أطلقت الحكومة البريطانية تحقيقاً في مزاعم بأنَّ علماء في جامعات بريطانية ساعدوا النظام الإيراني على تطوير تقنيات يمكن استخدامها لتحسين برنامجه لبناء طائرات مُسيَّرة انتحارية، حسبما أفادت صحيفة The Financial Times البريطانية.
يأتي التحقيق في الوقت الذي حذّرت فيه واشنطن الشركات الأمريكية، في يونيو/حزيران الحالي، للتأكد من أنها لا تُزوِّد إيران عن غير قصد بالإلكترونيات أو الأجزاء الأخرى التي يمكن أن تستخدمها لصنع الطائرات المُسيَّرة.
وأرسلت إيران المئات من طائرات كاميكازي المُسيَّرة إلى روسيا، التي استخدمتها إلى حد مدمر في مهاجمة أهداف مدنية وعسكرية أوكرانية، وفقاً لكييف وحلفائها الغربيين، في حين تنفي إيران أي دور لها في حرب روسيا على أوكرانيا.
"نأخذها على محمل الجد"
وقال رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، متحدثاً في البرلمان، الأربعاء 21 يونيو/حزيران 2023: "نأخذ كل مزاعم انتهاك ضوابط الصادرات على محمل الجد… لن نقبل أي تعاون يُعرّض أمننا القومي للخطر".
وتحظر المملكة المتحدة تصدير التكنولوجيات العسكرية و"ذات الاستخدام المزدوج" إلى إيران، وفرضت عقوبات على الأفراد والمنظمات الإيرانية التي تزود روسيا بطائرات كاميكازي المُسيَّرة.
وسيتحرى التحقيق البريطاني، الذي تقوده وزارة التجارة والصناعة، مزاعم بأنَّ أكاديميين في العديد من الجامعات البريطانية قد عملوا مع نظرائهم الإيرانيين في الأبحاث التي يمكن أن تزيد من ارتفاع وسرعة ونطاق الطائرات المُسيَّرة.
في السياق، قال متحدث باسم الحكومة البريطانية: "نحن نحقق في التقارير الأخيرة. في غضون ذلك، جعلنا أنظمتنا أقوى… لحماية الأبحاث في المملكة المتحدة من التهديدات العالمية المتغيرة باستمرار".
باحثون "متورطون"
ويأتي تحقيق الحكومة البريطانية بعد تحقيق أجرته The Jewish Chronicle، وهي صحيفةٌ مقرها لندن، في التعاون الأكاديمي مع العلماء الإيرانيين.
وزعمت الصحيفة أنَّ باحثين بعدة جامعات بريطانية متورطون، وضمن ذلك من إمبريال كوليدج لندن وجامعة كرانفيلد، وهو معهد دراسات عليا متخصص في العلوم والهندسة وله شراكة مع وزارة الدفاع البريطانية.
واطلعت صحيفة "فايننشال تايمز" على إحدى الأوراق البحثية لعام 2019، التي أُجرِيَت بدعم من وزارة العلوم الإيرانية، والتي درست آثار أنواع المحركات المختلفة على أداء الطائرات المُسيَّرة، وأشارت إلى دورها العسكري المحتمل. واستعرضت ورقة أخرى لعام 2021 أنظمة التحكم المختلفة التي تُطوَّر لمحركات الطائرات من الجيل التالي.
وحذّر كين ماكالوم، رئيس جهاز الأمن الداخلي "إم آي 5″، في خطاب له العام الماضي، من مخاطر الاختراق الأكاديمي والتجسس الصناعي، على الرغم من أنَّ تحذيره كان موجهاً، إلى حد كبير نحو مخاطر العمل مع الصين.
نشاط إيراني
في حين قال بهنام بن طالبو، زميل باحث قديم بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات -وهي مؤسسة فكرية أمريكية- إنَّ تحذير الشركات الأمريكية والتحقيق البريطاني يوضحان "قدرة طهران ونيتها لاستغلال حتى أصغر الفجوات في الصناعة والتجارة… والنطاق العالمي الحقيقي لأنشطة الطائرات المُسيَّرة الإيرانية".
وتشير التقديرات إلى ارتفاع الصادرات العسكرية الإيرانية إلى روسيا إلى 123 مليون دولارٍ العام الماضي، من صفر في عام 2021، وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
وذكرت إمبريال كوليدج لندن: "لدينا إرشادات شاملة لأكاديميينا؛ للتأكد من أنهم على دراية بتشريعات الأمن القومي المناسبة وملتزمون بها، وبمسؤولياتهم عند العمل مع المتعاونين الدوليين".
فيما قالت جامعة كرانفيلد: "نراجع سياساتنا وعملياتنا الأمنية على أساس مستمر؛ للتأكد من أنَّ أنشطة البحث تتوافق تماماً مع الإرشادات والالتزامات القانونية".