ما حدث للروح التي كانت تقف وراء عملية نورماندي التي تعد أكبر عملية إنزال بحري في التاريخ؟
كانت هذه كلمات قالها صبي بريطاني كان شاهد عيان على التحضيرات التي جرت لهذه العملية قبل 75 عاماً.
هذا الصبي هو كلايف إيرفنغ، الذي أصبح الآن استشاري تحرير بمجلة Condé Nast Traveler المتخصصة في الطيران، والذي كتب بمقال في موقع The Daily Beast الأمريكي عما رآه خلسة خلال عملية الإعداد للمعركة، وكيف غيرت هذه المعركة بريطانيا، بل العالم للأبد.
طائرات منزوعة الأجنحة مخفية في بلدتنا
يقول إيرفنغ: في أواخر ربيع عام 1944، كان صبيٌ في الحادية عشرة من عمره يقود دراجته في ممرٍ ريفي بجنوب إنجلترا، عندما رأى شيئاً غير عادي لدرجة أنَّه ظنَّه سراباً.
فبين صفوف الأشجار في بستان تفاح، كانت هناك طائرات عسكرية بلا أجنحة مغطاة بشِباك التمويه، كغيره ممن كانوا في عمره ببريطانيا في أثناء الحرب، تعلَّم الصبي كلايف إيرفنغ التعرف على أنواع الطائرات الحربية، على الرغم من أنَّه في مرةٍ ارتكب خطأ مخجلاً، وتعرف خطأً على طائرة في سماء المنطقة وظنَّ أنَّها بريطانية، فقط لتُفتح بعدها أبواب حاضنات القنابل، وتُفرغ حمولتها على سكة حديد قريبة.
هذه المرة، تعرّف بشكلٍ صحيح على الآلات التي تقبع في البستان، إذ كانت إحدى أفضل المقاتلات في أمريكا، "موستانغ بي-51 P-51 Mustang". وإلى أسفل الممر في بستانٍ آخر، كانت توجد قاذفات ستيرلينغ البريطانية الأكبر ذات المحركات الأربعة، بلا أجنحةٍ أيضاً.
ومما يدعو للدهشة أنَّ أحداً لم يكن يحرس هذه الآلات، التي دون أجنحةٍ بدت عاجزة وغير قابلة للحركة بصورةٍ تدعو للغرابة. كيف وصلت إلى هناك؟ ولماذا؟
إنها أضخم مجازفة في الحرب
كانت جزءاً من التجمع الضخم للمعدات العسكرية المتمركزة في إنجلترا، إعداداً لأضخم مجازفةٍ في الحرب: غزو الحلفاء للبر الرئيسي بأوروبا في "اليوم دي"، يوم 6 يونيو/حزيران 1944. أصبحت إنجلترا مثل حاملة طائرات ضخمة على اليابسة، لكن كان يجب إخفاء حجم الأسطول الجوي وموقعه عن الطلعات الجوية الألمانية؛ خشية أن يُكشف هدف "اليوم دي- اليوم D" ، وهو شواطئ نورماندي.
قبل ذلك اليوم المصيري بقليل، نُقلت الطائرات المخفية عن طريق البر، وجُمعت بأجنحتها في المطارات حيث ينتظر طاقمها. ورافقت طائرات الموستانغ قاذفات القنابل، وسحبت قاذفات الستيرلينغ معها الطائرات التي تحمل الآلاف من القوات الخاصة، والتي اتجهت بهدوء في الليل إلى مواقع ما وراء الشواطئ.
يقول: "كنتُ أنا الصبي على الدراجة. ولا يمكن نسيان تجربة مثل هذه بسهولة؛ فقد كانت بمثابة نافذة صغيرة وشخصية إلى شيءٍ كبير للغاية، لا يمكن إدراكه بشكلٍ صحيح في الوقت الذي حدث فيه. نزلتُ من الدراجة، وسرتُ حول طائرات الستيرلينغ، محاولاً تخيُّل ما ينبغي أن يكون عليه الوضع حين تجلس مكشوفاً في مقصورة الطائرة الشفافة فوق أراضي العدو.
كانت الإثارة المصاحبة للأمر جديدةً بالنسبة لي، لكنَّها بالفعل كانت جزءاً من حياةٍ تكيفت مع الأحداث اليومية للحرب الملحمية، إلى درجةٍ جعلتها طبيعيةً كبقية الأحداث المعتادة للعيش ببريطانيا في زمن الحرب.
أمريكا تأتي بقاذفاتها الهائلة
أصبحت الأسماء الغريبة لعديد من القرى في جنوب إنجلترا مثل شيبينغ أونغار وفولمير وماتشينغ غرين وثروب أبوتس، فجأةً، مرتبطة بالمطارات التي ظهرت بين عشيةٍ وضحاها عندما أرسلت أمريكا أساطيلها الهائلة من القاذفات عبر المحيط الأطلنطي.
وبحلول منتصف عام 1943، كانت القوة الجوية الأمريكية الثامنة تقصف ألمانيا كل يوم تقريباً من هذه المطارات. عانى الشباب الذين يقودون هذه الطائرات خسائر فادحة، لكنَّهم كانوا يعلمون سبب وجودهم هناك.
أحدهم كان من ولاية نيويورك الأمريكية، يدعى إلمر بيندنر، الذي ألَّف كتاب "سقوط القلاع The Fall of Fortresses"، إحدى أروع مذكرات الحرب، وصاغ الأمر بوضوحٍ تام عندما قال: "كان الغرض هو أن نصدق أن العالم يمكن أن يتغير حاله ويولد من جديد في طرفة عين، وأنَّني كنتُ مشاركاً في تلك الثورة العالمية العنيفة".
وملايين الأمريكيين احتلوا بريطانيا ليُحدثوا تغييراً في ثقافتها للأبد
كان بيندنر واحداً من ملايين الأمريكيين الذين أُرسلوا إلى بريطانيا مع بدء التخطيط لعملية "اليوم دي". وكان تأثير هذه الهجرة عميقاً وراسخاً في كلتا الدولتين، ربطهما معاً بطريقة يستحيل فعلياً تخيلها الآن لولا تلك الأحداث. فلم يحدث مثل هذا الأمر من قبل، ولم يحدث مجدداً منذ ذلك الحين.
لقد كان احتلالاً ثقافياً بقدر ما كان احتلالاً عسكرياً. وكان التناقض بين تجربة حرب البلدين شاسعاً. نشأ البريطانيون على حربٍ وُجد فيها المدنيون غالباً في خط المواجهة، وتعرضوا لقصفٍ مستمر لليالٍ، واعتمدوا للبقاء أحياء على نظامٍ غذائي مقنن يُدار بمهارة وتقشف.
ولكن الأمريكيين تعلموا منهم التقشف
فعندما وصل الجنرال عمر برادلي -كان واحداً من القادة الرئيسيين في عمليات "اليوم دي" وخلال المعارك بمناطق ما بعد الشواطئ- إلى بريستويك في أسكتلندا في شهر سبتمبر/أيلول عام 1943، عُرضت عليه وجبة الإفطار من بين خيارات السمك المسلوق والطماطم المطهية. فقال عن ذلك: "علمتني بريستويك أن يقتصر إفطاري بعدها على طعام الجيش الأمريكي".
وعلى العكس، وجد البريطانيون أنَّ الأمريكيين يتمتعون بأسلوب حياة كان بالنسبة لهم في الغالب ذكرى بعيدة: نظام غذائي أمريكي عادي، يتضمن كثيراً من اللحوم الحمراء، وملابس رسمية أفضل بكثير، وافتراض عام بأنَّ وجود قوة قتالية فعالة ينبغي أن يُعزز بوسائل راحة مساوية لتلك التي في وطنهم.
والبريطانيون أعجبوا بالترف والرقص الأمريكي
وحسبما أتذكر، تسبب هذا في إعجاب البريطانيين وليس في استيائهم، إذ إنَّ الثقافة الأمريكية كانت قد انتشرت بالفعل في شكل الموسيقى والأفلام منذ سنواتٍ عديدة. واستمتع البريطانيون بالنمط الساحر للحياة المحلية الأمريكية بشكلٍ غير مباشر من خلال السينما، كما لو كانت هذه الحياة موجودة في كوكب آخر. وكانت هوليوود توفر أكثر من نصف الأفلام المعروضة.
وكانت موسيقى الفرق الموسيقية الكبيرة مُعديةً، وكانت قاعات الرقص واحدةً من الأماكن القليلة التي يقابل فيها الشباب الأمريكيون الفتيات البريطانيات ويتحدثون معهم على إيقاع موسيقى مألوفة من تسجيلات تومي دورسي وهاري جيمس وأرتي شو وغلين ميلر.
القوات الجوية تحفز طياريها برسم صور الفتيات البريطانيات الفاتنات
وأصبحت الممثلة الأمريكية بيتي جرابل الفاتنة زوجة يمس، نموذجاً للرسومات التي رسمتها القوة الجوية الثامنة على هياكل طائرات قاذفات القنابل من طراز بي-17، لتذكير أطقمها بالفتيات التي يحلمون بهن، أو الفتيات البريطانيات اللاتي قاموا بمواعدتهن، وإذا بقوا على قيد الحياة فسوف يتزوجونهن ويأخذونهن إلى وطنهم.
وفي هذه الأثناء، على المستوى الأكثر أهمية وخطورة، وهو التخطيط العسكري، كان التناغم أقل بين قوى ما يُسمى بالتحالف الكبير. وكان "اليوم دي" يتطلب تعاون جنرالات ذوي خبرة وخلفيات وطباع مختلفة.
فبالمقارنة مع البيروقراطيات العسكرية المدروسة في وقتنا الحالي، فإنَّ التخطيط لأكبر حملة برمائية في العالم بدأ على نطاقٍ ضئيل بصورةٍ لافتة للنظر.
ففي أبريل/نيسان عام 1943، تجمع أقل من 50 ضابطاً بريطانيّاً وأمريكياً من الرتب العليا تحت قيادة الجنرال البريطاني فريدريك مورغان بمنزل نورفولك في وسط لندن، لوضع خطة غزو البر الرئيسي لأوروبا.
ولكن في التخطيط العسكري كان الخلاف بين الحليفين كبيراً
وصل الأمريكيون متحمسين إلى لندن، ليشنوا هجوماً مدمراً بطول الطريق من القناة الإنجليزية إلى برلين. وشعروا بالفزع لاكتشاف أنَّ البريطانيين كانوا أقل حسماً بكثير، ونظراً إلى تعقيد العملية كان البريطانيون مترددين حتى في التفكير في تحديد تاريخٍ معين للهبوط بالطائرات.
وخيَّم على تلك المساعي الظل الضخم لوينستون تشرشل. إذ صمد أعظم زعيم للحرب ببريطانيا ضد هتلر، في حين سقطت بقية أوروبا، لكن كان شبح جرأته وتهوره في شبابه يطارده.
في حملةٍ عسكرية بالحرب العالمية الأولى ضد الإمبراطورية العثمانية، كان هو من خطط الهجوم البرمائي على الحصن التركي في غاليبولي، والذي انتهى بهزيمةٍ دموية.
كان تشرشل يخشى هذا السلاح الألماني الأكثر رعباً
لم يفقد رئيس الوزراء البريطاني أعصابه، لكنَّه ظل متوتراً بصورةٍ استثنائية حتى بعد 24 ساعة من إنزال القوات في نورماندي في 6 يونيو/حزيران، عندما أصبح واضحاً نجاح العملية في النهاية.
ووضع بعضٌ من موظفيه خطةً بديلة مبنية على فكرة أنَّ النظام النازي سينهار، بسبب المعارضة الداخلية، إذا تُرك فترة طويلة كافية، ولن تكون هناك حاجة للغزو.
علِم تشرشل أنَّ ذلك كان أمراً مستبعَداً، وعرف أيضاً أنَّ قوات الحلفاء كانت ستواجه بعضاً من أفضل المقاتلين المدربين والمجهَّزين في العالم، وهي فرق دبابات البانزر الألمانية. فبعيداً عن انتصارٍ حاسم واحد في شمال إفريقيا، عندما هزم البريطانيون الجنرال إرفين رومل، الذي كان واحداً من أكفأ جنرالات هتلر، أثبت الجيش الألماني صعوبة انهزامه في غرب أوروبا.
ولكن مشكلة الألمان في القوات الجوية التي تعرضت لخسارة كبيرة أمام الروس
ولكن مثل نابليون مِن قَبله، تكبد هتلر خسائر فادحة بسبب غزوه لروسيا، ولحقت هذه الخسائر على الأخص، بمدى قوة سلاح الجو الألماني.
وكانت لتلك الخسائر عواقب حاسمة في نورماندي. فعلى الرغم من أنَّ الدبابات الألمانية كان بإمكانها مضاهاة أي قواتٍ برية تابعة للحلفاء، لم يكن هناك ما يكفي من الدعم الجوي للجيش الألماني.
وبعد الارتباك في القيادة العليا الألمانية، تأخر نشر دبابات البانزر، وكانت أفضلها، وهي دبابات التايجر، هي السلاح الأكثر تدميراً الذي يواجه الغزاة على الأرض.
لم تتمكن تلك الدبابات من وقف الغزو على الشواطئ، وامتداده في نهاية المطاف إلى نهر الراين وأراضي ألمانيا، بسبب عجز القوات الجوية الألمانية عن تغطيتها.
وهكذا تمكن الحلفاء من هزيمة الألمان بفضل التفوق الجوي الذي حققه البريطانيون والأمريكيون، بعد أن اشتعلت حماسة طياريهم للعودة للوطن مكلَّلين بالانتصار.
وكان على أيزنهاور أن يتعامل مع عجرفة مونتغمري
وعلى الرغم من أنَّ القائد الأعلى في "اليوم دي" كان الجنرال دوايت أيزنهاور، كان القادة الثلاثة الأدنى منه مرتبةً والمسؤولون عن العمليات البرية والبحرية والجوية جميعهم بريطانيون، وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي اضطلعت فيها بريطانيا بمثل هذا الدور المهم في أي حرب.
وكان من بين هؤلاء الأكثر موهبة والأكثر إزعاجاً والأكثر إثارةً للجدل، الجنرال برنارد مونتغمري، المنتصر في المعركة العظيمة ضد رومل.
لكنَّ مونتغمري أعاد لاحقاً كتابة التاريخ، مدعياً أنَّ الجنرال البريطاني فريدريك مورغان ومساعديه وضعوا خطةً معيبة، واضطر هو إلى تعديلها.
وفي الواقع فإنَّ خطة مورغان لعمليات "اليوم دي" اختارت بالفعل نورماندي بدلاً من مواقع أخرى، وبخطة خداع ماهرة أقنعت الألمان بأنَّه إذا كانت هناك عمليات إنزال فإنَّها ستكون أبعد في الشمال. وبالإضافة لذلك، فإنَّ عديداً من الاختراعات التقنية التي ضمنت النجاح، مثل الموانئ الكاملة مسبقة الصنع، جاءت من رؤى فريق مورغان. كل ما فعله مونتغمري هو تحسين الخطط وتوفير آليات تنفيذها، لكنَّه شهَّر بمواطنه مورغان بعدها.
لم ينتصر من قبلُ، ولكنه كان قائداً ماهراً
ويتفق مؤرخو ذلك اليوم جميعاً على أنَّ أيزنهاور، الجنرال الذي لم يكن يرتبط اسمه بأي معركةٍ سابقة، هو الذي كانت دبلوماسيته ومهاراته القيادية ذات أهميةٍ جوهرية في كبح جماح غرورٍ ضخم مثل غرور مونتغمري وعجرفة الجنرال الأمريكي جورج باتون العبقري، واستخدامهما لتحقيق النصر. وساعد الجنرال عمر برادلي أيضاً في استمرار تماسُك تلك القيادة المتقلبة.
وهكذا، في صباح 6 يونيو/حزيران عام 1944، توجهت قوة هائلة إلى خمسة شواطئ على الساحل الفرنسي، مكونة من 156 ألف جندي، وما يقرب من 7 آلاف سفينة، و11.590 طائرة.
يقول إيرفنغ: "من بين هذه الطائرات كانت الهياكل السابقة التي وجدتها بلا أجنحة، متناثرةً في البساتين بين أشجار التفاح قبل شهرين مضيا. لكن في صباح يونيو/حزيران هذا، لم تكن هذه الطائرات كما رأيتها".
فخلال وقتٍ قصير بعد ظهور ضوء النهار، أقلعت القوة الجوية الثامنة، وتشكلت في موجاتٍ من قاذفات القنابل بي-17 فوق بلداتنا وقرانا، واتجهت إلى الجنوب لتحطيم البنية التحتية العسكرية الألمانية في شمال فرنسا، من أجل شل الاستجابة الفورية لعمليات الإنزال.
وهكذا تغير العالم بفضل هذا التحالف، فماذا حدث للروح التي حققت هذا الانتصار؟
يقول الكاتب البريطاني: "جميعنا ممن يتذكر هذا الوقت من الاندماج الاستثنائي للموهبة والشجاعة الأمريكية والبريطانية ينظر إليها الآن بعد 75 عاماً بمشاعر مختلطة. لقد جعلتني بعد ذلك، وإلى الأبد، أُدرك تماماً ما يمكن أن يتحقق عندما يمكن دفع أفضل ما في البلدين للعمل لتحقيق هدفٍ مشترك من أجل الحضارة التي نصنعها. أُنقذت أوروبا عندما حدث هذا. وحمل الوفاق الأطلسي الخير لأجيالٍ عديدة، ومعه سلامٌ وازدهار غير مسبوقَين.
لكن تشهد الأفكار الكبيرة والعقول المتفتحة والرؤى الجريئة تراجعاً في الوقت الراهن، إذ إنَّ الشعبوية في أوروبا تسمم السياسة وتُضعف الديمقراطية.
وبدلاً من المضي قدماً في المشروع الأوروبي العظيم الذي بدأ بالفعل مع "اليوم دي"، فإنَّ بريطانيا واقعة في قبضة الأوهام الإنجليزية التافهة للخروج من الاتحاد الأوروبي.
أمَّا دونالد ترامب، فسيستغل "اليوم دي" لأغراضه الخاصة، وسيُظهر مرة أخرى موهبته القوية في الانحياز إلى الجهة الخاطئة من التاريخ، كما كان سيفعل أي شخصٍ لا يعرف التاريخ من الأساس. لم تكن أمريكا في الجانب الصحيح بالتاريخ حتى الآن كما كانت في 6 يونيو/حزيران عام 1944.
عندما اقترب "اليوم دي"، كانت لدى القوات الجوية للجيش الأمريكي نحو 450 ألف رجل وامرأة متمركزين في المملكة المتحدة، منهم ما يقترب من 30 ألف شخص ماتوا في العمليات العسكرية. ويظهر حجم هذه الجهود والتضحيات بمتحف الطيران الأمريكي الكبير في دوكسفورد، الذي يبعد 40 ميلاً عن لندن، والذي كان مطاراً في زمن الحرب السابقة وأصبح فرعاً لمتحف الحرب الإمبراطوري البريطاني مكرساً للطيران.
يوجد نحو 18 طائرة حربية أمريكية معروضة، لكنَّ الآلات ليست هي ما يترك أثراً كبيراً، بل المئات من صور طواقم الطيران. بالنسبة لهم كانت السماء ساحة معركة شاسعة متغيرة باستمرار ممتدة فوق أوروبا. وهدية هذا المتحف الذي صممه نورمان فوستر أنَّه يجلب ساحة المعركة هذه إلى بؤرة تركيزنا تحت سقفٍ واحد مرتفع، بشكلٍ يجعلها كما لو كانت تجربةً شخصية، أو ساحة معركة برية.
انضمت الملكة إليزابيث، ملكة بريطانيا، الأربعاء 5 يونيو/حزيران، إلى زعماء العالم، ومن بينهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في إحياء الذكرى السنوية الخامسة والسبعين ليوم الإنزال، وهي كبرى عمليات إنزال بحري في التاريخ وساعدت على إنهاء الحرب العالمية الثانية.
ووقفت الملكة وابنها الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، ورؤساء دول ورؤساء وزراء يصفقون لقدامى المحاربين الذين كانت ستراتهم مزينة بميداليات، وهم يقفون على مسرح كبير بجوار حرس الشرف، بعد عرض فيلم عن عمليات الإنزال في نورماندي.
وحضر ترامب إلى جانب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، مراسم الاحتفال الذي جاء في اليوم الأخير من زيارة دولة لبريطانيا يقوم بها مع زوجته ميلانيا.
وحضر المراسم أيضاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، إضافة إلى ميركل وزعماء وشخصيات كبرى من عشر دول أخرى.
كان أكثر من 150 ألفاً من قوات التحالف قد انطلقت من بورتسموث والمنطقة المحيطة بها في الساعات الأولى من يوم السادس من يونيو/حزيران عام 1944، لبدء هجوم جوي وبحري وبري على نورماندي، أدى في نهاية الأمر إلى تحرير غرب أوروبا من النظام النازي.
– هذا الموضوع مترجم عن موقع The Daily Beast الأمريكي.