يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزوجته السيدة الأولى ميلانيا ترامب واحداً من أشد المواقف الزوجية إرهاقاً في السياسة، إذ يتعرَّض الزوجان لتدقيقٍ متواصل وتكهناتٍ مستمرة.
ونظراً إلى أنَّ البيت الأبيض لم يشهد طلاقاً قط في أثناء مدةٍ رئاسية، فالكثير من تفاصيل أي انفصال ستكون غير مسبوقة وتتعلق بالزوجين. ونستعرض هنا كيفية حدوث هذا الطلاق، بحسب تقرير لصحيفة Business Insider الأمريكية.
تدقيق متجدد بعد انتقال ميلانيا إلى البيت الأبيض في يونيو/حزيران 2017
ومع أنَّ ميلانيا أصرَّت سابقاً على أنَّ بقاءها في نيويورك بعد تولي ترامب الرئاسة كان بسبب البقاء مع ابنها حتى إكمال السنة الدراسية هناك، فإنَّ تأخُّر انتقالها إلى البيت الأبيض، بعد مرور أكثر من عام على تنصيب ترامب، أثار شائعاتٍ حول وضع زواجهما.
وكذلك أثيرت شائعاتٌ مستمرة حول حالة زواجهما بسبب مقطع الفيديو الذي نشرته صحيفة The Washington Post الأمريكية في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2016، والذي يقول فيه ترامب إنَّه يستطيع "إمساك (النساء) من أماكن حساسة" لأنَّه مشهور، بالإضافة إلى العلاقة التي كُشِفَت لاحقاً والتي ربطت بين ترامب ودفع أموالٍ لإسكات نجمة الأفلام الجنسية ستورمي دانيالز، إذ قال مايكل كوهين، محامي ترامب السابق، إنَّ الأموال دُفِعَت آنذاك بتوجيهٍ من الرئيس الأمريكي.
وأجَّج الزوجان التكهنات المثارة حول وجود مشكلاتٍ زوجية بينهما، إذ بدا أنَّ ميلانيا تنأى بنفسها بعيداً عن ترامب، في ظل تخلفها عن مرافقته في بعض الرحلات، وركوبها سيارةً منفصلة عند الذهاب إلى خطاب حالة الاتحاد، وتجنُّبها أي ذِكرٍ علني لذكرى زواجهما.
ترامب واتفاقات ما قبل الزواج
وبحسب الصحيفة الأمريكية، تجدر الإشارة إلى أنَّ اتفاقات ما قبل الزواج تُعَد شيئاً مألوفاً بالنسبة لترامب، بالنظر إلى ثروته وزيجاته الثلاث، وخوضه طلاقين سابقين.
ويُذكَر أنَّ ترامب قال عن الاتفاقات التي تنص على شروط وفوائد محددة سلفاً بشأن الطلاق: "إنها أداة قاسية ومؤلمة وقبيحة. صدقوني، لا يوجد شيء ممتع فيها. ولكن هناك وقت تضطر إلى أن تقول فيه: حبيبتي، أعتقد أنك رائعة، وأنا أهتم بك بشدة، ولكن إذا لم تنجح علاقتنا، حينها يكون الطلاق" .
ويمكن أن تشمل عقود هذه الاتفاقات أموالاً أو منازل أو أي شيء تراه الزوجة المستقبلية ذا قيمةٍ كافية لحمايتها إذا وقع طلاق. ويمكن كذلك تعديلها خلال مدة الزواج لتتوافق مع ثروات الزوج المتنامية أو زيادة عدد أفراد الأسرة، وغالباً ما تظل سرية حتى الكشف عن الشروط عند توصُّل الزوجين إلى تسوية بشأن الطلاق.
وقد كان الهدف الأساسي من اتفاق ما قبل الزواج بين ترامب وزوجته الثانية، مارلا مابلز، هو تجنُّب الدخول في صراع فوضوي علني كالذي مرَّ به في طلاقه الأول.
إذ أظهرت نسخةٌ من اتفاق ما قبل الزواج بينه وبين مارلا، حصلت عليها مجلة Vanity Fair الأمريكية، أنَّه لم يَخشَ وضع شروطٍ قاسية في حال الطلاق، بما في ذلك قطع نفقة إعالة الطفل في حال حصول الطفل على وظيفةٍ أو انضمامه إلى الجيش، ومنع زوجته السابقة من نشر أي تفاصيل عن الزواج.
ومنَّ المرجح أنَّ ميلانيا احترمت رغبات ترامب الشخصية، إذ قيل إنَّ ترامب أخبر ليز سميث، وهي كاتبة عمود شائعات، بأنَّ المفاوضات بينهما سارت بسلاسة، قائلاً: "الشيء الجميل هو أنها توافق على ذلك. إنها تعرف أنني يجب أن أفعل ذلك"، بحسب الصحيفة الأمريكية.
تغيير شروط الطلاق قبل دخول ميلانيا إلى البيت الأبيض
كان دخول البيت الأبيض منعطفاً غير متوقع في حياة الزوجين معاً، ويعني على الأرجح أنَّهما أعادا التفاوض بشأن اتفاقهما المبدئي الأولي، ولا سيما ميلانيا.
إذ ذكرت جاكلين نيومان -الشريكة الإدارية والمتخصصة في دعاوى الطلاق في مؤسسة Berkman Bottger Newman & Schein- أنَّه من المرجح أنَّ ميلانيا "رفعت سقف الشروط" حين كان من المنتظر أن تصبح السيدة الأولى بسبب التغييرات الواسعة التي كانت ستشهدها في نمط الحياة.
وقالت جاكلين: "مهما كان المبلغ الذي كانت ستحصل عليه (وفقاً للاتفاق المبدئي)، فأعتقد أنها أرادت زيادته، لأنَّهما إذا تطلَّقا الآن أو بعد أن يترك ترامب الرئاسة، ستكون هناك تفاصيل أمنية، وستكون هناك العديد من الأشياء التي ستكون مختلفة تماماً بالنسبة لها بصفتها سيدة أولى سابقة عمَّا لو كانت مجرد زوجةٍ سابقة للمواطن دونالد ترامب" .
موقف ابنهما الوحيد من الاتفاق
نظراً إلى أنَّ ابنهما بارون يبلغ من العمر 13 عاماً فقط، فإنَّ أي اتفاق طلاق سيتضمَّن جزءاً يركز على ترتيبات معيشته في مرحلة المراهقة حتى بلوغه 21 عاماً. وسيجري كذلك التوصُّل إلى اتفاقاتٍ تمنح أحد والديه حق حضانته، وتؤمِّن له موارد الدعم المالي حتى بلوغه السن القانونية
ويُذكَر أنَّ المحكمة أمرت ترامب في طلاقه من زوجته السابقة إيفانا بدفع نققةٍ بلغت حوالي 650 ألف دولار سنوياً لأطفال الزوجين الثلاثة، وهي قيمة مشابهة لما اتفقا عليه في اتفاق ما قبل الزواج، وفقاً لصحيفة The New York Times الأمريكية.
فيما نص اتفاق الطلاق بينه وبين مابلز على أنَّه سيتكفَّل بدفع نفقةٍ سنوية قدرها 100 ألف دولار لابنتهما الصغيرة تيفاني، حتى تبلغ 21 عاماً. وذُكِر في الاتفاق كذلك أنَّ النفقة ستتوقف إذا حصلت تيفاني على وظيفةٍ بدوام كامل، أو التحقت بالجيش، أو انضمت إلى هيئة فيلق السلام.
إمكانية استبدال السيدة الأولى
نظراً إلى أنَّ منصب السيدة الأولى ليس رسمياً، يمكن للرئيس تكليف امرأة أخرى بهذا الدور، حتى لو لم تكن زوجته.
وبالفعل اختار بعض الرؤساء السابقين الذين كانوا أرامل أو عُزَّاباً بناتهم أو بنات إخوتهم لأداء هذا الدور.
وإذا اختار ترامب سيدةً أولى بديلة، فمن المُرجَّح أن يقع اختياره على ابنته الكبرى إيفانكا، وهي مستشارة أولى في الإدارة الأمريكية وتحضر العديد من الفعاليات الرسمية البارزة، وأحياناً ما تُثير حيرة وشعوراً بالحرج لدى البعض. ففي مؤتمر قمة العشرين في العام الجاري 2019، تلقت إيفانكا انتقاداتٍ شديدة لمحاولة إقحام نفسها في محادثةٍ بين بعض قادة دول العالم.
مصير بيتهما المشترك الواقع على سطح برج ترامب
من المرجح إذا وقع طلاق أن يكون ترامب مسؤولاً عن تأمين مكانٍ تعيش فيه ميلانيا وبارون، على افتراض أنهما سيغادران البيت الأبيض عند الطلاق.
ونظراً إلى أنَّ السيدة الأولى ركزت على إنهاء بارون سنته الدراسية قبل الانتقال إلى البيت الأبيض، فربما تُفكِّر بالطريقة نفسها في البقاء في واشنطن حتى يتمكن من العودة إلى مدرسته في نيويورك، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وكذلك فالسيدة الأولى لديها بعض الممتلكات الخاصة بها التي يمكن أن تتضمَّنها الاتفاقات. إذ اشترت ميلانيا شقةً من اتِّحاد مُلَّاك برج ترامب مقابل 1.49 مليون دولار في يناير/كانون الثاني من عام 2016، لكنَّ الغرض منها ما زال غير واضح.
التزام الصمت بعد الطلاق
ذكرت مجلة Vanity Fair أنَّ اتفاقية السرية التي وقَّعت عليها مابلز تُملي عليها ألَّا تنشر "أي يوميات أو مذكرات أو خطابات أو قصص أو صور فوتوغرافية أو لقاء صحفي أو مقال أو تقريرٍ سردي أو وصف أو تصوير من أي نوع، سواء كان يتضمَّن إضافاتٍ خيالية أم لا، تخص (أو يبدو أنَّها تخص) تفاصيل زواج الطرفين" .
وتقول الاتفاقية على أنَّه في حالة خرقها، "سيعاني دونالد أضراراً وخسائر لا يمكن إصلاحها في حالة حدوث أي خرق من هذا القبيل".
ونظراً إلى أنَّ ميلانيا مطلعةٌ على أحداثٍ أكثر حساسية من زوجتي ترامب الأخريين، فمن المرجَّح أنَّها ستلتزم الصمت، ولن تكون مثل العشرات من مساعديه السابقين الذين تحدثوا بعد الرحيل عن الإدارة.