1700 شاب في غزة مهدَّدون ببتر أطرافهم.. إنقاذهم كان يحتاج أمراً بسيطاً

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/05/30 الساعة 10:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/30 الساعة 10:09 بتوقيت غرينتش
يحتاج كثير من أهل غزة السفر لأسباب صحية/رويترز

تعرََّض أندرو روبن لبتر يده اليمنى والجزء السفلي من ذراعه اليُمنى، وقدمه اليمنى والجزء السفلي من ساقه اليُمنى، أي فقد معظم أطرافه اليمنى، ولكن أندرو سيعتبر نفسه محظوظاً إذا ما شاهد مأساة شباب غزة الذين أطلقت عليهم إسرائيل النار.

كان أندور يمارس رياضتي العدو وركوب الدرَّاجات بنهمٍ، لكنَّه لم يعد قادراً على ذلك، مع أنَّ قدرته على المشي أصبحت أفضل. وقريباً قد يستطيع الركض بساقه الاصطناعية.

لكن أندرو محظوظٌ إلى حدٍّ لا يُصدَّق، حسب وصف صديقته فيليس بنيس الصحفية الأمريكية والزميلة في معهد الدراسات السياسية، في مقال نشرته على موقع LobeLog الأمريكي.

فالكارثة الطبية التي ألحقت أضراراً بالغة بيده وقدمه لم تقتله.

ولكن حين لم تتعافَ أطرافه قط حتى بعد ذلك بعشر سنوات، قرر إجراء عمليات البتر. لقد كان هذا قراره، وما جعله أسهل بكثير هو أنَّه كان يعرف ما ينتظره: أكثر الأطراف الاصطناعية التي تخيلها تقدُّماً على الإطلاق.

والأطفال يسمونه  Bionic Man الآن.

لكنَّ أندرو محظوظٌ لسببٍ آخر كذلك، وهو أنَّه لا يعيش في قطاع غزة، حسبما تقول الصحفية الأمريكية.

مأساة شباب غزة الذين أطلقت عليهم إسرائيل النار

فوفقاً للأمم المتحدة، يواجه 1700 شاب من سكان غزة عمليات بتر، معظمها لسيقانهم، في غضون العامين المقبلين. وهُم من بين 7 آلاف فلسطيني أعزل أُصيبوا برصاص قناصة إسرائيليين في العام الماضي 2018.

فمنذ ربيع العام الماضي، يتدفق الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة الذي تحتله إسرائيل من مخيمات اللاجئين المكتظة ومنازلهم في يوم الجمعة من كل أسبوع، للانضمام إلى احتجاجاتٍ حاشدة سلمية، مطالبين بإنهاء الحصار الذي يدمر حياتهم، والحق في العودة إلى المنازل التي شردتهم إسرائيل منها.

لا استثناء حتى للأطفال أو الصحفيين أو المسعفين.. تحقيق أممي يكشف جرائم مفزعة

ومع أنَّ هؤلاء الشباب لم يمارسوا العنف، قوبلوا برصاص القناصة الإسرائيليين منذ البداية. وقد استهدف هؤلاء القناصة أطفالاً وصحفيين ومُسعِفين أيضاً.

ويحظر القانون الدولي استخدام الرصاص الحي ضد المدنيين العزل ما لم يتعرض أفراد الشرطة أو الجنود لخطر الموت الوشيك، لكنَّ هذا لا يحدث في غزة.

إذ وجد تحقيقٌ أجرته الأمم المتحدة في 189 عملية قتل خلال الأشهر التسعة الأولى من الاحتجاجات أنَّ القوات الإسرائيلية ربما ارتكبت جرائم حرب.

وقد أسفر ذلك عن مقتل 220 فلسطينياً حتى الآن، وإصابة أكثر من 29 ألف شخصٍ، من بينهم 7 آلاف شخص أُصيبوا برصاصٍ حي. وحتى الآن، اضطر 120 منهم إلى الخضوع لعمليات بتر، من بينهم 20 طفلاً.

لو كان هؤلاء المبتورون في أيِّ مكانٍ آخر بالعالم، لتمكن الأطباء من إنقاذ أطرافهم

لكنَّ قطاع غزة ليس كمثل أي شئ لي العالم

فالقطاع واقعٌ تحت حصار عسكري إسرائيلي منذ أكثر من 10 سنوات.

وتعاني المستشفيات هناك نقصاً شديداً في المعدات، وقد تضرر العديد منها بشدة بسبب القصف الإسرائيلي. لذا فالعمليات الجراحية الدقيقة اللازمة لإنقاذ العظام المُهشَّمة تكاد تكون مستحيلة هناك، والجرَّاحون لا تتوافر لديهم أحدث الأساليب.

كان أندرو لديه خيارٌ بشأن عملية البتر التي خضع لها، لكنَّ سكان غزة ليسوا كذلك.

وكان يمكن إنقاذ أغلبهم لو توفر هذا التمويل

20 مليون دولار فقط تحتاجها الأمم المتحدة، لسد فجوة التمويل الصحي الحالية في غزة. وإضافةً إلى ذلك، يواجه هؤلاء الشباب البالغ عددهم 1700 من سكان غزة فقدان الذراعين والساقين فقداناً مأساوياً، أو خطر الوفاة بسبب العدوى.

ولن يتمكنوا في الواقع من الحصول على أطراف اصطناعية متقدمة كالتي يستخدمها صديقي أندرو.

ومع الأسف، يموِّل دافعو الضرائب الأمريكيون هذا الجنون.

في المقابل تقدم أمريكا التمويل لاستهداف أطرافهم

ففي كل عام، نُرسِل 3.8 مليار دولار مباشرةً إلى الجيش الإسرائيلي -بدون قيود- وكذلك تصنع شركاتٌ أمريكية الغاز المسيل للدموع والأسلحة الأخرى التي تستخدمها إسرائيل ضد المتظاهرين.

وتحرص واشنطن على عدم مساءلة أي مسؤول إسرائيلي، سياسياً كان أو عسكرياً، أمام الأمم المتحدة عن جرائم حرب محتملة.

مأساة شباب غزة المعرضين لبتر أطرافهم
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو/رويترز

لكنَّ القسوة لم تتوقف عند ذلك الحد، إذ قطعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمويل وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة "الأونروا" التي تُشغِّل العيادات الصحية في غزة، بينما واصلت تمويل الجيش الإسرائيلي الذي يملأ تلك العيادات بالضحايا المصابين بالرصاص.

هذا وتستمر الاحتجاجات، السلمية في معظمها، أسبوعاً تلو الآخر، مع استمرار عمليات القتل أيضاً.

وبسبب كثرة الأطفال المعاقين أصبح هناك بطولات رياضية خاصة بهم

وفي هذه الأثناء، يوجد عددٌ كبير جداً من الأطفال المعاقين في غزة الآن لدرجة أنَّ القطاع المُحاصَر أصبح يُقيم بطولاتٍ رياضية خاصة لهم.

تقول الكاتبة: "لذا يجب على إسرائيل عدم استخدام القناصة، ورفع الحصار عن غزة، والتوقف عن انتهاك الحقوق الإنسانية والسياسية للفلسطينيين".

وتختتم مقالها قائلة: "وإلى أن تفعل ذلك، يجب على دافعي الضرائب الأمريكيين عدم إنفاق الأموال التي تساعدها على ذلك".

تحميل المزيد