اللوحات الإرشادية في الأردن، منها ما هو في مواقع سياحية، وأخرى في مواقع أثرية تاريخية، كُتبت بشكل خطأ إملائياً ومطبعياً، أو حتى عبر توظيف واستخدام المصطلحات والكلمات الخطأ لتشير إلى معنى غير مراد.
هذا الأمر يدل على إهمال كبير في الاهتمام بالبنية التحتية للقطاع السياحي في الأردن، يأتي على رأسها اللوحات الإرشادية التي تكتب باللغة الإنجليزية، والتي تشكل دليلاً سياحياً مهماً للسياح الراغبين بزيارة المواقع والآثار التاريخية.
اللوحات الإرشادية في الأردن.. غضب سياحي
تعتبر اللوحات الإرشادية في الأردن مهمة أثناء عملية تنقل السائح بين المواقع السياحية والأثرية في الأردن، فهي تعدّ بمثابة الدليل والمرشد للزائرين من الداخل والخارج إلى أي موقع ومكان في الأردن التي تزخر بالمواقع السياحية والأثرية.
لكن الزائر يفاجأ بعدم وجود لوحات إرشادية متكاملة تساعده في الوصول لموقع أثري أو سياحي، بل وفي كثير من الأحيان يجد الأخطاء وعدم الدقة في كتابة أسماء المواقع والمدن إما باللغة العربية أو الإنجليزية.
الخبيرة السياحة والمدير العام لشركة مختصة بالسياحة الوافدة، رجاء الجزار، قالت إن مشروعها "أردن الأصالة" للتعريف بالمناطق الأثرية في الأردن، كان سبباً في اكتشاف الأخطاء المنتشرة في اللوحات الإرشادية بالعديد من المواقع السياحية والأثرية.
وأضافت المتحدثة في تصريح لـ"عربي بوست": "أول مرة رأيت خطأً في اللوحات الإرشادية في منطقة الطفيلة لـ"حمامات بربيطا"، وكيف أنّه بعد كل 10 مترات تُكتب بطريقة مختلفة تماماً بالإنجليزية.
وأشارت المتحدثة إلى أنها أخذت الأمر على أنّه نكتة في البداية، ولكن بعد زيارات كثيرة لمواقع مختلفة في الأردن أدركت أنّها مشكلة متأصلة ويجب علاجها، فقامت بتسليط الضوء عليها.
وقالت الخبيرة السياحية: "وجدت أخطاءً في المواقع الرسمية من ناحية المعلومات العامة أو المعلومات الأثرية، مع أنّ الأصل أن تكون المعلومات ومصدرها صحيحاً من الهيئات الرسمية".
وأضافت المتحدث: "سلطت الضوء عليها وحاولت التواصل مع مدير دائرة الآثار العامة، واجتمعت معه للمرة الأولى عند توليه منصبه الجديد من دون تغيير يذكر، وبعدها نشرت فيديوهات، وتواصل معي على أن نجتمع، ووافقت على ذلك".
الجزار، أثناء ذلك، اكتشفت أنّ الأخطاء في أسماء المواقع الأثرية والسياحية كانت كثيرة، وأنّ تصحيحها على حد رؤيتها لا يعدّ أمراً معقداً، بل سهل، وفي رأيها فإنْ عدموا القدرة على تصحيح الأمور الصغيرة، فلن يكونوا قادرين على إحداث تغييرات كبيرة".
وتؤكد الجزار بدورها على أنّه تّم التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الهاتف حول الأخطاء المتعلقة باللوحات الإرشادية، خاصة تلك التي باللغة الإنجليزية مع دائرة الآثار ووزارة السياحة، لكن دون أي جدوى، ودون تلقي أي رد منهم.
واعتبرت المتحدثة أن الأمر الذي يعكس عدم اكتراث العديد من المسؤولين بمثل هذه الأخطاء التي يعتبرها البعض منهم أنّ فيها مبالغة في عدم قيام الجهات الرسمية، ولكن هي أخطاء فادحة تعكس صورة نمطية سلبية عن الأردن في عيون السائحين.
لكن فيما بعد تؤكد الجزار أنّه قد تمّ التجاوب مع الفيديوهات المختلفة التي نشرتها حول تلك الأخطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، إمّا بتصحيح اللوحة أو بإزالتها تماماً، لوحة إرشادية في منطقة "أم الجمال"، وأخرى في مدينة جرش.
وحتى الآن ما زالت الأخطاء موجودة في لوحة وسط العاصمة الأردنية بكل من الساحة الهاشمية ومسرح فيلادلفيا، ورغم تغييرها 3 مرات مازال بها أخطاء، وهذا مثبت في الكتاب الصادر من مدير دائرة الآثار العامة إلى أمين عمان للتصحيح.
وتكشف الجزار أنّ بعض هذه الأخطاء في اللوحات الإرشادية هي أسماء لمواقع مهمة، مثلاً متحف الآثار الأردني يسُمى على اللوحات الرسمية بمتحف جبل القلعة، مشيرةً إلى أنّ مدير دائرة الآثار وجّه كتاباً صادراً للتصحيح.
غضب سياحي
تصل إلى كل من وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة في الأردن الكثير من الشكاوى بخصوص الأخطاء المطبعية والإملائية في كتابة المعالم السياحية على اللوحات الإرشادية.
ياسر الحروب، سائح أردني يحمل الجنسية الأمريكية، كان متحمساً لزيارة الأردن، فقد اعتاد أن يصطحب معه كل عام أو عامين عائلته إلى وطنه الأول ليقضي فيها شهراً واحداً.
يقول السائح الأمريكي في حديثه مع "عربي بوست" إنه تفاجأ أثناء جولاته باللوحات الإرشادية المنتشرة في المواقع السياحية، والتي قد كتبت بشكل خطأ، سواء باللغة العربية أو ترجمتها الإنجليزية.
أما المرشد والدليل السياحي سامي الملكاوي، فيرى أنّ الكثير من السياح القادمين إلى الأردن، كانوا يرونها بعيون جميلة أثناء الحملات التسويقية والترويجية التي تقوم بها هيئة تنشيط السياحة بالأردن على المستوى الخارجي.
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن هؤلاء السياح المتحمسين في البداية أصبحوا يشتكون من اختلاف الصور التي رأوها بالواقع، على رأسها المسرح الجنوبي والشمالي لمدينة جرش، والذي يعدّ أحد أهم المعالم الأثرية الرومانية بالأردن.
ويشدد الملكاوي على أهمية دقة الحملات التسويقية التي تعنى بجذب السياحة للأردن، والتي تعكس واقع ومصداقية السياحة بالأردن، في ظل الاهتمام الذي توليه هيئة تنشيط السياحة لاستقطاب مزيد من السائحين الأوروبيين على وجه الخصوص.
ويشير الملكاوي إلى أنّه إذا ذهب أحد الزوار والسياح إلى مدينة جرش، المدينة الرومانية المهمة، ليدفع رسم الدخول المقدر للأجنبي (10 دنانير)، فإنّه سيلاحظ أنّ اسم جرش فوق شباك التذاكر كُتب بطريقة خطأ.
وأضاف المتحدث أن السائح نفسه إذا ذهب خطوتين إلى اليمين فإنّه سيلاحظ أن كلمة "جرش" كتبت بطريقة أخرى، وإذا ذهب يساراً سيُلاحظ أنّها كتبت بطريقة ثالثة، وهكذا.
ومن هنا يتساءل الملكاوي بالقول: "لماذا هذه الحالة، الأردن بلد نادر بإرثه الحضاري، والعناية بهذه الأمور لا تحتاج إلى جهد، أنا والأردنيون، على استعداد للمساعدة في التصحيح".
استجابة محدودة
"عربي بوست" بدورها حاولت التواصل أكثر من مرة مع دائرة الآثار العامة الخاضعة لوزارة السياحة والآثار، وتمّ التواصل مع مديرها الدكتور فادي بلعاوي، الذي أحالنا على مدير مكتبه، لكن لم نجد رداً كافياً حيال هذا الأمر.
وعللت الدائرة أنّ الأمر مبالغ فيه، ولا يحتاج إلى كل هذا التضخيم والزخم، وأنّ الدائرة مشغولة بما هو أكبر، بل يعدّ هذا الأمر تجنياً وكذباً وظلماً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا ينبغي الاكتراث له.
لكنّ رئيس جمعية السياحة الأردنية الوافدة عوني قعوار، أكدّ في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أنّ هناك الكثير من اللوحات تحتوي على أخطاء في أسماء المواقع التاريخية والسياحية.
وأضاف المتحدث أنّ البعض الآخر يحتوي على أخطاء في الترجمة باللغة الإنجليزية، إضافة إلى أنّ بعض اللوحات لا تعطي تقديراً صحيحاً ودقيقاً للمسافات المراد الوصول لها.
ومن ذلك، يقول المتحدث: الطريق الصحراوي الممتد من أطراف العاصمة الأردنية عمّان حتى مدينة العقبة، يحتوي على العديد من الأخطاء، وخاصة باللوحات ذات اللون البني الخاصة بالمناطق السياحية والمتنزهات.
وطالب مواطنون في محافظة جرش بتوفير اللوحات الإرشادية في جميع الشوارع والمناطق السياحية في المحافظة لأهميتها بالنسبة لمستخدمي الطرق من المواطنين والسياح، لاسيما أنّ المحافظة تزخر بالمواقع السياحية.
ومن هنا يرى قعوار في حديثه مع "عربي بوست" أنّ مسؤولية الأخطاء في اللوحات الإرشادية بالمواقع الأثرية والسياحية هي من مسؤولية دائرة الآثار، أما اللوحات الإرشادية المتعلقة بالمواقع والأماكن والمدن ذات اللون الأخضر والأزرق فهي مسؤولية وزارة الأشغال وأمانة عمان الكبرى.
ويكشف قعوار أنّه مؤخراً باتت هناك متابعة من قبل وزارة السياحة ودائرة الآثار لأجل تعديل وصيانة العديد من اللوحات الإرشادية، بعد أن ضجت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً بهذا الأمر.
من جانبها قالت الخبيرة السياحية رجاء جزار، إن التجاوب مع الفيديوهات المختلفة التي نشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تتحدث عن أخطاء اللوحات الإرشادية، إمّا بتصحيح اللوحة أو بإزالتها تماماً، كان محدوداً.