بين الملاحقات الأمنية والأزمة الاقتصادية التي تعصف بالعالم، يبحث بعض الشباب من عدة دول عربية عن طرق هجرة للوصول إلى حياة جديدة في القارة الأوروبية.
لم يعد البحر المتوسط هو الطريق الوحيد لهؤلاء نحو الحلم الأوروبي في حياة جديدة، فقد ظهر طريق آخر مختلف، لكنه يتشابه مع الطريق الأول في خطورته وتهديده لحياة المهاجرين.
في شهر مايو/أيار 2021، أدانت دول غربية بيلاروسيا لتحويلها مسار طائرة كانت تمر عبر أجوائها، واعتقال صحفي معارض من مواطنيها كان على متن الطائرة.
وصف قادة الاتحاد الأوروبي ما حدث بأنه عملية "اختطاف"، بينما قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنه تصرف "صادم"، لذلك قامت دول غربية بفرض عقوبات على نظام الرئيس ألكسندر لوكاشينكو.
هنا، اختارت مينسك الرد عبر إزعاج الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت من خلال تسهيل مرور المهاجرين عبر حدودها مع دول أعضاء بالاتحاد الأوروبي، وهي بولندا وليتوانيا ولاتفيا.
وبالفعل، انتشرت مشاهد عديدة لمحاولات الهجرة غير الشرعية تلك، بل وتم توثيق تسهيلات بيلاروسية لسفر العرب من سوريا إلى بيلاروسيا مباشرة.
تعرضت بيلاروسيا لانتقادات أوروبية كبيرة، فبدأت في التضييق على إمكانية قدوم اللاجئين إلى مطاراتها، حتى ظن البعض أن عمليات الهجرة هذه قد انتهت.
حتى اليوم، تستمر الهجرة السرية وغير الشرعية على الحدود البيلاروسية، لكنها أصبحت بشكل صعب وتحفها الصعوبات والمخاطر خصوصاً في فصل الشتاء. ففي ظل الإجراءات الأوروبية المشددة وتقييد إمكانية وصول المنظمات لتقديم الدعم للمهاجرين، ولذلك فإن عدداً أكبر من المهاجرين يواجه خطر الموت.
هذا ما دفع طالبو الهجرة للبحث عن طريق آخر يتمثل في الوصول جواً إلى روسيا بشكل قانوني، ومن ثم تبدأ عملية التهريب، حيث يتم نقلهم إلى بيلاروسيا ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي المجاورة.
المرحلة الأولى التي تتمثل في العبور من روسيا إلى بيلاروسيا تبدو سهلة في ظل ضعف الوجود الأمني على جانبي الحدود، لكن المخاطر والصعوبات تتوالى في المراحل التالية.
استطاع "عربي بوست" الاقتراب أكثر من تفاصيل الهجرة السرية من خلال متابعة مهاجرين سريين، وصلوا إلى موسكو، منهم من نجح في الوصول إلى غايته ومنهم من وقع في "الفخ البيلاروسي"، ولا يزال عالقاً على الحدود.
المرحلة الأولى: الوصول إلى موسكو
سعيد هو اسم مستعار لمهاجر مصري يبلغ من العمر 27 عاماً، قرر الخروج من مصر بسبب الملاحقات الأمنية كونه معارضاً، بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة.
يقول سعيد: "مثلي مثل كثير من الشباب المصري، يريد الهجرة. فالوضع أصبح سيئاً للغاية في بلادنا".
قرر سعيد الهجرة إلى أوروبا، فتواصل مع أحد الأشخاص الموجودين في روسيا من خلال إحدى المجموعات الخاصة بالدراسة في روسيا على مواقع التواصل الاجتماعي، واتفق معه على إرسال دعوة دراسية للسفر إلى روسيا، وبالفعل استلم الدعوة الدراسية وحصل على التأشيرة، لتبدأ الرحلة.
وتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بعض المجموعات التي يقدم أعضاؤها المساعدة للراغبين في الدراسة في روسيا، عبر مساعدتهم على استخراج دعوة دراسية، ويتم مساعدته من قبل أحد أعضاء المجموعة والذي يكون في الغالب طالباً جامعياً موجوداً في روسيا.
ويحصل جميع من يساعدون على استخراج هذه الدعوات الدراسية على مقابل مادي لهذه الخدمة.
يرسَل مبلغ متفق عليه بين المهاجر والطالب الموجود في روسيا، ومن ثم يبدأ الطالب في استخراج دعوة دراسية له من خلال إحدى الجامعات الروسية، ثم يرسلها للمهاجر في بلده، حيث يجهز أوراقه ويتوجه للسفارة الروسية للحصول على التأشيرة لغرض الدراسة.
المرحلة الثانية: من موسكو إلى مينسك
يقول سعيد: "وصلت إلى موسكو، وحاولت البحث عن مهرب للعبور إلى بيلاروسيا. أحد أصدقائي أرسل لي رقم مهرب، تواصلت معه واتفق معي على توصيلي للعاصمة مينسك مقابل 700 دولار".
وتوجد بعض المجموعات على فيسبوك وتطبيق تليغرام فيها مهربون ووسطاء، ويتم تناقل هذه المجموعات بين راغبي الهجرة.
بعد موافقة سعيد على العرض، طلب منه المهرب التحرك لمدينة سمولينسك الروسية على الحدود مع بيلاروسيا. وصل سعيد بالفعل لتلك المدينة الواقعة في أقصى غرب روسيا.
في ذلك الوقت، أخبرنا سعيد أنه برفقة المهرب، وبعد حوالي ساعتين تواصل معنا ليخبرنا أنه أصبح بالفعل في بيلاروسيا وأنه في طريقه للعاصمة مينسك.
تمكن سعيد من عبور الحدود الروسية البيلاروسية من خلال طريق غير ممهد داخل الغابات الموجودة على الحدود بين البلدين. وذكر سعيد أنه لم يواجه أية عوائق أثناء عبوره الحدود.
بعد وصول سعيد إلى العاصمة البيلاروسية مينسك، انقطع تواصلنا معه تماماً، وباءت كل محاولات الوصول له عبر الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي بالفشل.
من أجل محاولة معرفة بقية الطريق نحو أوروبا، تواصلنا مع عماد، وهو مهاجر سوري من أصل كردي موجود في مدينة مينسك.
يبلغ عماد من العمر 34 عاماً، وكان يعمل في أحد المصانع في تركيا قبل السفر إلى روسيا من خلال تأشيرة دراسة أيضاً.
يقول عماد: "أصبح هناك حالياً تضييقات أمنية من قبل البيلاروسيين". فقد كان البيلاروسيون في بداية الأزمة مع أوروبا يساعدون طالبي الهجرة في الدخول إلى بلادهم بكل سهولة ومن خلال المطارات بشكل مباشر.
لكن حالياً اضطر عماد أيضاً للقدوم إلى روسيا أولاً، ومن ثم التوجه إلى بيلاروسيا وعبور الحدود، كما فعل سعيد.
أوضح عماد أنه كان يعرف معلومة عدم وجود أية نقاط أمنية على الحدود بين روسيا وبيلاروسيا، وهذا ما دفعه للقيام بهذه الرحلة، مشيراً إلى أن الصعوبة الأكبر في رحلته تكمن في العبور من بيلاروسيا إلى أوروبا.
يذكر أن ضباط إنفاذ القانون البيلاروسيين اعتقلوا حوالي 100 شخص وصلوا إلى بيلاروسيا بشكل غير قانوني عبر أراضي روسيا في مزرعة زراعية في قرية ميخانوفيتشي بالقرب من العاصمة مينسك، يوم السبت 18 فبراير/شباط، بحسب ما نشرته الخدمة الصحفية لوزارة الشؤون الداخلية في بيلاروسيا.
تباينت جنسيات هؤلاء الأشخاص بين الجزائر وأفغانستان ومصر واليمن والعراق وسوريا والمغرب وباكستان. لكنهم يتشابهون في طريقة وصولهم عبر روسيا إلى بيلاروسيا من خلال الهجرة غير الشرعية عن طريق الحدود، على أمل الوصول إلى أوروبا.
وقالت الخدمة الصحفية بوزارة الشؤون الداخلية البيلاروسية إن هؤلاء جميعاً لا يملكون تأشيرات دخول إلى بيلاروسيا.
المرحلة الثالثة: العبور إلى الحدود
وتابع عماد: "درجة الحرارة هنا في مينسك ليست مثل الدول العربية. هنا تكون الحرارة دائماً تحت الصفر في الشتاء، والثلج منتشر في كل مكان". في الغابات الحدودية، هناك مهاجرون يموتون بسبب البرد بالفعل.
"درجة الحرارة ليست العائق الوحيد في الوقت الراهن، بل أيضاً الجيش البيلاروسي ومعاملته السيئة وغير الآدمية معنا عندما يتم اعتقالنا"، بحسب عماد.
وأوضح عماد لـ"عربي بوست" أنه حاول تقريباً 7 مرات عبور الحدود إلى أوروبا، ولكنه لم ينجح. في كل مرة كان يتم اعتقاله من قبل الجيش البيلاروسي.
"أتذكر مرة منها كنت قد اقتربت من الحدود في مدينة جرودنا Grodno البيلاروسية الواقعة على الحدود مع بولندا، وصلت أنا و4 أشخاص آخرين إلى منطقة محظورة، وكنت على بعد أمتار قليلة من دخول بولندا، لكن تم كشفنا من قبل القوات البيلاروسية بسبب حاسة الشم عند الكلاب المدربة التي يمتلكونها".
توضح الخريطة التالية منطقة نزول المهاجرين من السيارة ليبدأوا محاولة الوصول للحدود سيراً على الأقدام:
"تم الاعتداء علينا بالضرب والإهانة اللفظية من قبل أحد الضباط البيلاروس الموجودين، وتم إرجاعنا إلى مينسك مرة أخرى"، يضيف عماد.
من جهته، يقول خالد، وهو اسم مستعار لمهاجر مصري، متواجد في مينسك أيضاً، إن "الظروف والأوضاع الاقتصادية في بلدنا جعلتنا نأتي إلى هنا لنكون لعبة بين البيلاروس والأوروبيين".
"حاولت العبور أكثر من مرة، لكن كان إما يتم الاعتداء عليّ من قبل الجيش البيلاروسي وإرجاعي، أو إعادتي من قبل الجيش الليتواني على الحدود الليتوانية إلى داخل الأراضي البيلاروسية"، يوضح خالد.
وهذه إحدى نقاط التماس التي يحاول المهاجرين العبور منها إلى بولندا:
التلاعب بالمهاجرين
في إحدى محاولات العبور، تم اعتقال خالد وآخرين من قبل الجيش البيلاروسي، الذي وضعهم داخل إحدى السيارات، كان زجاجها باللون الأسود فلا يستطيعون رؤية أي شيء من خلاله.
وبعد 4 ساعات تقريباً قامت قوات الجيش بإنزالهم من السيارة داخل إحدى الغابات، وأقنعوهم أنه في هذا الاتجاه توجد بولندا.
يقول خالد: "بالفعل ذهبنا بذات الاتجاه، وأثناء السير قمنا بفتح الخريطة من الهاتف لنجد أننا لسنا متجهين إلى بولندا بل ليتوانيا".
"ليتوانيا أو بولندا لا فرق بالنسبة لنا، لكن ما جعلنا قلقين ونريد العودة بأي طريقة أننا قابلنا أحد الشباب في الغابة عائداً من ليتوانيا وآثار التعذيب واضحة على جسده"، بحسب خالد.
عندما سأله خالد عن السبب، أخبره أن الجيش الليتواني اعتدى عليه بالضرب، وطالبه بالعودة القسرية إلى بيلاروسيا".
المرحلة الرابعة: ما بعد عبور الحدود
بالعودة إلى بقية الطريق المفترض. لا ينتهي دور المهربين بمجرد وصول المهاجرين إلى مدينة مينسك، فهذه مرحلة أولى يتم بعدها المتابعة من قبل المهربين مع المهاجرين وإرسال نقاط العبور من بيلاروسيا إلى أوروبا وتوفير سيارات لإرسالهم إلى الحدود.
بعد ذلك، يتم تركهم ليقوم المهاجرون بمحاولة عبور الحدود إما بمفردهم أو برفقة ما يسمى "ريبيري" أو مرشد للطريق، وهو شخص تابع للمهرب يعمل معه ويعرف جيداً المناطق الحدودية. وإذا ما نجح المهاجرون في العبور يتم توفير سيارات من الجانب الأوروبي لإيصالهم إلى أقرب مدينة.
هذه إحدى النقاط داخل بولندا التي ينتظر فيها المهربين المهاجرين القادمين من الحدود البيلاروسيا:
يقول قاسم، مهاجر سوري نجح في الوصل إلى ألمانيا بالفعل: "بعد عناء ومحاولات عديدة، استطعت أخيراً الوصول إلى برلين".
سلك قاسم طريقاً مليئاً بالمخاطر وكاد يموت في الغابات البيلاروسية والبولندية.
"الجيش البيلاروسي كان يحركني مثل الدمى في كل مرة أفشل في العبور، يقوم بأخذي ووضعي بالقرب من حدود دولة أخرى، لكن استطعت الفرار منهم في إحدى المرات بعدما أقنعتهم أنني سأعبر إلى ليتوانيا".
اختبأ قاسم داخل الغابة وهرب من متابعة قوات الجيش البيلاروسي، ثم عاد إلى مينسك مرة أخرى. هنا، اتفق قاسم مع أحد المهربين الذي طلب منه 4600 دولار مقابل وصوله إلى برلين.
"بالفعل أرسلت له المال، وتحركت معه واستطعت الوصول إلى ألمانيا عبر بولندا، بعد محاولتين"، يقول قاسم.
المحاولة الأولى فشلت بعدما تم القبض عليه من قبل الجيش البولندي الذي قام بتكسير هاتفه وإرجاعه قسراً إلى داخل بيلاروسيا. لكن في المرة الثانية، استطاع قاسم العبور إلى بولندا، ومن ثم تحرك بسهولة داخل الاتحاد الأوروبي حتى وصل إلى برلين.
وأضاف: "الطريق في الوقت الحالي صعب جداً. في بداية الأزمة كان الجيش البيلاروسي يساعد المهاجرين على العبور، لكن الآن يعتدي على المهاجرين بالضرب ويحتجزهم".
بعض أصدقاء قاسم محجوزون في بيلاروسيا؛ حيث يتم معاملتهم بشكل سيئ، بحسب قاسم: "لا أنصح أحداً بالمرور بهذه التجربة، إنه حقاً طريق للموت في الوقت الحالي".
هذه نقطة تجمع أخرى ينتظر فيها المهربين المهاجرين القادمين من الحدود لنقلهم إلى ألمانيا:
المعايير المزدوجة للأوروبيين
تنتهج دول الاتحاد الأوروبي، التي رحبت بقدوم ملايين اللاجئين الأوكرانيين الفارين من الحرب التي تشنّها روسيا على بلادهم، سياسة أخرى تجاه قدوم آلاف اللاجئين من الدول العربية ودول الشرق الأوسط.
بعد الوصول إلى بيلاروسيا كانت بولندا هي الوجهة الأساسية للعبور إلى الاتحاد الأوروبي لكثير من طالبي الهجرة، لكن هذه الدولة شددت إجراءاتها الأمنية على الحدود، بل وبدأت منذ أوائل العام الماضي في بناء جدار حدودي يصل ارتفاعه إلى نحو ستة أمتار ويتوقع أن يمتد على مسافة 187 كيلو متراً.
بعد هذه التطورات، تحول مهربو اللاجئين إلى اعتماد طرق أخرى تمر عبر كل من ليتوانيا ولاتفيا إضافة إلى بولندا.
وفقاً للبيانات التي نشرتها وزارة الشؤون الداخلية الليتوانية؛ منع حرس الحدود الليتواني 15082 مهاجراً حاولوا دخول البلاد منذ أغسطس/آب 2021.
فيما منعت بولندا ولاتفيا وليتوانيا معاً ما مجموعه 67000 مهاجر من دخول الاتحاد الأوروبي بشكل غير قانوني منذ بداية تدفق المهاجرين.
وتشير البيانات إلى أن بولندا منعت الدخول لـ 44579 مهاجراً، كما منعت لاتفيا الدخول لـ 7257 مهاجراً.
جثث المهاجرين العرب بالقرب من الحواجز البولندية
في 27 ديسمبر/كانون الأول 2022، عثر حرس الحدود البيلاروسي على مواطن سوري بالقرب من الحواجز البولندية. بجانب الرجل، كانت جثة ابنته.
وأوضح المهاجر السوري لحرس الحدود أنهما مكثا في بولندا لمدة ثلاثة أيام واحتجزهما أشخاص يرتدون الزي العسكري. طلب المهاجر من الجيش البولندي مساعدة ابنته، التي كانت في حالة حرجة.
على الرغم من حقيقة أن ابنته كانت على وشك الموت، أمر الجيش البولندي المهاجر السوري "بحمل جسد ابنته على كتفيه"، وأجبروه على الخروج عبر بوابة في الحاجز الفاصل بين بيلاروسيا وبولندا وتمت إعادتهما قسراً إلى بيلاروسيا.
ومنذ شهر يناير/كانون الثاني حتى مارس/آذار 2023، تم تسجيل 18 محاولة من قبل حرس الحدود البيلاروسي لجنود بولنديين يجبرون المهاجرين على عبور الحدود مرة أخرى والرجوع إلى بيلاروسيا.
منذ بداية الأزمة، بلغ عدد الأشخاص المؤكدين رسمياً الذين فقدوا حياتهم على الحدود بين بيلاروسيا وأوروبا حوالي 30 مهاجراً غير شرعي.
تُظهر إحصائيات مجموعة Granica؛ وهي مبادرة غير رسمية لمنظمات وأشخاص أوروبيين يقدمون المساعدة للمهاجرين على الحدود، أن عدد الأشخاص المفقودين من يناير/كانون الثاني 2022 إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، هو 185 مهاجراً.
الهجرة السرية من بيلاروسيا إلى أوروبا ما زالت مستمرة حتى هذه اللحظة؛ إذ جرى الإبلاغ عن حوالي 330 ألف حالة عبور حدودي غير شرعي العام الماضي، وهو يمثل زيادة بمقدار 64% عن عام 2021، وفقاً للبيانات التي نشرتها خدمة حرس الحدود في الاتحاد الأوروبي (فرونتكس) يوم الجمعة 13 يناير/كانون الثاني.