أثّرت العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو على الأجانب المقيمين في روسيا، والذين يُقدر عددهم بـ6 ملايين، حسب الأرقام الحديثة التي أعلنتها فالنتينا كازاكوفا، رئيسة المديرية الرئيسية للهجرة بوزارة الشؤون الداخلية في الاتحاد الروسي.
ولم يعد المقيمون داخل روسيا قادرين على تحويل أموالهم خارج البلاد التي يشتغلون بها باتجاه أوطانهم الأم، وذلك بسبب عقوبة فصل البنوك الروسية من نظام سويفت المالي.
ونتيجة ذلك، أعلنت "ويسترن يونيون" في 24 مارس/شباط 2022 وقف نشاطها في روسيا وبيلاروسيا على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية لينضم إلى حزمة العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على البلاد.
توقف التحويلات
بعد توقف عمليات تحويل الأموال من وإلى روسيا وجد المقيمون داخل روسيا أنفسهم غير قادرين على إرسال مبالغ مالية إلى أسرهم بطُرق قانونية وآمنة كما كان في السابق.
محمد الزواري، جزائري مقيم في روسيا، يقول إنه يجد صعوبة كبيرة في تحويل الأموال بشكل قانوني وآمن إلى بلده الجزائر كما كان يفعل سابقاً، لكن الوضع تغير كلياً بعد العقوبات المفروضة على البلد الذي يُقيم به.
وأضاف محمد، الذي يعمل في مجال البناء، أن توقف التحويلات المالية بسبب العقوبات الغربية التي فُرضت على روسيا يُشبه حصاراً فُرض علينا، فلا نستطيع إرسال ولا استقبال أي سنتيم ونحن هنا.
وأشار المتحدث إلى أن "ويسترن يونيون" كان هو خياره الأول لتحويل الأموال خارج روسيا بطريقة سهلة وآمنة، لكن الوضع الآن تغيّر فاضطر للبحث عن حلول بديلة للتحويل لعائلاتنا في وطننا الأم.
البديل هم تجار العملة
بعد فرض الغرب عقوبات على موسكو وخروج "ويسترن يونيون" من البلاد، اضطر أغلب المقيمين في روسيا والروس أيضاً للبحث عن بديل لتحويل أموالهم خارج البلاد بطرق غير قانونية.
وكان البديل هو تجار العملة، الذين يشتغلون بطرق غير قانونية لتحويل الأموال من روسيا إلى خارجها مقابلات عمولات كبيرة مقارنة بالطريقة القانونية التي كانت تشتغل بها الوكالات المالية قبل الحرب الروسية الأوكرانية.
لا يتوقف الأمر عند فرض عمولات كبيرة لتحويل الأموال من روسيا إلى خارجها، بل تجاوز الأمر ذلك؛ إذ تعرض عدد من المقيمين لعمليات نصب واحتيال من طرف ما يُعرف بتُجار العملة.
قاسم الشايع، طالب يمني مقيم في العاصمة موسكو، قال إنه "بعد فرض العقوبات الغربية على روسيا وإغلاق كل سبل التحويلات الدولية القانونية، اضطررنا للبحث عن بدائل ولم نجد غير تجار العملة فلجأنا إليهم".
وقال الشايع في حديثه مع "عربي بوست" إن "تجار العملة وبسبب الظروف الحالية يستغلون الوضع الحالي بفرض عمولات خيالية لأنهم يعرفون جيداً أنه لا بديل لهم، وللأسف في الوقت الراهن لا يوجد بديل سوى الموافقة على شروطهم".
وأضاف المتحدث" "عندما كنت أُحول عن طريق تُجار الجملة لا أتسلم بالدولار ولكن بالروبل الروسي، ويتم تحويل الأموال بسعر صرف 58 روبل للدولار الواحد رغم أن الدولار الواحد يساوي 63 روبل روسياً".
وأوضح الشايع أنه "في بداية الأمر يتم إخبارك بأنك ستدفع عمولة 5% وهي أقل من التي كنت تدفعها عن طريق (ويسترن يونيون) لكن بعد ذلك تكتشف أنك فقدت الكثير لأنه يُسلمك بالروبل مقابل الدولار بسعر صرف أقل من الموجود في الصرافات".
وأشار المتحدث إلى أنه "وبالإضافة إلى العمولة، في النهاية تكتشف أنه تم أخذ مبلغ مالي كبير منك أكثر من الطرق الرسمية، ومنذ بداية الأزمة أصبحت أواجه العديد من المشاكل في استقبال الأموال لدفع المصاريف الدراسية".
عمليات نصب واحتيال
لم يكتف تُجار العملة في روسيا باستغلال الوضع الراهن، فإضافة إلى عمولات كبيرة على التحويلات الدولية، بل وصل الأمر بتعرض العديد من الأجانب المقيمين إلى عمليات نصب واحتيال من قبل البعض منهم.
محمد حسن، مصري مقيم في روسيا، قال إنه "مع بداية الأزمة وإغلاق التحويلات الدولية بحثت عن أحد تجار العملة وعثرت على أحدهم الذي أرسلت له مبلغاً مالياً عبر حسابه البنكي على أساس أن يُسلمه لأسرتي في مصر لكنه اختفى إلى الآن".
ويضيف حسن الذي يشتغل في مقهى أن "ما حدث لم يحدث لي أنا فقط، بل للعديد من المقيمين في روسيا، نحاول الحذر والبعد عن المحتالين ولكن بسبب الوضع الحالي والاضطرار للبحث عن بديل وقعنا في فخ المحتالين في أي وقت".