بعد النجاح الصعب الذي حققه ملتقى الحوار الليبي برعاية أممية في الخروج بسلطة تنفيذية "موحدة" متوافق عليها داخلياً ودولياً، تتجه الأنظار إلى مجلس النواب بشقَّيه، وتساؤلات عدة تُطرح بشأن قدرته على إنجاح المرحلة الانتقالية رغم انقسامه.
فمجلس النواب مكلف بمهمة رئيسية ومصيرية تتمثل بانتخاب رئيس للبلاد وبرلمان جديد، ومنح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية التي كلف عبدالحميد دبيبة بتشكيلها، بعد اختياره في 5 فبراير/شباط الجاري.
صباح الأحد 15 فبراير/شباط 2021، وصل نحو 74 نائباً من أعضاء مجلس النواب الليبي إلى مدينة صبراتة؛ للمشاركة في جلسة تشاورية، تمهيداً لتغيير اللائحة الداخلية للمجلس وانتخاب رئيس جديد بدلاً من الرئيس الحالي عقيلة صالح، ومناقشة منح الثقة للحكومة المزمع تشكيلها، بحسب مصدر من مجلس النواب في صبراتة، فضَّل عدم ذكر اسمه.
وخلال الجلسة اتفق المجتمعون، على مدار اليومين الماضيين، على تجاوز النصاب الذي يتطلب حضور 90 نائباً لعقد الجلسة بشكل رسمي.
وبالتوازي مع جلسة صبراتة، بدأت جلسة تشاورية لمجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق -500 كم شرق مدينة بنغازي- بحضور رئيس المجلس عقيلة صالح والنائب الثاني أحميد حومة وأقل من 20 عضواً.
وناقش أعضاء مجلس النواب المنعقد في طبرق، ترتيب عقد جلسة رسمية في مدينة بنغازي أو سرت، مكتملة النصاب، لمنح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية المزمع تشكيلها.
لماذا فشلت الجلسة؟
لكن مجلس النواب فشل في إقرار الحكومة، إذ لم يصل للنصاب القانوني، فضلاً عن أن بعض النواب انسحبوا من الجلسة في صبراتة بعد دعوة عقيلة صالح من طبرق إلى عقد جلسة المجلس في بنغازي.
هذا فضلاً عن الانقسام الحاصل حول تعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب، والتهديد الذي تلقاه بعض نواب المنطقة الشرقية المشاركين في صبراتة، رسائل وصلت لحد التهديد بالقتل في حال شاركوا في التصويت على أية قرارات، من شأنها تغيير رئاسة المجلس أو اللائحة الداخلية له.
رفض اجتماع صبراتة..
وعبّر بعض أعضاء مجلس النواب عن رفضهم اجتماع أعضاء من البرلمان في مدينة صبراتة، من أجل إعادة انتخاب رئاسة البرلمان وتعديل لائحته الداخلية.
وينص القانون الذي اتفقت عليه الأطراف الليبية في الملتقى الوطني السياسي بمدينة غدامس غربي ليبيا وفي تونس، على انتخاب رئيس من إقليم فزان بالجنوب الليبي، ولم يعلن حتى الآن رئيس الحكومة الجديد، عبدالحميد دبيبة، الأسماء المرشحة لتشكيل الحكومة.
قال عضو مجلس النواب سالم قنيدي، لـ"عربي بوست"، إنه تقرَّر عقد جلسة الإثنين والثلاثاء المقبلين، إما في سرت إذا كانت آمنة وإما في صبراتة، لتغيير رئاسة المجلس. وأضاف عيسى عبدالمجيد، مستشار الشؤون الإفريقية في مجلس النواب، أنه خلال الساعات الـ72 القادمة، سيكون هناك اجتماع لانتخاب رئيس جديد، وسيتم تحديد الاجتماع إما في صبراتة أو سرت أو غدامس، مشيراً إلى أن النواب طالبوا عقيلة صالح بالاستقالة من رئاسة المجلس.
رئاسة المجلس لأحد أعضاء المجلس من الجنوب الليبي
دعا النواب وعددهم 97 نائباً، في بيان، الثلاثاء 16 فبراير/شباط 2021، رئاستَي مجلس النواب بكل من طبرق وطرابلس، إلى حضور الجلسة المقررة، وفي حال تغيُّبهم عن الحضور يدير الجلسة أكبر الأعضاء سنّاً، مع التعهد بالالتزام بجدول الأعمال.
وأوضح بيان المجلس، أن جدول أعمال الجلسة المقبلة يتضمن إعادة انتخاب رئاسة مجلس النواب بحيث تؤول الرئاسة إلى أحد أعضاء المجلس من الجنوب الليبي، وذلك وفق ما تم التوافق عليه ووفق إعلان القاهرة.
ويتضمن البند اعتماد مخرجات ملتقى الحوار السياسي بجنيف، ومناقشة آليات إعطاء الثقة لحكومة الوحدة الوطنية، واعتماد تعديلات اللائحة الداخلية بما يتضمن إضافة الدورة البرلمانية.
ودعا البيان جميع أعضاء مجلس النواب إلى تغليب مصلحة الوطن والحضور إلى الجلسة حسب الموعد المعلن.
يقول المحلل السياسي عبدالجواد البدين، إن اخفاق مجلس النواب في التصديق على منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية أمر متوقع، وإنه لو كان هناك توافق داخل مجلس النواب لما لجأت البعثة إلى تشكيل لجنة الحوار الوطني أو ما سُمي لجنة الـ75، مشيراً إلى أن هذا الإخفاق ليس نهاية المطاف، ولهذا وُجدت مجموعة الحوار التي شكَّلتها البعثة لحلحلة مثل هذه الانسدادات.
ويرى البدين أنه "في هذه المرحلة لسنا أمام المعايير القانونية المتكاملة في العملية السياسية، يجب أن تكون هناك تجاوزات، من أجل الخروج من الانشقاق الذي يسود مشهد مجلس النواب"، منوهاً إلى أنه لا يُعقل أن لا يمارس مجلس النواب العمل السياسي بشكل صحيح، رغم أنه منتخب من الشعب ومراهَن عليه، ومع ذلك هو موجود في المشهد الليبي قرابة سبع سنوات، دون ممارسة المسؤوليات المنوطة به والعمل السياسي.
وتابع البدين أن هشاشة مجلس النواب جعلت الكتل والكيانات السياسية الليبية تبارك تشكيل لجنة الحوار الليبي للخروج من الانسداد السياسي الذي تمر به البلاد، مشيراً إلى أن الأمر سيوكل إلى لجنة الحوار السياسي الليبي، التي بدورها ستكون أكثر مسؤولية في منح الثقة للحكومة الجديدة.