اعتبر نشطاء مسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية، أن الضربات الجوية التي شنتها واشنطن ضد اليمن بأوامر من الرئيس جو بايدن، تدقّ على ما يبدو مسماراً آخر في نعش أصوات الناخبين المسلمين في الانتخابات الرئاسية القادمة، بحسب مقابلات أجرتها مجلة Newsweek الأمريكية.
خلال حديثه عبر الهاتف مع المجلة، الجمعة 12 يناير/كانون الثاني 2024، قال إدوارد أحمد ميتشل، نائب المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)، إن جماعة الحقوق المدنية "منزعجة انزعاجاً عميقاً" من الغارات الجوية "غير القانونية" في اليمن.
أضاف ميتشل: "نحن منزعجون للغاية لرؤية إدارة بايدن تصعّد هذه الأزمة من خلال قصف اليمن دون موافقة الكونغرس، بدلاً من معالجة جذور الأزمة بكل بساطة، وهي الإبادة الجماعية المستمرة في غزة. إذا انتهت هذه الإبادة، سوف تنخفض حرارة (التصعيد) في المنطقة".
وأوضح بالقول: "من وجهة نظرنا، هذه الضربة التي نُفذت دون موافقة الكونغرس تعد غير قانونية، إنها خطيرة ولن تجلب السلام في نهاية المطاف، إنها سوف تصعّد خطر الحرب وحسب".
ورداً على تصريح لبايدن حول سبب تنفيذ الضربات، قال ميتشل: "أعتقد أن كثيراً من الأشخاص منزعجون من أن حكومتنا سارعت لحماية الشحن التجاري، لكنها لم تسرع لحماية آلاف الأطفال الذين استشهدوا في غزة. سيكون من الرائع رؤيتنا نكترث لكلا الأمرين".
بايدن يواجه مشكلة مع الناخبين العرب والمسلمين
بلغ الأمر مداه مع ائتلاف من الأمريكيين المسلمين في الولايات المتأرجحة، لدرجة أنهم أطلقوا حملة للتخلي عن بايدن (#AbandonBiden)، وحثوا فيها الناخبين على عدم انتخابه رئيساً مرة أخرى في انتخابات 2024 بسبب استجابته للحرب التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة.
في ديسمبر/كانون الأول 2023، وخلال حديثه مع مجلة "نيوزويك"، قال جيلاني حسين، مدير شعبة مينيسوتا بمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، الذي لم يكن يتحدث باسم مجموعة الحريات المدنية التي ينتمي إليها: "الغالبية العظمى من المسلمين أبلغونا وأطلعونا في مساجدنا وفي مجموعاتنا المجتمعية، أنهم لا يتخيلون أنفسهم أبداً يصوتون للرئيس في الانتخابات القادمة".
والسبت 13 يناير/كانون الثاني، قال الدكتور حسن عبد السلام من حملة "تخلوا عن بايدن": "أثبت الموقف في اليمن أن حملة "تخلوا عن بايدن" كانت صائبة في التنبؤ بالكارثة المتعلقة بسياسة الرئيس حول غزة… لا تستطيع الولايات المتحدة ببساطة استخدام القوة بهذه الطريقة التي لا تخضع لرقابة… فلسطين هي على الأرجح قضية السياسة الخارجية الأهم بالنسبة للأمريكيين المسلمين والمسلمين في جميع أنحاء العالم"، وذلك خلال رسالة بريد إلكتروني أرسلها عبد السلام للمجلة.
أضاف: "الأمريكيون العرب لم يعودوا مصدومين، ولكن في الوقت الحالي يستحيل أن يصوت الأمريكيون المسلمون والعرب لصالحه".
في سياق متصل، قال ميتشل، متحدثاً باسم مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية: "لا نُخبر الناس حول من يصوتون له ومن يصوتون ضده. نحن نتتبع وحسب مشاعرهم ونشجعهم على الخروج للتصويت، بغض النظر عن الشخص الذي يدعمونه".
وأردف: "أتوقع أن الإبادة الجماعية في غزة سيكون لها تأثير رئيسي على القرارات والميول السياسية بالنسبة للمسلمين الأمريكيين في الانتخابات القادمة والانتخابات التي تليها، لا أعرف بأي طريقة سيؤدي ذلك إلى قلب الأمور".
الناخبون المسلمون والعرب محبطون
من جانبه، قال وائل الزيات، الرئيس التنفيذي لمؤسسة إمغاج (Emgage)، وهي منظمة غير ربحية تستهدف تثقيف الناخبين الأمريكيين المسلمين وحشدهم: "أعتقد أن مكانة بايدن [بين المصوتين المسلمين والعرب] عانت بشدة بسبب سياسته تجاه فلسطين وإسرائيل، ودعمه غير المشروط لنتنياهو. رغم الأدلة المتزايدة على ارتكاب جرائم حرب وربما إبادة جماعية".
وقال الزيات: "نسمع من الناخبين المسلمين والعرب أنهم غير سعداء على الإطلاق، ومحبطون، وكثير منهم يقولون الآن، استناداً إلى ما رأوه، إنهم لن يصوتوا لبايدن".
أضاف أن الناس قد يصوتون لطرف ثالث، أو أن "هناك دائماً الخوف من أن الناخبين سوف يبقون في منازلهم"، ومع ذلك، قال الزيات إن الرئيس السابق دونالد ترامب، المرشح الرئيسي للحزب الجمهوري، ليس خياراً بالنسبة للناخبين المسلمين والعرب في الولايات المتحدة.
في مكالمة هاتفية مع المجلة، الجمعة 12 ديسمبر/كانون الثاني، قال عابد أيوب، المدير التنفيذي الوطني للجنة مكافحة التمييز الأمريكية العربية (ADC): "كلٌ من الناخبين العرب والمسلمين عبّروا بالفعل عن إحباطهم من إدارة بايدن، وهو ما نقوله منذ أكتوبر/تشرين الأول؛ إنه سوف يؤثر على الانتخابات".
وأوضح أيوب: "لا ينبغي أن يكون ذلك آخر شواغل هذه الإدارة الآن"، مضيفاً أن "هناك قلقاً حقيقياً" من انجرار الولايات المتحدة "بل بصورة أعمق" إلى حرب أخرى.
وعندما سُئل عن الشخص الذي سيصوت له الأمريكيون المسلمون والعرب، إذا لم يصوتوا لبايدن، قال أيوب إن الأمر عائد إلى رغبة الناخبين، وأوضح: "نعيش في بلد حيث يمكن للشعب أن يصوت كما يحلو له، فإذا لم يصوتوا لبايدن وإذا لم يصوتوا لترامب أو لأي مرشح جمهوري آخر، ربما يصوتون لمرشح من حزب ثالث"، مضيفاً أنه "ستكون هناك صدمة قادمة في (انتخابات) نوفمبر/تشرين الثاني".