تتسارع الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، وترسم معها أجواء حربٍ تلوح في الأفق، وتوحي باقتراب مواجهة قد لا تكون مباشرةً بين واشنطن وحلفائها، وطهران وميليشياتها.
فصباح السبت 18 مايو/أيار 2019، أفادت وسائل إعلام سعودية بأن الرياض ودولاً عربية وافقت على طلبٍ من واشنطن لإعادة انتشار القوات العسكرية الأمريكية في مياه الخليج العربي، وعلى أراضٍ خليجية، ما يوحي بتهديدٍ حقيقي تشعر به واشنطن ودول الخليج.
هذا القرار جاء بعد اجتماع عُقد في مقر القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية في البحرين، بحضور رؤساء القوات البحرية وكبار القادة العسكريين في دول مجلس التعاون الخليجي والقيادات العسكرية للقوات البحرية الأمريكية والقوات المشتركة، بحسب وسائل إعلام أمريكية.
فما الذي يعنيه إعادة انتشار القوات الأمريكية في المنطقة؟
ما كشف عنه الإعلام السعودي هو أن "الموافقة جاءت بناءً على اتفاقات ثنائية بين الولايات المتحدة من جهة، ودول خليجية من جهة أخرى (لم تسمّها)"، دون أن توضح طبيعة هذه الاتفاقات.
وبالرجوع إلى الاتفاقات العسكرية بين دول الخليج وواشنطن، نجد أن معظمها كانت منفردة، بمعنى أن كل دولة لها اتفاقات خاصة مع واشنطن، وتبقى نصوص هذه الاتفاقات غير معلنة.
إلا أن مصطلح "إعادة الانتشار" في القواميس العسكرية يعني إعادة تموضع القوات لتحقيق هدفٍ معين بناءً على تحديات ميدانية أو أمنية أو معطيات استراتيجية أو تكتيكية.
ومن الممكن أن تكون عملية إعادة الانتشار من إقليم إلى إقليم آخر، وفي أحيان أخرى تتم في الإقليم نفسه.
متى يتم الإعلان عن إعادة الانتشار؟
لا تجري عملية إعادة الانتشار إلا لتحقيق أهدافٍ معينة تتراوح بين أهداف تنظيمية إجرائية وأخرى استراتيجية في منتهى الحيوية.
وغالباً ما يرتبط الإعلان عن إعادة الانتشار العسكري، بعدد من الحالات الأمنية والسياسية التي تعيشها البلدان، فمثلاً يتم اتخاذ هذا القرار عند ورود معلومات أمنية، تفيد باحتمالية وقوع اعتداء أو هجمات معادية، وهو الأمر الذي قد ينطبق على الحالة في منطقة الخليج.
فخلال الساعات الماضية، أصدرت إدارة الطيران الاتحادية الأمريكية، تحذيراً للخطوط الجوية التجارية في الولايات المتحدة، تنصح فيه بتوخي الحذر أثناء تحليق الطائرات فوق مياه الخليج وخليج عُمان.
جاء ذلك بعد أيام قليلة من سحب واشنطن رعاياها من العراق.
وقبل أسابيع قليلة ماضية تعرضت ناقلات نفط في ميناء إماراتي لهجمات بطائرات درون، وبعدها بأيام قليلة وقعت هجمات أخرى استهدفت خطوط إمداد أرامكو في السعودية.
ومن الدوافع الأخرى لإعلان إعادة الانتشار العسكري، دوافع تنظيمية بحتة، كما قد يكون استكمالاً لقرار سياسي معين كإخلاء منطقة محتلة أو الانسحاب من أخرى كانت القوات تُنفذ فيها مهمة محددة، وكلاهما مستبعدان في المنطقة في الوقت الحالي في المنطقة.
ولأن الحرب خُدعة في النهاية، قد يكون إعادة الانتشار جزءاً من استراتيجية عسكرية جديدة ترمي إلى تحقيق أهداف مختلفة تماماً عن سابقتها، وهو أمر وارد في حالة الانتشار الأمريكي في الخليج أيضاً.