هل تفرض إيران رسوماً على عبور مضيق هرمز؟، في إطار محاولاتها لاستخدام المضيق كأداة ضغط في مواجهة العقوبات التي فرضتها.
فقد ذكّر النائب الإيراني البارز أمير حسين قاضي زاده هاشمي بمشروع قانون يقضي بفرض الرسوم على مرور السفن وناقلات النفط عبر مضيق هرمز مقابل توفير أمن المضيق والخليج.
وقال هاشمي رئيس الكتلة النيابية الخاصة بالإجراءات الاستباقية لمواجهة التهديدات الأمريكية: "إذا كانت إيران هي الحامي الحقيقي للمنطقة والمياه الدولية، ووفقاً للنهج والأعراف الدولية والأمريكية، فإن البرلمان يعتقد أيضاً أن كلفة ذلك يجب أن تدفعها المراكز التجارية وجميع السفن العابرة للمنطقة على شكل رسوم جمركية" .
وفي تلميح إلى نية بلاده مضايقة السفن الأمريكية، قال النائب الإيراني إن هذه الرسوم لن تشمل السفن والمراكز التابعة للدول التي لم تعترف بالعقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على إيران.
وقال إن طهران يمكنها تحديد سقف هذه الرسوم ورفعها أو خفضها أو إلغاؤها بالنسبة لبعض الدول.
وليست أول مرة تقدم إيران نفسها بأنها مسؤولة عن الملاحة في هرمز
فقد سبق أن أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي أن إيران هي المسؤولة عن تأمين مضيق هرمز، في إطار نفيه لمسؤولية بلاده عن الهجوم على الناقلتين في خليج عمان.
وفي الأسابيع الأخيرة، شهدت مياه الخليج ومضيق عمان سلسلة هجمات استهدفت سفنا تجارية وناقلات نفط، لم يتبنّ أي طرف المسؤولية عنها.
ومضيق هرمز ممر بحري ضيق بين إيران وسلطنة عُمان، يصل الخليج العربي بخليج عُمان من جهة، وبحر العرب بالمحيط الهندي من جهة أخرى؛ يبلغ عرضه الأقصى 50 كيلومتراً بعمق 60 متراً، وعرض ممري الدخول والخروج فيه 10.5 كيلومترات فقط، وتمر من خلاله ما بين 20 إلى 30 ناقلة نفط يومياً قادمة من السعودية التي تصدر حوالي 88% من إنتاجها النفطي عبر المضيق، ونسب أعلى لكل من العراق والإمارات، في حين تصدر الكويت وقطر كل نفطها عبر المضيق.
ويستوعب مضيق هرمز حركة النفط بحوالي 30 إلى 40% من تجارة النفط عبر البحار في العالم بمعدل يزيد على 17 مليون برميل يومياً؛ ولا توجد بدائل متاحة عن المضيق لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعراق لتصدير النفط من موانئ الكويت وقطر والبحرين وبعض الموانئ السعودية والعراق.
على الرغم من ضيق الممر القابل للإبحار الذي يبلغ عرضه 10 كيلومترات فإن إغلاق مضيق هرمز ليس كإغلاق أي طريق عادي؛ إذ أن عملية الإغلاق تتطلب اللجوء إلى الخيارات العسكرية التي من شأنها جعل هذا الممر غير آمن للملاحة البحرية، وهذا ما حدث فعلا خلال الحرب العراقية الإيرانية.
هل تفرض إيران رسوماً على عبور مضيق هرمز؟، وهل من حقها ذلك؟
المقولة الشائعة أن مياه المضيق بالخليج العربي دولية بامتياز.
ومن شأن أي إغلاق له أن يؤثر على الملاحة التجارية الدولية وليس فقط الإقليمية، وفق تصريحات أدلى بها المتحدث باسم القيادة الوسطى الأمريكية العقيد إيريل براون.
وتلتزم الولايات المتحدة والدول الحليفة بحماية حرية الملاحة البحرية ومسار القنوات المائية التجارية العالمية بالمنطقة، مع استعدادات لمواجهة أي تهديدات تتعرض لها حرية الملاحة الدولية.
ولكن الواقع أن الوضع القانوني لمضيق هرمز يختلف عن العديد من المضائق.
ولكن الواقع أنه ليس لإيران شيء في هرمز
فمياه سلطنة عمان الإقليمية تغطي كامل المساحة المائية للمضيق، وبالتالي لا يتوافر فيه ممر من مياه البحر العالي على امتداده.
رغم أن مضيق هرمز يصل بين البحر العالي (البحر العالي هو الجزء الخارج عن المياه الإقليمية للدول) لخليج عمان بالبحر العالي للخليج العربي، إلا أن الممر الملاحي فيه يقع كله في المياه الإقليمية العمانية.
ويجب ملاحظة أن الممر الملاحي للمضيق هو الجزء الصالح للمياه في المضيق وليس كل المضيق.
فبالنسبة لسلطنة عمان فإن مضيق هرمز يعد جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي وامتداد لسيادتها الوطنية، حيث يعد من الناحية الاستراتيجية والامنية (مضيقاً عمانياً يستخدم للملاحة الدولية وينطبق عليه حق المرور العابر وحق المرور البريء الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في المادة 36 لعام 1982م.
وباستثناء حق المرور العابر(نظام للمرور للمضائق التي تصل بين بحار عالية وإقليمية) فإن المضيق يخضع كلياً لما تخضع له باقي المجالات البحرية العمانية، نظراً لوقوع الممرات البحرية لمضيق هرمز في المياه الإقليمية العمانية بحيث تمارس السلطنة عليه سيادتها على المجالات البحرية العائدة لها والقاع وما تحت القاع وعلى الحيز الجوي الواقع فوق هذه المجالات.
غير أن ممارسة هذه السيادة يجب ألا تمس بحقوق الدول الاجنبية في المرور العابر. وفي هذا السياق وقعت سلطنة عمان وإيران بلاغاً مشتركاً في مارس/آذار 1974 للتعاون المشترك من أجل الاستقرار وسلامة الملاحة عرف باسم الدوريات المشتركة، واتفاقيات تحديد الجرف القاري في يوليو/تموز من العام 1974م).
وإيران حاولت نيل اعتراف العالم بمسؤوليتها بالأمن عنه
وعلى الرغم من أهمية مضيق هرمز، فلم يتم حتى الآن تنظيم الملاحة في المضيق في اتفاقية دولية خاصة. ولكن جرى العرف على احترام حرية مرور جميع السفن عبره من دون قيد أو شرط، ومن دون أن ينال ذلك من النظام القانوني للمياه التي يتكون منها المضيق، وهي المياه الإقليمية لكل من الدولتين المطلة على مضيق هرمز: إيران وسلطنة عمان.
وفي مؤتمر قانون البحار (جنيف 1958 – 1960م): حاولت إيران خلال المؤتمر الأول والثاني لانعقادهما لوضع "قانون البحار"، واللذين عُقدا تحت راية الأمم المتحدة، المطالبة بحقها في الإشراف على مضيق هرمز باعتباره يقع ضمن مياهها الإقليمية، إلا أن طلبها رُفض من قِبل جميع المشاركين. وفي مؤتمر قانون البحار (30 أبريل 1980م): طالبت إيران مجدداً بحقها في الإشراف على مضيق هرمز، إلا أن طلبها رُفض كلياً وللمرة الثالثة. حتى جاء القانون الدولي لحماية المضائق البحرية في أبريل 1982م.
حرب المضايق.. التهديدات الإيرانية بعد واقعة جبل طارق
التهديدات الإيرانية جاءت بعد فترة قصيرة من إعلان حكومة إقليم جبل طارق التابعة لبريطانيا احتجاز ناقلة نفط عملاقة للاشتباه في كونها تنقل نفطاً خاماً إلى ميناء بانياس السوري، وذلك بدعوى الاشتباه في مخالفتها عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد سوريا.
الخطوة قوبلت من الخارجية البريطانية بالترحيب والإشادة بعمل سلطات جبل طارق.. فيما كشفت الخارجية الإسبانية أن وقف ناقلةِ النفط جاء بطلب وجهته الولايات المتحدة إلى بريطانيا..
من جانبها اعتبرت طهران أن احتجاز الناقلة إجراء مدمر سيزيد من حدة التوتر في المنطقة.
فهل تجرؤ إيران أن تعترض السفن في مضيق هرمز كما فعلت سلطات مستعمرة جبل طارق البريطانية مع سفينتها في مضيق جبل طارق؟
بصرف النظر عن تهديدات النائب الإيراني، وحديث طهران عن مسؤوليتها عن الأمن بمضيق هرمز فإن قيام البحرية الإيرانية باعتراض مباشر للسفن تحت أي ادعاء سيتيح الفرصة للبحرية الأمريكية للتدخل مع ملاحظة تفوقها الساحق على نظيرتها الإيرانية.
لذا تظل المواجهة غير المباشرة هي الطريقة المفضلة لإيران، فهي تؤذي خصومها اقتصادياً، وفي نفس الوقت تجنبها مواجهة مباشرة أكبر منها.