في خطوة جديدة تتزامن مع تصاعد الضغوط الأمنية والسياسية على الاحتلال وحكومته، أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء 5 أكتوبر إقالة وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت، وتعيين يسرائيل كاتس بديلًا عنه. وفي إطار التعديلات الوزارية، عين نتنياهو غدعون ساعر، رئيس حزب "اليمين الوطني"، وزيرًا للخارجية خلفًا لكاتس.
تأتي هذه التغييرات في الحكومة الإسرائيلية وسط فترة حساسة ومضطربة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث يواجه مكتبه تحقيقات أمنية تتعلق بتسريب وثائق سرية وتزوير بروتوكولات لمناقشات أمنية حساسة. هذه الظروف تزيد من حدة الضغط على حكومة نتنياهو، الذي، رغم الاحتجاجات والمطالب المتزايدة من المعارضة بالدعوة لانتخابات مبكرة منذ 7أكتوبر/تشرين الأول 2023، يصر على البقاء في السلطة.
وفي ظل هذا الوضع المتأزم، يأتي يسرائيل كاتس الذي شغل سابقًا منصب وزير الخارجية وعُرف بتصريحاته غير اللائقة مع المجتمع الدولي، للقيام بدور جديد كوزير لجيش الاحتلال، زاعماً أنه سيهزم الأعداء ويحقق أهداف الحرب ضد حركة حماس وحزب الله اللبناني.
إذ نشر عبر حسابه على منصة "إكس": "سنعمل معًا لقيادة المؤسسة الدفاعية نحو النصر على أعدائنا وتحقيق أهداف الحرب: تحرير جميع الرهائن… تدمير حماس في غزة، وهزيمة حزب الله في لبنان، واحتواء العدوان الإيراني، وضمان عودة سكان الشمال والجنوب إلى منازلهم بسلام".
אני מודה לראש הממשלה נתניהו על האמון שהעניק לי במינוי לתפקיד שר הביטחון.
— ישראל כ"ץ Israel Katz (@Israel_katz) November 5, 2024
אני מקבל את האחריות הזו בתחושת שליחות ובחרדת קודש למען ביטחונה של מדינת ישראל ואזרחיה.
נעבוד יחד להצעיד את מערכת הביטחון לניצחון מול אויבינו ולהשגת יעדי המלחמה: השבת כל החטופים כמשימה הערכית החשובה ביותר,…
ووصفه نتنياهو كاتس بأنه "سياسي" يجمع بين "المسؤولية والتصميم الهادئ"، وأشاد بخبرته الواسعة وقيادته، قائلاً إنه "مجهز جيداً لقيادة الجهود الدفاعية خلال هذه الفترة الحرجة"، وفق ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت".
رغم ذلك، لم يكن كاتس ضمن الشخصيات البارزة في المحادثات الإسرائيلية الأمريكية خلال الزيارات التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الأراضي المحتلة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي وصل عددها إلى 11 زيارة. ولم يعقد بلينكن سوى اجتماعات قليلة مع كاتس، لكنه كان يلتقي بانتظام مع غالانت.
مناصب سابقة
بدأ يسرائيل كاتس مسيرته في جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1973، حيث خدم كضابط في كتيبة المظليين "890" برتبة نقيب، وشارك كضابط احتياط في حرب لبنان الأولى عام 1982. و يُذكر أن كاتس قبل أن يترك الجيش لم يشغل أي منصب عسكري رفيع، بخلاف سلفه يوآف غالانت الذي كان جنرالًا قبل أن يصبح وزيرًا للجيش في عام 2022.
بدأ كاتس عمله السياسي في عام 1984 كنائب مدير مكتب أريئيل شارون، الذي كان حينها وزير الصناعة والتجارة، ليصبح أحد مساعديه المقربين.
ودخل كاتس الكنيست الإسرائيلي عام 1998 كعضو ممثلًا عن حزب الليكود، ومنذ ذلك الحين، تقلد عدة مناصب وزارية في حكومات نتنياهو، منها وزارة المواصلات بين عامي 2009 و 2019، ووزارة الخارجية بين 2019 و2020، ووزارة المالية بين 2020 و2022، وشغل منصب رئيس مؤتمر حزب "الليكود" الذي يتزعمه نتانياهو منذ عام 2005.
وفي يناير 2023، تم تعيينه وزيرًا للطاقة والبنية التحتية، حيث تولى مسؤولية ملفات تشمل الكهرباء والغاز والمياه، قبل أن يتم نقله في يناير 2024 لتولي وزارة الخارجية مرة أخرى.
نشأة كاتس الدينية
وُلد يسرائيل كاتس في مدينة عسقلان عام 1955 لأبوين مهاجرين من رومانيا، يزعم أنهما من الناجين من "الهولوكوست".
ونشأ كاتس في بيئة دينية متطرفة، حيث تلقى تعليمه في مدرسة "أور عتسيون" الدينية تحت إشراف الحاخام حاييم دروكمان، أحد الشخصيات المؤثرة في الحركة الصهيونية الدينية.
ثم حصل كاتس على درجة البكالوريوس من الجامعة العبرية في القدس، حيث تابع دراساته العليا وفقًا لموقع البعثات الإسرائيلية. يعيش حاليًا في مستوطنة موشاف كفار أحيم.
توجه كاتس المتطرف
يتبنى كاتس سياسة متطرفة ضد الفلسطينيين، ويدعم إنشاء المستوطنات ويعارض بشدة فكرة حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.
في أغسطس/آب 2024، دعا كاتس إلى "إجلاء الفلسطينيين من مدن الضفة ومخيماتها، كما يتم إخلاء مخيمات قطاع غزة"، مبرراً ذلك بالقول إن "هذه حرب على كل شيء، وعلينا أن ننتصر فيها".
وحينها قال كاتس: "علينا أن نأخذ مركزا إرهابيا مثل مخيم جنين للاجئين، ونخليه مؤقتا من سكانه إلى مكان منظم، ونعتني جيداً بإحباط البنية التحتية الإرهابية الموجودة في المخيم كما حدث في غزة".
وفي فبراير/شباط 2024، اقترح كاتس فكرة "جزيرة صناعية" قبالة سواحل غزة كوسيلة لنقل السكان الفلسطينيين إليها، وإحلال مستوطنين يهود مكانهم خلال اجتماعه مع نظرائه الأوروبيين. لكن وزارة الخارجية نفت لاحقًا، موضحة أن الاقتراح كان بناء ميناء لغزة على جزيرة صناعية.
عدو المجتمع الدولي
خلال فترة عمله كوزير للخارجية، اتسمت تصريحاته بالحدة تجاه الشؤون الدولية، متجاهلًا الأساليب الدبلوماسية لصالح خطاب متطرف يعتمد على العنف اللفظي والتشهير بالمسؤولين الدوليين.
ففي مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2024، أعلن كاتس أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، شخص غير مرغوب فيه داخل إسرائيل، متهماً إياه بـ"معاداة السامية" بحجة عدم إدانته بشكل صريح لهجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وفق ادعائه.
في الشهر ذاته، اتخذ كاتس خطوة تصعيدية أخرى، إذ أمر مسؤولين في وزارة الخارجية بالتحرك قانونيًا ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد قرار باريس منع الشركات الإسرائيلية من المشاركة في معرض بحري عسكري.
حتى أنه قبل الحرب كان متبعاً لهذا الأسلوب العنيف في التصريحات فبعد وقت قصير من تعيينه لأول مرة وزيراً للخارجية، قال إن البولنديين "يرضعون معاداة السامية".
إلى جانب ذلك، قاد كاتس حملة تستهدف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حيث عمد إلى التحريض ضدها بشكل مكثف، وأثمرت جهوده بإصدار الكنيست الإسرائيلي قرارًا بحظر الوكالة داخل إسرائيل بعد تصويت جرى قبل أيام.
وبجانب تطرفة السياسي والدبلوماسي له ماض جنائي ففي أواخر الثمانينيات، عندما كان لا يزال نائب مدير وزارة الصناعة والتجارة في عهد الوزير آنذاك أرييل شارون، حيث حوكم كاتس بتهمة الاحتيال وخيانة الأمانة.