جاء العيد، إلا في إدلب.. سكان المدينة السورية بعضهم مشرّد، ومن بقي منهم قضى ليلة العيد في الملاجئ!

تحب سارة أخطيب طقم ملابسها الجديد للعيد، كيف لا وقد صنعته لها والدتها: فستانٌ ذهبي وأسود فضفاض مطرز بزهورٍ سوداء.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/06/05 الساعة 11:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/05 الساعة 11:10 بتوقيت غرينتش

تحب سارة أخطيب طقم ملابسها الجديد للعيد، كيف لا وقد صنعته لها والدتها: فستانٌ ذهبي وأسود فضفاض مطرز بزهورٍ سوداء.

كانت الطالبة البالغة من العمر 21 عاماً تحتفل بنهاية شهر رمضان يوم الثلاثاء، 4 يونيو/حزيران 2019، مثلها مثل بقيَّة سكان محافظة إدلب السورية الخاضعة لسيطرة قوَّات المعارضة.

فبدلاً من زيارة الأقارب، لم تغادر سارة ووالديها وإخوتها الأصغر الثلاثة قبو بيت العائلة، فقد كانت طائرات النظام السوري تحلق في الجو، وكان الخروج يمثِّل خطورةً شديدة، بحسب صحيفة The Guardian الأمريكية.

قالت سارة متحدثةً على الهاتف من منزلها في مدينة كفرنبل: "قضينا ليلة أمس في القبو مع جيراننا. ضرب صاروخٌ منزلاً في حيّنا وكادت النار تطال بيتنا. ليس باستطاعة إخوتي الخروج واللعب. لكنَّي سوف أرتدي ملابس العيد وأحاول أن أكون سعيدة. ليس لديّ خيارٌ آخر".

غادر مئات الأشخاص البلدة، التي استُهدِفت بشكلٍ مكثَّف على مدار الأسابيع الخمسة الماضية في حملةٍ جوية شرسة شنَّها بشار الأسد وحلفاؤه الروس على آخر معقلٍ للمعارضة في البلاد. وقالت سارة إنَّ شوارع الأسواق التي كانت تمتلئ بأناس يشترون ويبيعون حلويات العيد التقليدية كانت خاوية طوال الأيام الماضية.

لم تشهد نهاية شهر رمضان أي توقف للقتال، فقد نزح أكثر من 270 ألف شخص في الأسابيع الماضية، تاركين الآلاف ليحتفلوا بالعيد بقليل ما بقى لهم تحت ملاءاتٍ مفرودة على أغصان أشجار الزيتون.

القصف يستهدف البنى التحتية للمدينة

استُهدِف على الأقل 25 مستشفى ومبنى، وأصبحت البنى التحتية في حالة سيئة، خاصة بعد استهداف مراكز الإنقاذ التابعة للدفاع المدني.

ووصف عشرات الأطباء البارزين القصف بأنَّه انتهاكٌ صريح للقوانين الإنسانية الدولية. وفي شهر مايو/أيار الماضي، أسفرت 5400 عملية قصف جوي عن مقتل 316 شخصاً على الأقل، بحسب تقرير المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال العاملون في المجال الطبي بإدلب يوم الإثنين، 3 يونيو/حزيران، إنهم سيوقِفون الإفصاح عن مواقع المستشفيات والعيادات للأمم المتحدة بعد أن تعرَّضت 9 منشآتٍ على الأقل نُقِلَت بيانات مواقعها إلى موسكو في محاولةٍ لحمايتها للقصف على مدار الشهر الماضي.

كل يوم مجزرة

وقال أحد الأطباء إنه كذلك في يوم الإثنين، 3 يونيو/حزيران، ضرب صاروخ جو-أرض سوقاً في بلدة معرة النعمان، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 11 آخرين. وفي كفرنبل، قُتِل صبي كان قد ارتدى بالفعل أجمل ثيابه استعداداً للعيد في الهجوم الذي كاد أن يدمر منزل عائلة أخطيب.

قصف عنيف تشهده مدينة إدلب خلال الأسابيع الماضية/ رويترز
قصف عنيف تشهده مدينة إدلب خلال الأسابيع الماضية/ رويترز

وقال عثمان العثمان، وهو متطوُّعٌ بخدمة الدفاع المدني من مدينة كفرنيل: "دُمرَت مدننا كلياً على مدار شهر رمضان المبارك وأُجبِر الناس على هجر بيوتهم. الطائرات تحوم في السماء باستمرار".

وأضاف: "كل يومٍ يأتي بمجزرةٍ جديدة".

كان تعداد سكَّان محافظة إدلب قد تضخَّم من مليون شخصٍ إلى نحو 3 ملايين منذ اندلعت الحرب في سوريا عام 2011 والآن هيَ المنطقة الباقية الوحيدة للمعارضة التي لم يسيطر عليها الأسد بعد.

وقد انهارت اتفاقية وقف إطلاق النار التي تمَّ التوسُّط فيها شهر سبتمبر/أيلول الماضي لتجنُّب وقوع ما حذَّرت وكالات الإغاثة أنه سيكون أسوأ كارثةٍ إنسانية في الحرب السورية، وذلك بعد أن استولت هيئة تحرير الشام على إدلب.

حجة النظام السوري وروسيا في هجمومها على إدلب، هي أن هيئة تحرير الشام استولت على المحافظة، وهو ما يمنح الحملة على إدلب شرعيةً في نظرهم، إذ إنهم يستهدفون إرهابيين لا تضمُّهم اتفاقية وقف إطلاق النار.

وفي مقرّ الأمم المتحدة ليلة يوم الإثنين، 3 يونيو/حزيران، أعاقت روسيا إصدار بيانٍ من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ينتقد فيه حملة الحكومة السورية على إدلب، وهي المرة الثانية التي يتَّخذ فيها الوفد الروسي مثل ذلك الإجراء منذ بداية التصعيد في إدلب يوم 30 أبريل/نيسان.

ووفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية، قالت روسيا إنَّ البيان المُقتَرح "غير متوازن" لأنَّه لا يذكر المدن السورية هجين وباغوز، حيث تقول سوريا إن المدنيين قد عانوا إثر قتال القوَّات المدعومة من قبل الولايات المتحدة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

كذلك رفضت روسيا تغريدةً نشرها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يطالب فيها روسيا وسوريا بـ "التوقُّف عن قصف إدلب بلا رحمة" و "قتل المدنيين الأبراء دون تمييز".

وقال المتحدث الصحفي باسم الكرملين الروسي، دميتري بيسكوف، إنَّه "من غير المقبول" توقٌّع ألا تثأر موسكو ودمشق من المعارضة وهيئة تحرير الشام بعد قصفهم مناطق حكومية وقواعد عسكرية روسية.

تحميل المزيد