الرجل الذي خشي نظام الأسد مِن صوته.. مَن هو الساروت الذي خسرته المعارضة السورية؟

"خسرت الثورة السورية حارسها"، بهذه العبارة نعى المعارضون السوريون، اليوم السبت 8 يونيو/حزيران 2019، وفاة الناشط والمقاتل البارز المعارض لنظام بشار الأسد، عبدالباسط الساروت، بعد إصابته في المعارك بريف حماة.

عربي بوست
تم النشر: 2019/06/08 الساعة 12:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/08 الساعة 13:22 بتوقيت غرينتش
عبد الباسط الساروت خلال ظهوره في فيلم العودة إلى حمص - مواقع التواصل

"خسرت الثورة السورية حارسها"، بهذه العبارة نعى المعارضون السوريون، اليوم السبت 8 يونيو/حزيران 2019، وفاة الناشط والمقاتل البارز المعارض لنظام بشار الأسد، عبدالباسط الساروت، بعد إصابته في المعارك بريف حماة.

وكان الخبر صادماً للمعارضة التي رأت في الساروت الشاب البالغ من العمر 27 عاماً أنه من "آخر ما تبقى من رموز الثورة"، لكونه شخصاً يتمتع بشعبية كبيرة بين أنصار المعارضين للأسد، فضلاً عن خوضه كفاحاً طويلاً ضد النظام منذ اندلاع الاحتجاجات في عام 2011.

والساروت ابن حي البياضة في محافظة حمص وسط سوريا، والذي وُلد فيه في الأول من يناير/كانون ثاني عام 1992، ويقول معارضون سوريون إن الساروت كثيراً ما ألهم المعارضين الأسد عندما كان يشارك في المظاهرات على أكتاف المتظاهرين، فلم يقتصر نشاطه على محافظة حمص، بل شارك في مظاهرات بإدلب وحلب.

وخشي نظام الأسد من صوته، واعتبره أحد أخطر المعارضين له بسبب قدرته على تحريك الشارع، فضلاً عن أنه جذب اهتمام الصحافة الأجنبية للثورة السورية. وفي عام 2014 عرض التلفزيون الألماني ZDF أغنية "جنة جنة" التي غنّاها الساروت.

الكومبس – فيديو: مجموعة من الشباب السوريين يشكرون الحكومة الألمانية بطريقتهم، على شاشة التلفزيون الرسمي الالماني، ويقدمون رسالة حب وأمل بالسلام ..والحضور يصفق لأغنية "جنة يا وطنا".#الكومبس #سوريا #ألمانيا

Gepostet von ‎AlKompis الكومبس‎ am Freitag, 21. November 2014

من ميدان الكرة إلى أكتاف المتظاهرين

تعود تسمية الساروت بـ "حارس الثورة" لكونه كان حارس مرمى ماهراً لمنتخب شباب سوريا لكرة القدم، ونادي "الكرامة" الحمصي.

وبينما كان اللاعب يبني مستقبله الكروي، قرر مع بداية الاحتجاجات المشاركة في أوائل المظاهرات التي خرجت ضد النظام في محافظة حمص، التي تعرضت فيما بعض لهجوم بسياسة "الأرض المحروقة" من قبل النظام وحلفائه، أفضت بالنهاية إلى إعادة النظام لسيطرته عليها بالكامل في عام 2017، بعد تدمير أجزاء واسعة منها، وقتل عدد كبير من سكانها، وتهجير آخرين.

وقال الساروت في لقاء مع صحيفة سورية في عام 2016، إنه لم يشارك في السياسة يوماً، كما كان أغلب الشعب مغيباً عن السياسة، "كنت في بداية الثورة لاعب كرة قدم لم يكن لديّ اهتمامات سياسية، وعندما شاهدت في بداية الحراك السلمي الظلم الذي كان يواجهه الشعب السوري من هذا النظام المجرم، انخرطت بالثورة".

وأشار الساروت حينها إلى أن النظام رصد مكافأة مالية لمن يقتله، أو يأتي به حياً، لكن ما ساعده على تجنب أحد السيناريوهين آنذاك "الحاضنة الشعبية من سكان حمص المدينة وريفها"، التي مكّنته من الهرب مراراً من قوات الأمن والجيش.

وأطلق سوريون على الساروت لقب "منشد الثورة"، و "بلبل الثورة"، بعدما تحوّلت هتافاته في الاحتجاجات إلى أناشيد تناقلها السوريون على نطاق واسع، ومن أشهرها إلى جانب أغنية "جنة جنة يا وطنا"، "يا يما ثوب جديد"، و "حرام عليك"، وكانت آخر أغنية سجلها نهاية أيار الماضي بعنوان: "سوريا ظلي واقفة".

خسارة أفراد عائلته

ودفع الساروت وأسرته ثمناً غالياً لقاء معارضتهم لنظام الأسد، حيث قتلت قوات الأخير 4 من أشقاء الساروت، وهم: وليد الذي قتل في الخالدية عام 2011، محمد الذي قتل أوائل عام 2013، وأحمد وعبدالله اللذين قتلا في 9 يناير/كانون الثاني 2014 في حادثة المطاحن.

كذلك قتل النظام 4 من أخواله، وتعرّض الساروت مراراً لمحاولات اغتيال من قبل النظام، وأصيب في العديد من المعارك، كما عاش لفترة طويلة وسط حصار شديد من قبل نظام الأسد وحلفائه في حمص، وخاض فيها معارك عنيفة ضد النظام في عام 2014.

ودفعت أحداث الحصار القاسية المخرج طلال ديركي إلى تصوير فيلم "العودة إلى حمص" التي تحدثت عن فترة الحصار، وتخلل الفيلم مقابلات مع الساروت التي خسر حينها العشرات من مقاتلي كتيبته التي أُطلق عليها اسم "كتيبة شهداء البياضة".

الساروت في ميدان المعارك

بعد أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا، دفع العنف المفرط من قبل النظام المعارضين له إلى حمل السلاح، وكان من بينهم الساروت، الذي أسس في البداية "كتيبة البياضة".

وبعد عمليات التهجير الواسعة التي حصلت في حمص وخسارة المعارضة مناطقها هناك، انتقل الساروت إلى إدلب في الشمال السوري، ولاحقت الساروت اتهامات بالانضمام إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في عام 2015، لكنه نفاها في مقطع فيديو.

ومع بداية 2017، أعلن الساروت انضمامه إلى صفوف "جيش العزة" وهو فصيل يتبع للجيش السوري الحر، وأحد أبرز فصائل المعارضة التي تقاتل الأسد حتى الآن.

وقاد الساروت "لواء حمص العدية" ضمن "جيش العزة"، وشارك في المعارك الدائرة مؤخراً في ريف حماه، والمستمرة حتى الآن ضد النظام، وخلالها أصيب ونُقل إلى المستشفى قبل أن يفارق الحياة اليوم السبت.

تحميل المزيد