الإنجيليون وترامب.. قصة العشق المتبادل القائم على المصالح

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/07/09 الساعة 09:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/09 الساعة 09:23 بتوقيت غرينتش
شكلت أمريكا الإنجيلية البيضاء واحدة من أهم الكتل الانتخابية وراء ترامب في عام 2016. الصورة: إيفان فوتشي/ AP

تُعتبر شعبية ترامب بين اليمين الديني محيرةً بالنسبة للمتشككين الذين يرون أنَّه يستهدف المُستضعفين في المجتمع -المهاجرين، واللاجئين، والمشردين، والأقليات العرقية والدينية، والآباء والأمهات العازبين، والكادحين الأقل أجوراً- وفي ذلك مثالٌ واضح على النفاق في قلب الحركة الإنجيلية الأمريكي، إذ تُحذِّر أقليةٌ من الإنجيليين أنفسهم من جاذبية ترامب في كنائسهم، كما تقول صحيفة The Guardian البريطانية. فما هو سر هذا الحب لترامب؟

دعم إنجيلي غير مسبوق لترامب

حين صعد دونالد ترامب إلى المنصة الشهر الماضي في مؤتمرٍ ضخم من تنظيم "ائتلاف الإيمان والحرية"، أكبر منظمة للمسيحيين الإنجيليين في البلاد، نال ترحيباً استثنائياً من رئيس المجموعة، رالف ريد.

إذ قال ريد للجمهور: "لقد كان لدينا بعض القادة العظماء. ولكن لم يكن هناك من دافع عنَّا، وحارب من أجلنا، وأحببناه أكثر من دونالد ترامب. لقد رأينا جوهره، فوجدنا فيه كل ما وعد به وأكثر" .

تقول الغارديان: "ملياردير العقارات وزير النساء دونالد ترامب: هل هو أكثر القادة السياسيين المحبوبين في تاريخ المسيحية الأمريكية؟" .

دونالد ترامب في مؤتمر تحالف الإيمان والحرية الإنجيلي في واشنطن/ رويترز
دونالد ترامب في مؤتمر تحالف الإيمان والحرية الإنجيلي في واشنطن/ رويترز

أهم الكتل الانتخابية وراءه

لكن لا شيء يضاهي حرارة الدعم الإنجيلي لترامب. فحين سرَّبت حملة إعادة انتخاب ترامب الأسبوع الماضي تفاصيل خطتها لزيادة الدعم الإنجيلي لترامب في عام 2020، كانت هناك أسباب ضعيفة للشك في أنَّ هذا الجهد قد يفشل.

وقال روبرت بي جونز، الرئيس التنفيذي لمعهد أبحاث الدين العامة (PRRI)، ومؤلف كتاب "نهاية أمريكا المسيحية البيضاء The End of White Christian America"، إنَّ الأمريكيين الإنجيليين البيض شكَّلوا واحدةً من أهم الكتل الانتخابية وراء ترامب في عام 2016.

وأضاف: "لقد شكلوا 26٪ من الناخبين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وصوَّتوا بنسبة 81٪ لصالح ترامب. لقد كنا نتتبَّع مُعدَّل تأييده بين الإنجيليين خلال الفترة التي سبقت الانتخابات، ووجدناه ثابتاً بشكلٍ ملحوظ" .

يشعر الإنجيليون بأنَّ ترامب حافظ على عهده معهم، عبر ترشيح قُضاةٍ مُحافظين للمحاكم الفيدرالية والمحكمة العليا، وعبر دعم ضمني لحظر الإجهاض، وبدعم الجامعات والمنظمات المسيحية التي تعلن اعتراضاً أخلاقياً على زواج المثليين أو منع الحمل، وعبر دعم المعتقدات الدينية في مواجهة قوانين مناهضة التمييز، وعن طريق نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، وغيرها من الإجراءات.

مصالح "الأمة البيضاء المسيحية"

في هذه الأثناء، تطرَّق ترامب إلى التخوُّف الرئيسي للإنجيليين البيض من أنَّهم يفقدون نفوذهم كمجموعة، وأنَّ الشمس تغرب عن الولايات المتحدة التي يحلمون بها في صورة "أمةٍ بيضاء مسيحية" في أغلبيتها وفي جوهرها.

وقال جون فيا، أستاذ التاريخ في كلية المسيح ببلدة ميكانيكسبورج بولاية بنسلفانيا الأمريكية، ومؤلف كتاب "الطريق الإنجيلي إلى دونالد ترامب": "سيتجاهلون طيشه الأخلاقي من أجل وضع أجندتهم السياسية في مكانها… يُريدون استعادة وتجديد وإحياء ما يعتقدون أنَّه كان ثقافةً مسيحية، وأمريكا المسيحية التي فقدوها" . 

وأضاف فيا أنَّ دور ترامب المُتصور في تحقيق هذا الحلم، يفوق تأنيب الضمير لدى الكثير من الناخبين المتديِّنين بسبب مزاعم "اعتداءات ترامب الجنسية أو زيجاته المتعددة أو عبادته المال" .

وتابع فيا: "لا يرون في هذا نفاقاً على الإطلاق. إنَّهم يعتقدون أن ترامب مُعيَّنٌ من الله للحظةٍ مثل هذه. وهم يعتقدون أنَّ الله يستخدم الناس الفاسدين -هناك أمثلة في الكتاب المقدس على هذا- لذا يستدعون هذه الآيات. إنهم يعتقدون حقاً أنَّ الله يُدبِّر الأمور بطرق غامضة، وأنَّه يستخدم شخصاً مثل دونالد ترامب لإنجاز إرادته" .

"ترامب تغيّر ولم يعد فاسداً"

لكن بعض الإنجيليين يذهبون إلى أبعد من ذلك، إذ لم يعودوا يرون مثل هذا الصراع، لأنَّهم يعتقدون أن ترامب لم يَعُد شخصاً فاسداً، بل صار يتمتَّع بنوعٍ من اليقظة الروحية منذ ترشحه للرئاسة.

وقالت السيدة المتقاعدة نانسي ألين، التي تُواظِب على الحضور في كنيسةٍ معمدانية كبيرة في ولاية كارولاينا الشمالية، وألفت كتاب "انتخاب رئيس الشعب، دونالد ترامب": "لقد تغيّر دونالد ترامب. أؤمن بهذا من كل قلبي، لقد تغيَّر. لم يدخل علاقات جنسية أخرى. إنَّه الآن ليس مثالياً، لكن لا يوجد شخصٌ مثالي. نحن نعلم أنَّ قلبه تغيَّر، وأنَّه يحترم معتقداتنا وقيمنا. وأعتقد أن لديه بعض المعتقدات والقيم نفسها" .

وقال جونز إنَّ الدعم بين الإنجيليين البيض لترامب أظهر صلابةً شديدة خلال أكثر اللحظات إثارة للجدل في فترة رئاسته، مُضيفاً: "أعتقد أنَّ الأمر المثير هنا هو أنَّه إذا كان هناك جدل -حول اتهامه بالاعتداء الجنسي، أو الصور المفجعة لأطفالٍ يُفصلون عن والديهم على الحدود ويُحتجزون في ظروف مروعة، أو أي من الأمور الأخرى المثيرة للجدل التي رأيناها-، فإنَّه لم ينجح في هزّ الدعم الإنجيلي الأبيض للرئيس" .

وتعتمد خطة ترامب للحفاظ على الناخبين الإنجيليين في عام 2020 على تصويره في صورة "بطلٍ للقضايا المحافظة اجتماعياً، وتحذير الناخبين الإنجيليين من أنَّ هزيمته يُمكن أن تُدمِّر التقدُّم الذي أحرزه"، بحسب تصريحات مستشار الحملة لموقع Axios.

"عليكم الخروج والتصويت لي"

وبعد ذلك، سيُشجِّع القادة الإنجيليون الذين كانوا من بين أشد المتحمسين لدعم ترامب -مثل ريد، وفرانكلين جراهام، وروبرت جيفريس، وجيري فالويل جونيور، وبولا وايت- أتباعهم على التصويت وجذب زملائهم.

وفي الخلفية، ينتشر التساؤل حول مدى قوة الكتلة الإنجيلية البيضاء في التصويت العام المقبل، إذ قال جونز إنَّ نصيبهم من إجمالي السكان انخفض من 23٪ في عام 2004، إلى 15٪ في عام 2018، لكن حصتهم من الناخبين لم تنخفض؛ لأنَّهم من بين الناخبين الأكثر تأثيراً في البلاد.

وأضاف جونز: "حافظوا على أهميتهم في صناديق الاقتراع، رغم تقلُّص الأعداد، وذلك من خلال الخروج بمعدلات مُشاركةٍ أعلى وأعلى مقارنةً بالأمريكيين الآخرين" . وفي خطابه أمام حشد "الإيمان والحرية"، حذَّر ترامب "المؤمنين من الرضا بما حققوه"، وقال لهم: "عليكم الخروج والتصويت" .

تحميل المزيد