخص عادي أو سائح وبين كونه رئيساً، مفضلة على أية حال عدم التواجد في القرية خلال ذلك بسبب الإجراءات الأمنية التي تحد من الحركة.
ترامب يتجنب الرد على سؤال حول إعادة زوجته لموطنها
وكانت وسائل إعلام ومغردون قد أشاروا خلال الأزمة الحالية إلى أن النائبة إلهان عمر حصلت على الجنسية الأمريكية في العام ٢٠٠٠ قبل ٦ أعوام من حصول زوجة ترامب، السيدة الأولى ميلانيا عليها.
وكانت مراسلة البيت الأبيض لدى "سي بي إس نيوز" قد قالت يوم الخميس الماضي إنها سألت ترامب إن كان لا يمانع إخبار أحدهم السيدة الأولى ميلانيا أن عليها العودة لبلادها سلوفينيا، فلم يجبها على السؤال.
وسأل مراسل آخر ترامب السؤال نفسه، فتجنب الرد بطريقة مباشرة، بل كانت إجابته مبهمة عامة شن فيها مرة أخرى هجوماً على إلهان عمر والنائبات الأخريات، متحدثاً عن موقفها من إسرائيل، وما قدمته إدارته لإسرائيل من الموافقة على الاعتراف بالقدس عاصمة لها وبسيادتها على مرتفعات الجولان السورية.
قرية أجداده رفضت منحه المواطنة الفخرية
وكانت قرية كالشتادت قد أصبحت منذ الحملة الانتخابية الأميركية في العام ٢٠١٦ قبلة للسياح والصحفيين بشكل خاص، الذين يريدون مشاهدة منزل جد ترامب، وإجراء لقاءات مع السكان، إلا أن صاحب المنزل الحالي ضاق ذرعاً بهم، فعرضه للبيع.
ورفضت كالشتادت في عام ٢٠١٧ طلباً تم تقديمه لمنح ترامب المواطنة الشرفية.
وعندما سألته صحيفة بيلد بعد تسلمه السلطة عن ما يعنيه له أن يكون أجداده من ألمانيا، وأن يجري الدم الألماني في عروقه، قال ترامب "أنه يحب وفخور بألمانيا، وأنه يعتبرها أمراً مميزاً جداً"، مؤكداً أنه سبق وأن زارها. لقد ادعى أن أصوله سويدية
لقد ادعى أن أصوله سويدية
وكانت عائلة ترامب التي تعيش في نيويورك حالياً قد تكتمت منذ الحرب العالمية الأولى على أصولها الألمانية، وادعت أن أصولها سويدية، وأكد ترامب نفسه أنه لم يكن يعلم لفترة طويلة بجذوره الألمانية.
وكان ترامب قد خلط بين والده وجده مجدداً في شهر نيسان الماضي وقال إن والده وُلد في مكان جميل في ألمانيا، رغم أن أباه ولد في ألمانيا، وكان جده من ولد في كالشتادت.
وجده توسل للحصول على الجنسية الألمانية ولكن تم ترحيله
وكانت بيلد نشرت أيضاً في شهر نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٦ خطاباً تم استخراجه من أرشيف الدولة الألمانية على يد مؤرخ، قالت إنه يظهر أن جد ترامب فريدريش توسل للسلطات المحلية لإلغاء أمر صدر ضده بالترحيل، بعد أن كان قد تم تجريده من الجنسية لتهربه من الخدمة العسكرية في شبابه وهجرته بشكل غير شرعي، إلا أن التماسه رُفض.
وقيل إن جد ترامب عاد إلى وطنه عدة مرات في بدايات القرن العشرين، وفي خلال إحدى هذه الزيارات قابل الفتاة التي أصبحت زوجته في نهاية الأمر، وبسبب ارتباطها الشديد بألمانيا اضطر ترامب أن يحاول العودة لمدينته الأولى بكل ما جمع من ثروة، من خلال إدارة الحانات ودور الدعارة في مقاطعة كندية اشتهرت بأعمال التنقيب عن الذهب، لكن كونه منزوع الجنسية دفع السلطات لإصدار أمر بترحيله.