في فجر التاسع من محرم، وبينما كانت نسمات الصباح تهب من بحيرة دال لتحرك الرايات المخططة بالأحمر والأسود، حيا طفلان صغيران يرتديان السروال والقميص صديقهما بسعادة، ثم سألاه عما إذا كان سينضم للموكب الذي سيجري في الحي المجاور على الضفة الأخرى من بحيرة دال.
أبحروا في صفٍ من القوارب التي كانت مصطفةً إلى جوار بعضها في هذه المنطقة من ولاية كشمير في الهند، بينما تهتف حناجرهم قائلةً "يا حسين" بأعلى صوتٍ لها، وهم يرتدون الأشرطة الخطية السوداء على رؤوسهم وأذرعتهم.
ويمثل يوم عاشوراء ذكرى استشهاد حفيد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) قبل 1400 عام تقريباً. ويُخلّد المسلمون من الشيعة حول العالم هذه الذكرى لمدة 10 أيام من شهر الله المحرم كل عام.
وسبق حظر موكبين كبيرين في الهند في الثامن والعاشر من محرم بواسطة إدارة كشمير عام 1989، ولم يجر السماح بأي مواكب منذ ذلك الحين.
ورفضت السلطات الهندية أيضاً السماح بمواكب شهر محرم في سري نكر بكشمير خلال العام الجاري، حيث ألقت الشرطة القبض على العديدين عندما حاولوا الخروج بموكب في الثامن من محرم.
الباحثة الاجتماعية آبش قالت إن "شهر محرم يعتبر رمزاً لرفض الظلم ومقاومته. وتخشى السلطات هذا الموكب لأنه يُوقظ المجتمع من سباته حتى ينهض ضد الظلم. وشهدنا حظر المواكب الدينية منذ عهد الدوغرا".
وأضافت المتحدثة في تصريح لـ"عربي بوست" أن "الحكومة الحالية جعلت تقييد الحقوق الدينية للمسلمين بكل الطرق الممكنة أمراً إلزامياً، ويمكن القول إن حظر الموكب السلمي للمشيعين ليس سوى مجرد امتداد للقيود المفروضة بالفعل على الحقوق الدينية لمسلمي كشمير".
وترى السلطات أن "القانون، والنظام، والمخاوف الأمنية في كشمير تمثل الأولوية الأولى لحكومة جامو وكشمير"، لكن السكان المحليين يعتقدون أن هذه الرؤية تمثل تجسيداً لحرمانهم من حقوقهم الدينية.
وقرر القليل من قادة المجتمع الشيعي التغريد تعليقاً على رواية السلطات، ومن بينهم آغا سيد عبيد حسين الحسيني؛ إذ أعاد نشر تغريدة من وكالة أنباء تضم مقطع فيديو للقبض على المشيعين الشيعة بواسطة شرطة جامو وكشمير في الثامن من عاشوراء بسري نكر.
وكتب مع تغريدته: "الحمد لله. أنا أشهد صعود النظام العلماني الذي جاء من على بعد مئات الكيلومترات، ويكفل الحرية للأجانب في كشمير، ويسمح لهم بالحج لمدة شهرين. بينما يتعرض الشباب الذين يعيشون في كشمير للضرب والاعتداء لمجرد خروجهم في موكبٍ ديني لمدة يومٍ واحد".
وخلال عاشوراء العام الماضي، تعرض العديد من الشيعة للاعتقال، بينما تعرض بعض الصحفيين للاعتداء على يد شرطة جامو وكشمير، بالتزامن مع حظر السلطات للموكب في سري نكر.
واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع من أجل تفريق المشيعين من الشيعة أثناء الموكب، وأصبح هذا السلوك معتاداً من جانب الشرطة عندما يحتج الناس ضد التحكيم وحرمانهم من العدالة.
ويلجأ جيل الشباب من السنة والشيعة الآن إلى الفن من أجل تسليط الضوء على غياب العدالة، وانتهاكات حقوق الإنسان، وحرمانهم من حرياتهم الدينية، ويكتب بعضهم بينما يغني البعض الآخر أناشيد المقاومة، ويشارك الشباب الشيعة في المجالس، حيث يجلسون لإلقاء أشعارهم المكتوبة عن ظلم المسلمين في جميع أنحاء العالم.
وقال سعيد علي حسين (شيعي) في التاسع من محرم: "تعتبر المشاركة في موكب محرم حقاً من أبسط حقوقي، ولا يجب حرماني منه. ولا يحق لأحد التدخل في طريقة اتباعي لمعتقدي الديني. لكن حظر هذه المواكب لمدة 30 عاماً هو أمرٌ لا تفسير له في رأيي".