حصار وتهديدات في أول أيام إضراب السودان والأغرب ما حدث لخزينة البنك المركزي

عربي بوست
تم النشر: 2019/05/28 الساعة 16:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/28 الساعة 16:47 بتوقيت غرينتش
هل نجح إضراب السودان

حميدتي، تعال افصلني حميدتي تعال افصلني" بهذه الكلمات تحدى العديد من السودانيين تهديدات المجلس العسكري الحاكم وشاركوا في الإضراب الذي يهدف للضغط على العسكريين لتسليم السلطة، فهل نجح إضراب السودان في أول أيامه؟.

وبدأ موظفون سودانيون وأصحاب عمل في القطاعين العام والخاص اليوم الثلاثاء 5 مايو/آيار 2019 إضراباً عاماً يستمر لمدة يومين مستجيبين للدعوة التي أطلقها تحالف إعلان قوى الحرية والتغيير الذي يقود الاحتجاجات في البلاد منذ ديسمبر/كانون الأول 2019،  في محاولة منه لزيادة الضغط على المجلس العسكري من أجل تسليم السلطة إلى مجلس انتقالي يغلب عليه المدنيون عقب تعثر المحادثات بين الطرفين.

وكانت المفاوضات قد وصلت إلى طريق مسدود، بسبب الخلاف على رئاسة المجلس السيادي الذي من المفترض أن يقود الفترة الإنتقالية.

وقرر إعلان الحرية والتغيير اللجوء إلى سلاح الإضراب لمواجهة ما يعتبره تعنتاً من المجلس العسكري.

هل نجح إضراب السودان؟  

تراجعت حركة السيارات في شوارع الخرطوم مقارنة بالأيام الماضية، بحسب ما رصده مراسل عربي بوست في جولته.

واللافت أن شهر رمضان الكريم يدخل أيامه الأخيرة وعادة ما تكتظ الشوارع في الوقت من العام.

أما حركة حافلات السفر المتجهة للمدن خارج العاصمة الخرطوم فقد توقفت تماماً.

كما أغلقت غالب المحلات التجارية أبوابها، خاصة في وسط المدينة، وعلقت بعضها ملصقات تنبه العملاء إلى المشاركة في الإضراب.

شلل جزئي بحركة الطيران

وتوقفت حركة الطيران المحلية والعالمية بمطار الخرطوم جزئياً.

وتقدمت شركات طيران باعتذار للمسافرين الذين حجزوا تذاكر للسفر داخلياً وخارجياً .

وكانت شركتا الخطوط الجوية المصرية والسعودية قد أعلنتا عن إلغاء رحلاتهما من وإلى الخرطوم يومي الثلاثاء الأربعاء كما علقت ثلاث شركات محلية رحلتها هي ( بدر للطيران ، تاركو، نوفا)  منفذة الإضراب بنسبة 100%.

هل نجح إضراب السودان
قطاعات عديدة شاركت في إضراب السودان

في المقابل حاولت شركة الخطوط الجوية السودانية الناقل الوطني، التقليل من حجم الإضراب مؤكدة في بيان رسمي استمرار رحلتها بشكل طبيعي نافية أن يكون للأمر أي تأثير على قطاع النقل الجوي.

وقال شهود عيان إن إدارة مطار الخرطوم الدولي اتجهت للاستعانة بموظفين جدد بدلاً عن الموظفين المضربين لتسيير دولاب العمل.

وقطاعات حيوية وغير متوقعة انضمت للإضراب

وبدا جلياً النجاح النسبي الذي حققه الإضراب في يومه الأول خاصة بعد انضمام قطاعات حيوية وأخرى غير متوقعة كموظفي بنك السودان المركزي ووزارات مثل الصحة، المعادن وشركات اتصالات كبرى، إضافة للبنوك التجارية حيث شملت القائمة كلاً من الخرطوم، البنك العقاري، بنك العمال، المصري السوداني، بنك فيصل الإسلامي وبنوك أخرى.

في حين التزم بنك التضامن الإسلامي العمل بصورة طبيعية رغم قلة المتعاملين داخل فرعه بالسوق العربي بحسب ما رصده مراسل عربي بوست.

فالعاملون بشركة زين للاتصالات لم يكتفوا بالإضراب بل خرجوا في مسيرة ضد المجلس العسكري

ولم يكتف العاملون بشركة زين للاتصالات بالإضراب، بل خرجوا في موكب شارك فيه العشرات للمطالبة بحكومة مدنية، منددين بتمسك المجلس العسكري بالسلطة والتعنت في تسليمها لحكومة مدنية كما ذكر أحد العاملين بالشركة الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه، واصفاً الإضراب بالظاهرة الصحية، خاصة في ظل وجود مماطلة في عملية التفاوض الجارية بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير.

 الإضراب هو القوة المكملة للاعتصام، هكذا وصفت لمياء محمد نور العاملة بشركة للتبريد الإضراب.

وقالت إن استجابتها لدعوة الإضراب تأتي من واقع مسؤوليتها تجاه الثورة كغيرها من الثوار الصامدين في ميدان الاعتصام بدوام كامل على حد تعبيرها.

هل نجح إضراب السودان
المضربون يعتبرون الإضراب استكمالاً لثورتهم

وأضافت قائلة: " أنا مؤمنة بأن الإضرابات الناجحة لها دور كبير في قلب الموازين لصالح الشارع".

وتضيف "بدأت أتحضر قبل عدة أيام للإضراب وما يهمني أن أمثل نفسي بمعزل عن الناس ومدى استجابتهم وفي نفس الوقت فإن حدث وسرقت الثورة فما سيضيع ليس الوظيفة وحدها بل الوطن بأكمله"، حسب تعبيرها.

وتجمع المهنيين يرجع نجاح الإضراب إلى لجانه التي تعمل على الأرض

وبدا واضحاً التنظيم الذي استخدمه تجمع المهنيين في الترتيب للإضراب في وقت كان البعض يشكك في سوء اختيار التوقيت على اعتبار أنه يأتي في آواخر شهر رمضان فضلاً عن ضيق الفترة الزمنية بين الإعلان عن الإضراب وتطبيقه.

إلا أن الناطق الرسمي باسم تجمع المهنيين وعضو الوفد المفاوض محمد ناجي الأصم يرى أن التوقيت جاء بعد دراسة متأنية للواقع.

وقال الأصم لـ عربي بوست: "لدينا لجان تعمل على أرض الواقع واختيار التوقيت جاء بعد دراسة متأنية جداً والجميع شاهد الأن كيف نجح الإضراب على جميع المستويات في سبيل تحقيق أهداف الثورة والتحول لحكم مدني".

ومشادات بين معارضي الإضراب ومؤيديه في وزارة الكهرباء

ولعل الحادث الأبرز خلال الساعات الأولى من الإضراب هو  ما دار داخل مباني وزارة الكهرباء التي شهدت مشادات بين دعاة الإضراب ومعارضيه وروى شهود عيان تواجد أعداد كبيرة من منسوبي قوات الدعم السريع داخل مكاتب شركة الكهرباء في محاولة لإثناء الموظفين عن قرارهم.

 ودفعت هذه الأحداث تجمع المهنيين لإصدار بيان سريع يبين فيه تفاصيل ما تعرض له العاملون بالمؤسسة مطالباً إياهم بإخلاء مكاتبهم مع التشديد على الالتزام بالسلمية وعدم الانجرار وراء الاستفزاز على حد وصف البيان.

كما حوصر العاملون بالبنك المركزي السوداني بعدما رفضوا فتح الخزينة

الأغرب هو ما حدث في بنك السودان المركزي.

إذ ظل العاملون به محاصرين داخل مباني البنك لعدة ساعات من قبل قوات الدعم السريع التي يقودها نائب رئيس المجلس العسكري في محاولة لإجبارهم لمعاودة العمل وفتح خزينة البنك المركزي.

وأطلق تجمع المهنيين الذي يقود الحراك دعوات للمواطنين بالتوجه للبنك ومحاولة فك الحصار عن الموظفين المحاصرين قبل أن تتم تهدئة الأوضاع.

وماذا عن الوضع خارج العاصمة؟

وخارج الخرطوم نفذ عاملون في هيئة السكك الحديدية وقفات احتجاجية في مدن عطبرة شمالي الخرطوم، مدني عاصمة الإقليم الأوسط وكوستي جنوباً على الحدود مع جنوب السودان.

كما شهد ميناء بورتسودان على البحر الأحمر شرقي السودان وقفة احتجاجية لعمال الميناء بحسب صور نشرها تجمع المهنيين على صفحته بفيسبوك إضافة لعشرات العاملين من مدن مختلفة يعلنون فيها تأييدهم للإضراب ومطالبين بالدولة المدنية.

ولكن الإضراب فجر خلافات داخل إعلان الحرية والتغيير

وعلى الرغم من النجاح النسبي الذي صاحب الإضراب في يومه الأول إلا أن المشاركة به كشفت العديد من التصدعات في جسم قوى إعلان الحرية والتغيير عقب إعلان حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي رفضه للأمر.

وقال الحزب في بيان رسمي "نرفض الإضراب العام المعلن من بعض جهات المعارضة، واعتبار سلاح الإضراب العام وارداً في ظروف متفق عليها، ويقرره إن لزم مجلس قيادي للحرية والتغيير".

فحزب الأمة ليس لديه مانع من قبول انتخابات مبكرة

وألمح البيان إلى إمكانية القبول بانتخابات مبكرة إذا ما توفرت شروطها.

إذ قال "بحث المجلس الأعلى للحزب فكرة إجراء انتخابات عامة حرة، وأقر أنها هي الوسيلة الديمقراطية والاحتكام للشعب، ولكن إجراءها يتطلب استحقاقات محددة لكفالة نزاهتها وحمايتها من أدوات التمكين التي غرسها النظام المخلوع".

وبرر القيادي بالحزب صديق الصادق المهدي موقف حزبه بعدم الرغبة في تصعيد المواجهة مع المجلس العسكري والسعي للمضي قدماً في الإتفاق وقال "نخشى أن يفتح التصعيد الباب أمام ردود فعل متبادلة من الجانبين".

وشدد على أن موقف حزبه برفض المشاركة بالإضراب ليس لترجيح كفة المجلس العسكري على حساب قوى الحرية والتغيير، وإنما حرصاً على روح الشراكة بين الطرفين في إدارة الفترة الانتقالية واستمرار التفاوض بينهما، خاصة في ظل التوصل لاتفاقات حول نقاط عديدة مهمة بالفترة الماضية كالاتفاق على هياكل المجالس التنفيذية والتشريعية، وبالتالي فإن مزيداً من الصبر قد يكون مطلوباً لتجاوز العقبات الباقية والاستمرار في بناء جسور الثقة".

والمضربون تعاملوا باستهزاء مع تهديد حميدتي

وكان نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي" هدد بفصل أي شخص يضرب عن العمل، أو يستجيب لدعوة قوى الحرية والتغيير إلى الاستعداد للعصيان المدني.

وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع مصور لدقلو  يشير فيه إلى أن المضربين قد يفقدون وظائفهم "أي شخص يضرب فليذهب الى بيته فوراً".

  ورداً على ذلك نشر محتجون صوراً لهم وهم يحملون لافتات كتب عليها عبارة "حميدتي، تعال افصلني".

تحميل المزيد