ربما بدا أشرف الجعبري، وهو رجل أعمال غير معروف كثيراً من مدينة الخليل الفلسطينية، ممثلاً غير مألوف للفلسطينيين، في الخطوة الأولى من جهود بناء السلام في الشرق الأوسط، التي تقودها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي كانت بعيدة كل البعد عن المألوف.
انضمّ الجعبري إلى مجموعة منتقاة من الحاضرين في اجتماع مدته يوم ونصف اليوم في العاصمة البحرينية، المنامة، حيث كشف صهر الرئيس ترامب، جاريد كوشنر، عن رؤية البيت الأبيض لما يمكن أن تبدو عليه المنطقة، في حال استطاع الإسرائيليون والفلسطينيون تحقيق السلام بينهما، مما يسمح باحتمالية ضخّ 50 مليار دولار من الاستثمارات المقترحة للمنطقة.
شخصيات حضرت المؤتمر لا تعرف سبب دعوتها إليه
وُجهت الدعوات لـ300 شخصية، وكان من بين الحضور الطفل الإماراتي البالغ من العمر 15 عاماً، الملقب بالطفل المعجزة، كما شارك رئيس البورصة الهندية وحاخامات أمريكيون في أنشطة الحوار بين الأديان في منطقة الخليج العربي، بحسب ما نشرته صحيفة The Washington Post الأمريكية.
وقال بعض المشاركين، الذين ليس لديهم صلة تذكر بالمنطقة، إنَّهم لم يعرفوا سبب دعوتهم، لكنّهم كانوا متحمسين.
وكان من بين المتحدثين مُمثّلون عن شركة Blackstone الأمريكية للاستثمار في الأسهم الخاصة، وشركة DHL لخدمات البريد السريع، وملياردير نيجيري قال إنَّه على الرغم من أنَّه لم يزر الضفة الغربية وقطاع غزة، كان سعيداً بمشاركة نهجه المُجرّب لدعم رواد الأعمال الشباب.
أوضح كوشنر: "لقد صمَّمنا هذا المؤتمر على أساس محاولة عدم إحضار وزراء خارجية أجانب إلى هنا، لأنَّ ما وجدته هو أنَّه كلما تعاملت مع مجتمع السياسة التقليدي بشأن هذا الموضوع، وجدت الأشخاص عالقين في إطار عمل لا يبدو أبداً أنَّه سيمضي قدماً نحو تحقيق أي شيء".
تنظيم القمة، التي عُقدت بفندق Four Seasons في المنامة، وهو مبنى ضخم يقع على جزيرة خاصة بمساحة 12 فداناً في المياه الفيروزية لخليج البحرين، أُسند إلى شركة Richard Attias & Associates، شركة الاتصالات العالمية، وهي التي قامت بتنظيم مؤتمر "دافوس الصحراء" السعودي.
ورفض مسؤول بالبيت الأبيض التعليق مباشرة على هوية مُموّل هذا الحدث، والذي حجز الفندق بالكامل المكوّن من 273 غرفة لمدة يومين.
لا مكان للسياسة في المؤتمر
ومن خلال دعوة مجتمع الأعمال ووزراء المالية، استطاع كوشنر –كما قال- العثور على مزيد من الأشخاص الذين يرون المشكلة "بنفس الطريقة التي يراها بها بصفتها في الواقع "مشكلة يُمكن حلها اقتصادياً".
تجنّب المتحدثون إلى حدٍّ كبير الحديث عن المسائل السياسية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وقال كوشنر إنَّ "الهدف كان الحفاظ على خلو هذا المؤتمر تماماً من السياسة".
ويخطط البيت الأبيض لطرح البنود السياسية لمبادرة السلام علناً في وقتٍ لاحق، فقد قال جيسون غرينبلات، مبعوث البيت الأبيض للسلام في الشرق الأوسط، إنَّه كان يأمل في إعلان الخطة السياسية في مؤتمر البحرين، لأن فريق البيت الأبيض "عمل عليها بِجد، لكن قرار إسرائيل بالدعوة إلى انتخابات جديدة في شهر سبتمبر/أيلول قد غيَّر حساباتنا بالتأكيد".
ووصف غرينبلات اقتراح "حل الدولتين" المطروح منذ فترة طويلة، بأنَّه "شعار الماضي". في المقابل، تضع الخطة الاقتصادية الأمريكية المُقترحة تصوّراً "لحدود مفتوحة" لكن من دون توضيح لكيفية تحقيق ذلك.
وقال إنَّه "إذا لم تلق تلك المقترحات السياسية الأمريكية زخماً، لست متأكداً من أنَّه سيتوافر لدينا الوقت الكافي لضمان تعهدات مالية قيمتها 50 مليار دولار في استثمارات مقترحة".
لكن رجل الأعمال الفلسطيني، أشرف الجعبري، تطرَّق أخيراً إلى السياسة في جلسة عُقدت بعد ظهر يوم الأربعاء 26 يونيو/حزيران 2019، حول "تطوير بيئة أعمال تجارية محلية مزدهرة".
ورداً على سؤال من الصحفي البريطاني، نيك غوينغ، الذي وصف خطة كوشنر في أسئلته بأنَّها "مقترحات صارمة للغاية صيغت في وثيقة مُفصّلة للغاية مع ملحق هائل من البيانات"، بشأن ما إذا كانت الخطة قد تحقق له استفادة شخصياً، أجاب الجعبري: "يمكنها تحقيق ذلك إذا امتلك الفلسطينيون دولة".
حضور الإسرائيليين للبحرين لن يمر مرور الكرام
سافر حوالي 20 إسرائيلياً -رجال أعمال وصحفيين- إلى ورشة عمل البحرين، وقال المُنظّمون إنَّ جدوى حضورهم يجب ألا تمر مرور الكرام.
وكان الملياردير الإسرائيلي الكندي، سيلفان آدمز، قد وصف اجتماعه صباح يوم الأربعاء مع ولي العهد البحريني سلمان بن حمد آل خليفة بأنَّه "رائع".
وأوضح آدمز أنَّه "ثمة مسار لما أفعله وأنا أحاول متابعة هذا المسار".
ويتلخَّص هذا المسار على بطاقات أعماله المكتوب عليها "سفير إسرائيل المُعيّن ذاتياً". إذ كان الملياردير الإسرائيلي قد تطوَّع بتحمُّل تكاليف مشاركة النجمة العالمية مادونا في حفل غنائي في إسرائيل، الشهر الماضي، وهو نفس الرجل الذي سبق ودفع من أجل استضافة إسرائيل لسباق الدراجات الهوائية العالمي Giro d'Italia في عام 2018. وقال آدمز إنَّه أجرى مناقشات "بنّاءة" مع ولي العهد البحريني بشأن مشاريع مشتركة.
واستغلَّ صحفي يعمل لدى صحيفة Times of Israel الفرصة لتنظيم صلاة الصباح في كنيس المنامة، مكان العبادة الخاص بأتباع الديانة اليهودية في البحرين.
وكتب غرينبلات، الذي حضر الصلاة، على موقع تويتر في وقتٍ لاحق: "هذا مثال على المستقبل الذي يمكننا بناؤه معاً".
ومن جانبها، قالت ديانا بوتو، المستشارة القانونية للفريق الفلسطيني خلال مفاوضات اتفاقات أوسلو في عام 1993، إنَّ الفلسطينيين مجرد "قطعة شطرنج" عالقة وسط تحرّكات وجهود تهدف بالفعل إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية في منطقة الخليج العربي، التي تتشارك دولها تهديد التوسّع الإيراني.
وأضافت ديانا: "إذا اعتقدوا أنَّهم يستطيعون جمع الأموال، فهم متوهمون، لكنني أعتقد بشدة أنَّ ذلك ليس الهدف الأساسي. بالنسبة لي، الأمر كله متعلّق بإيران".