ماذا فعل ترامب؟
وقّع ترامب أمراً تنفيذياً بفرض عقوبات على إيران تشمل قطاعات الحديد والصلب والألومنيوم والنحاس، حيث جاء في بيان للبيت الأبيض، أن العقوبات الجديدة "تهدف إلى حرمان إيران من عوائد الصادرات المعدنية". وأضاف: "إجراء اليوم يستهدف عوائد طهران من المعادن، التي تمثل 10% من صادراتها".
وتابع: "هذا الإجراء يوجه انتباه الدول الأخرى إلى أن السماح بإدخال الصلب وغيره من المعادن الإيرانية في موانئكم لم يعد مقبولاً". وهدد البيان بمزيد من الإجراءات "ما لم تغير طهران سلوكها جذرياً".
ما هي وجهة نظره؟
من وجهة نظر ترامب وبحسب البيان، إيران "كانت حرة، بموجب الاتفاق النووي، بالانخراط في شبكات إرهابية ورعايتها، وتطوير قوتها الصاروخية، وإثارة النزاعات الإقليمية، واحتجاز مواطني الولايات المتحدة ظلماً، ومعاملة شعبها بوحشية، مع الحفاظ على بنية تحتية نووية قوية".
وبالتالي يرى ترامب أنه "يمكن أن يتغير الكثير خلال عام، من خلال اتخاذ قرارات جريئة للدفاع عن الأمن القومي الأمريكي". وتابع: "بسبب إجراءاتنا، يكافح النظام الإيراني لتمويل حملته الخاصة بالإرهاب العنيف، حيث يتجه اقتصاده إلى كساد غير مسبوق، وتجفُّ عائدات الحكومة، ويخرج التضخم عن السيطرة".
ووصف البيان إجراءات إدارة ترامب ضد طهران بأنها "أقوى حملة ضغط على الإطلاق"، مؤكداً نجاحها واستمرارها.
ما هي شروطه؟
أي أن ترامب مؤمن تماماً أن أسلوب العقوبات الاقتصادية الخانقة هو أسلوب ناجح وسوف يحقق من خلاله كل ما يريده من طهران وشروط ترامب معروفة ومعلنة وهي الكشف عن أية أنشطة نووية عسكرية قامت بها إيران في السابق، وإغلاق مفاعل أراك النووي تماماً والسماح لمفتشي وكالة الطاقة الذرية بالدخول لأي منشأة نووية في أي وقت ودون تنسيق مسبق، وسحب قوات إيران من سوريا ووقف الدعم لحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، ووقف الدعم لجماعة الحوثي في اليمن وإعطاء الفرصة للحل السياسي هناك، إضافة إلى الإفراج عن المواطنين الأمريكيين ومواطني الدول الحليفة المعتقلين داخل السجون الإيرانية.
مع ترامب، كل شيء وارد
بيان البيت الأبيض الذي هدد بمزيد من الإجراءات العقابية تجاه طهران إذا لم تغير سلوكها بشكل جذري، حمل فقرة لابد من التوقف عندها لأنها جاءت على لسان ترامب، حيث قال أنه راغب في التفاوض.
"أنا أتطلع في يوم ما إلى مقابلة قادة إيران كي نعمل معاً على التوصل لاتفاق ومن المهم جداً أن نتخذ إجراءات تقدم لإيران المستقبل الذي تستحقه."
ربطت وكالات الأنباء التي نقلت بيان البيت الأبيض بين هذه الفقرة وبين ما حدث مع كوريا الشمالية، حيث كانت نبرة ترامب تصعيدية ومتشددة قبل أن يجري لقاء قمة ومحادثات تاريخية مع رئيس كوريا كيم يونغ أون، فهل يمكن أن يحدث شيء من هذا النوع؟ لا أحد يمكنه الجزم بوجود ترامب في البيت الأبيض، وإن كانت المؤشرات لا توحي بإمكانية ذلك.
ماذا عن رد فعل طهران؟
المعارضون لسياسة ترامب تجاه طهران يخشون من أن تؤدي الضغوط المستمرة إلى دفع الأمور للحرب، أو إشعال مزيد من الأزمات في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج مما يؤثر على إمدادات النفط وارتفاع أسعاره بصورة تضع مزيداً من الضغوط على الاقتصاد العالمي، خصوصاً في ظل الحرب التجارية المشتعلة مع الصين.
ويرى كثير من المحللين الأمريكيين أن إدارة ترامب هي من تتحمل المسؤولية الأكبر عن وصول مسار الأحداث إلى حالته التصادمية، حيث إن طهران كانت ملتزمة ببنود الاتفاق النووي.
"الأزمة الحالية كانت متوقعة تماماً ويمكن تجنبها بسهولة لمن يريد أن يتجنبها،" بحسب موقع فوكس الأمريكي نقلاً عن إيريك برووار المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي في إدارة ترامب.
أصابع الاتهام وراء الإجراءات التصعيدية الأخيرة من جانب إدارة ترامب تتجه بالطبع إلى جون بولتون مستشار الأمن القومي المعروف أنه لا يريد سوى تغيير النظام في إيران، لذلك يرى المراقبون أنه يقف خلف تضخيم التقارير المخابراتية التي تحذر من استعداد إيران للقيام بهجمات تستهدف القوات والمسؤولين الأمريكيين في سوريا والعراق وغيرهما.
لذلك لم تكن الخطوة الإيرانية بالانسحاب الجزئي من الاتفاق النووي مفاجئة، لكنها بالقطع قدمت لترامب فرصة لمواصلة مساره التصادمي، وبالتالي لا يبدو هناك مخرج نظري محتمل للأزمة الحالية، بحسب برووار "الدول والشركات لن ترغب في المخاطرة بالتعرض للعقوبات الأمريكية وبالتالي لن تقدم لطهران المنافع الاقتصادية التي تسعى إليها كما أنه ليس من المحتمل أن تخفف واشنطن من قبضة إجراءاتها."
ويضيف برووار أن التصعيد التدريجي هو الأكثر احتمالاً، أما عن أشكال التصعيد فتتمثل في قيام طهران بالتوسع في برنامجها النووي لاستخدامه كورقة تفاوض ضاغطة، كما يمكن أن تحدث انقسامات أكثر عمقاً بين واشنطن وحلفائها حول المسار الصحيح للأحداث مع إيران، وهناك أيضاً التهديدات العسكرية من جانب إسرائيل، إضافة لاحتمالات استخدام طهران نفوذها الإقليمي في النقاط المشتعلة لزيادة الأمور سوءاً، وهذا بالتحديد ما كان عليه الموقف قبل توقيع الاتفاق النووي.