هل اقتربت إيران فعلاً من امتلاك السلاح النووي؟

أكدت إيران، الإثنين، الأول من يوليو/تموز 2019، أنها خرقت الحد المسموح به من مخزونها من اليورانيوم المخصب الذي حددته الاتفاقية النووية لعام 2015، مما يجدد مخاوف إمكانية امتلاك طهران ما يكفي من اليورانيوم اللازم لصنع الأسلحة،

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/07/03 الساعة 10:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/03 الساعة 11:48 بتوقيت غرينتش
المفاعل النووي الإيراني في منطقة بوشهر

أكدت إيران، الإثنين، الأول من يوليو/تموز 2019، أنها خرقت الحد المسموح به من مخزونها من اليورانيوم المخصب الذي حددته الاتفاقية النووية لعام 2015، مما يجدد مخاوف إمكانية امتلاك طهران ما يكفي من اليورانيوم اللازم لصنع الأسلحة، في غضون أشهر، واستخدامه في صنع قنبلة نووية.

وقد صعَّدت طهران مؤخراً من ضغوطها على الملتزمين المتبقين بالاتفاق النووي ليقدموا لها ما يمكن اعتباره تخفيفاً لحملة "الضغوط القصوى" التي يشنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. 

وتقول مزاعم إن إيران هاجمت ناقلات نفط في خليج عُمان وأسقطت مؤخراً طائرة استطلاع أمريكية مُسيَّرة، مما كاد يؤدي إلى هجوم صاروخي أمريكي أجهضه ترامب في اللحظة الأخيرة، بحسب مجلة Foreign Policy الأمريكية. 

الخلاصة 1: لكن الخبراء يقولون إن هذا الخرق أقرب إلى خطوة رمزية من كونه خطوة ملموسة نحو امتلاك سلاح نووي. ورغم أن معظمهم يتفق على أن إيران لديها الخبرة والقدرة لصنع مثل هذا السلاح في نهاية المطاف، فلا يبدو واضحاً أن طهران لديها النية أو حتى ترى أنه من الضروري أن تفعل.

قالت كيلسي دافنبورت، مديرة سياسة منع الانتشار النووي في رابطة الحد من الأسلحة: "هي ليست خطوة اندفاعية لصنع قنبلة نووية. بل هي خطوة محسوبة تهدف إلى اكتساب القدرة على التأثير في المفاوضات مع الأوروبيين وروسيا والصين بشأن تخفيف العقوبات".

في المقابل يهدد النظام الإيراني أيضاً بتعليق التزامات أخرى وردت في اتفاق عام 2015 في غضون أيام فقط، ما لم تخفف القوى الأوروبية من العقوبات.

الخطوات التي يجب على إيران اتخاذها لصنع قنبلة نووية

يحدد اتفاق عام 2015 سقف مستويات اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء تبلغ 3.67% لدى إيران -الذي يسمى "اليورانيوم منخفض التخصيب" وهو المُستخدم في إنتاج الوقود للمفاعلات النووية الخاصة بتوليد الكهرباء- عند 300 كيلوغرام. ولكن لا يزال هناك عدد من الخطوات التي يتعين على إيران اتخاذها لصنع قنبلة، مثلما أوضحت كيلسي.

  1. إذ ستحتاج طهران إلى 1050 كيلوغراماً من اليورانيوم المنخفض التخصيب لصنع قلب قنبلة واحدة، بحسب جو سيرينسيوني، رئيس صندوق بلوشيرز. 
  2. بعد ذلك، سيتعين على إيران أن تزيد تخصيبه، إلى نسبة نقاء تبلغ 90%، باستخدام أجهزة الطرد المركزي حتى يصبح في حوزتها حوالي 25 كيلوغراماً مما يسمى بـ "اليورانيوم عالي التخصيب".
  3. ويقدر الخبراء أن الأمر سيستغرق حوالي عام حتى تتمكن طهران من تخصيب ما يكفي من اليورانيوم اللازم لصنع قنبلة نووية، وتسمى هذه المرحلة أيضاً "نقطة الخطورة والانطلاق النووي" . 

وقالت كيلسي إن حقيقة أن إيران تجاوزت حد الـ 300 كيلوغرام لا تغير هذا الجدول الزمني بدرجة كبيرة، لكنها يمكن أن تختصر هذه المدة (عام واحد) إذا انتهكت بنوداً أخرى من اتفاق عام 2015. 

قبل اتفاق عام 2015، كان لدى إيران أكثر من 10 آلاف كيلوغرامات من اليورانيوم منخفض التخصيب، ولكن كان يتعين عليها شحن 98% منه خارج البلاد، وفقاً لسيرينسيوني.

  1. فور امتلاك إيران ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في تصنيع الأسلحة لصنع قلب قنبلة نووية، سوف يتعين عليها بعد ذلك تحويل هذا اليورانيوم من غاز إلى معدن، وتزويده بحزمة مواد متفجرة لتحفيز تفاعل انشطاري، ومن ثم تثبيته على صاروخ باليستي، بحسب ما تقوله كيلسي.

ويقدر الخبراء أن الانتقال من مرحلة "نقطة الانطلاق النووي" إلى مرحلة امتلاك سلاح نووي فعلي قابل للاستخدام قد يستغرق ما بين بضعة أشهر وسنة أخرى. 

هل لدى إيران القدرة والإرادة على صنع سلاح نووي؟ 

المعلومات الأخيرة حول مشروع آماد -وهو برنامج إيران النووي السري- تشير إلى أن إيران كانت تُشيِّد المنشآت اللازمة عام 2003، بما في ذلك مشروع شهيد بوروجردي في مجمع بارشين العسكري. 

إنه من المحتمل أن مثل هذه المنشآت لا تزال قائمة أو يمكن إعادة بنائها بسرعة كافية، مما يقلل من الوقت الذي ستحتاجه إيران لصنع سلاح نووي كامل، بحسب ما يقوله أولي هاينونين الذي ينتمي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.

مسؤول أمني إيراني يتحدث إلى الصحفيين أمام مفاعل بوشهر النووي/ رويترز
مسؤول أمني إيراني يتحدث إلى الصحفيين أمام مفاعل بوشهر النووي/ رويترز

وأكدت كيلسي أنه في حين أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية قد قدرت في عام 2007 أن إيران قد أصبحت على معرفة كاملة بالخطوات اللازمة لصنع سلاح نووي، بما في ذلك إجراء أبحاث حول إرفاق رأس حربي نووي بأنواع معينة من الصواريخ الباليستية، فإن النظام لم يختبر هذه القدرة فعلياً.

ويتفق الخبراء على أن إيران لديها القدرة على صنع قنبلة نووية في نهاية المطاف، لكن مسألة ما إذا كان النظام سيصنعها فعلياً أم لا مختلفة كلياً. 

إذ قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أواخر الشهر الماضي، إن إيران لن تسعى مطلقاً إلى امتلاك سلاح نووي، بحجة أن الإسلام ينهاهم عن ذلك، فيما يمكن أن نعتبره إشارة للبيت الأبيض بأن طهران مستعدة لإجراء مزيد من المحادثات.

ماذا سيحدث إذا امتلكت إيران سلاحاً نووياً؟

وقال اللواء البحري المتقاعد جون ميلر، الذي شغل منصب قائد الأسطول الخامس الأمريكي، إن إيران تدرك على الأرجح أن الحصول على سلاح نووي لن يوفر الكثير من المزايا العسكرية.

وقال ميلر: "دعنا نفترض فحسب أن إيران، بعد عامٍ من الآن، أصبحت تملك سلاحاً نووياً، ماذا سيحدث بعد ذلك؟ ما سيحدث هو أن السعوديين سيكون لديهم سلاح نووي. وإسرائيل قوة نووية، وأصبح لديك الآن قوتان نوويتان في الخليج. فما الذي سيفيدك به ذلك فيما يتعلق بالهيمنة العسكرية الفعلية؟ إنه لا يفيد إيران بأي شكل من الناحية العسكرية على المدى الطويل".

لكن كيلسي تحذر من إمكانية تغيُّر الحسابات في طهران، خاصة إذا قررت الولايات المتحدة تنفيذ ضربة عسكرية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية. وفي هذه المرحلة، يمكن لإيران أن تقرر أنها بحاجة إلى سلاح نووي لردع أي عمل عدواني أمريكي في المستقبل.

الموعد الذي سيحدد فعلياً نية إيران امتلاك سلاح نووي

يمكن أن يظهر في الأسابيع القليلة المقبلة ما يشير إلى ما إذا كانت طهران قد قررت فعلياً امتلاك سلاح نووي أم غير ذلك. إذ إن الموعد النهائي التالي هو 7 يوليو/تموز، وهو الموعد الذي قالت إيران إنها ستبدأ بعده زيادة مستويات التخصيب إلى أكثر من 3.67% إذا لم تُخفف العقوبات.

وقالت كيلسي: "هذا خطر أكبر حول انتشار السلاح النووي؛ لأنه يعني أنها ستبدأ في التقليل بسرعة أكبر من الجدول الزمني لنقطة الانطلاق النووي".

تتعلق الخطوة الأخرى التي قد تسرع الجدول الزمني بتثبيت أجهزة طرد مركزي إضافية، وهو ما ينتهك بنداً رئيسياً آخر في صفقة 2015. 

قال سيرينسيوني إن إيران كان لديها قبل الاتفاق أكثر من 19 ألف جهاز للطرد المركزي يمكن أن تستخدمها لتحويل اليورانيوم منخفض التخصيب إلى يورانيوم عالي التخصيب في غضون بضعة أسابيع فقط. لكن كل ما تملكه الآن يتراوح بين 3,000 و 4000 جهاز قابل للعمل.

ويعتقد هاينونين أن تركيب بضعة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة قد يؤدي إلى تقليل وقت مرحلة نقطة الانطلاق النووي إلى أقل من أربعة أشهر.

وقالت كيلسي إن إيران لم تظهر أي علامات حتى الآن على أنها ستنصب أجهزة طرد مركزي إضافية تتجاوز حدود الاتفاق.

بيد أنه في حال حدوث ذلك، فإن آليات الرصد والتحقق الموضوعة في الموقع بموجب الصفقة ستنبه الأطراف المتبقية في الصفقة على الفور.

ويعتقد ميلر أن الانتهاكات الأخيرة، وهجمات إيران على ناقلات النفط في الخليج، تهدف إلى الضغط على الأوروبيين لتخفيف العقوبات. لكنه قال إنه من المرجح أن تثبت هذه المحاولات فشلها في نهاية المطاف.

وشدد ميلر على أن الولايات المتحدة تشكل ما بين 35 إلى 37% من الاقتصاد العالمي، فيما يبلغ نصيب إيران نصفاً في المائة فقط، مضيفاً أنه من الصعب للغاية التعامل مالياً مع إيران؛ لأن مصارفها معقدة وفاسدة.

الخلاصة: قال ميلر: "ربما يفضل الأوروبيون البقاء مع إيران على الولايات المتحدة، وذلك إذا اعتقدوا أن هذا هو الإجراء الصحيح أخلاقياً، وإذا كان [ذلك] طريقاً مجدياً لتحقيق تقدم اقتصادي. لكنهم يعلمون أنه ما من طريق ممكن لتحقيق تقدم اقتصادي. والآن لم يعد هناك واجبات أخلاقية لأن الإيرانيين انتهكوا الاتفاق".

تحميل المزيد