استدعت الحكومة الباكستانية، الأربعاء 10 مايو/أيار 2023، جيش البلاد لـ"توفير الأمن" في العاصمة إسلام أباد بعد سقوط ضحايا في الاحتجاجات التي اندلعت الثلاثاء على خلفية اعتقال رئيس الوزراء السابق عمران خان (70 عاماً)، محذرةً المحتجين من أي هجمات أخرى على منشآت الدولة.
بحسب قناة جيو نيوز التلفزيونية، دعت الحكومة الفيدرالية الباكستانية القوات المسلحة إلى ضمان الأمن في إسلام أباد، على خطى حكومات ولايات خيبر باختونخوا، وبلوشستان، والبنجاب.
كانت السلطات ألقت، الثلاثاء، القبض على خان -الزعيم السياسي الأكثر شعبية بباكستان في استطلاعات الرأي- بسبب قضية احتيال تتعلق بأراضٍ؛ مما دفع أنصاره إلى اقتحام عدد من المباني العسكرية ونهب منزل مسؤول بارز في الجيش بمدينة لاهور شرق البلاد.
الجيش يحذّر المتظاهرين
في سياق متصل ذكر بيان صادر عن الجيش الباكستاني أن يوم 9 مايو/أيار (الثلاثاء)، سيبقى "صفحة سوداء" بتاريخ البلاد، في إشارة إلى أعمال العنف التي شهدتها الاحتجاجات المندلعة عقب اعتقال عمران خان.
وهاجم المتظاهرون مباني وأصولاً حكومية وأضرموا النار فيها، وقالت الحكومة اليوم الأربعاء، إنها وافقت على طلبات من اثنين من الأقاليم الأربعة في باكستان -البنجاب وخيبر باختون خوا معقلي خان- ومن العاصمة إسلام أباد لنشر قوات.
في السياق، أكد بيان الجيش أن المتظاهرين استهدفوا مؤسسات عسكرية ورددوا هتافات مناهضة للقوات المسلحة، مشدداً على أنه لن يُسمح لأحد بالاستحواذ على القانون.
كما حذَّر الجيش الباكستاني من أنه في حالة استمرار الهجمات على القوات المسلحة وقوات الأمن والممتلكات العامة، "فإن المتظاهرين سيواجهون رداً عنيفاً".
ومنذ اعتقال عمران خان، الثلاثاء، قُتل ما لا يقل عن 6 أشخاص وأصيب عشرات في اشتباكات بين المتظاهرين المنتمين إلى حزب حركة إنصاف التابع لـ"خان" والشرطة، وفقاً لمسؤولين.
من جانب آخر، توقفت خدمات الإنترنت على الهواتف المحمولة لليوم الثاني، اليوم الأربعاء، مع استمرار الاحتجاجات في الشوارع، واتهم وزراء اتحاديون أنصار خان بإضرام النيران في عدد من المباني والمركبات.
محاكمة خان
ويواجه خان، رئيس الوزراء الوحيد في البلاد الذي أطيح به من خلال التصويت بحجب الثقة في تاريخ باكستان السياسي المتقلب الممتد 75 عاماً، عدداً كبيراً من القضايا المرفوعة ضده، تتراوح بين "الإرهاب" و"محاولة القتل" و"غسيل الأموال".
بدوره، قال المستشار الحكومي عطاء الله تارار، إنه مع اندلاع الاحتجاجات في الشوارع، أحالت محكمة باكستانية خان إلى مكتب المحاسبة الوطني، هيئة مكافحة الكسب غير المشروع في باكستان، ليخضع لمزيد من الاستجواب لثمانية أيام.
ووجهت محكمة باكستانية أخرى، الأربعاء، لائحة اتهام إلى خان تضمنت بيع هدايا الدولة في السنوات الأربع التي قضاها في السلطة، بعد يوم من اعتقاله في قضية الاحتيال المنفصلة.
وجاء الاتهام في أعقاب قرار للجنة الانتخابات الباكستانية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أدانه ببيع هدايا الدولة بين عامي 2018 و2022 دون سند من القانون، ومنعه من تولي أي منصب عام حتى الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني. ونفى خان ارتكاب أي مخالفات.
الإطاحة بعمران خان
وأطيح بخان من منصب رئيس الوزراء في أبريل/نيسان 2022، في تصويت للبرلمان بحجب الثقة.
ولم يخفف خان من شدة حملته على الذين أطاحوا به على الرغم من إصابته في هجوم في نوفمبر/تشرين الثاني، على موكبه في أثناء تزعُّمه مسيرة احتجاجية إلى إسلام أباد للمطالبة بإجراء انتخابات عامة مبكرة.
وقضيتا الفساد من بين أكثر من 100 قضية مرفوعة ضد خان بعد تركه المنصب. وسيُمنع خان على الأغلب من تولي مناصب عامة في حالة إدانته.
وألقي القبض على خان بعد يوم من توبيخ الجيش لرئيس الوزراء السابق، بسبب اتهامه ضابطاً برتبة كبيرة في الجيش بتدبير محاولة لاغتياله واتهامه قائد القوات المسلحة السابق بالوقوف وراء إقالته من السلطة العام الماضي.
ونفى الجيش مزاعم خان، فيما قالت صحيفة "دون" في افتتاحية: "طبيعة ومكان الاحتجاجات التي اندلعت بعد اعتقال السيد خان أمس (الثلاثاء) تشير إلى أن الغضب العام موجه أيضاً إلى الجيش".
وما زالت القوات المسلحة أقوى مؤسسة في باكستان، وحكمت البلاد مباشرة لما يقرب من نصف تاريخها الممتد 75 عاماً، في ثلاثة انقلابات. وعلى الرغم من أن نفوذ الجيش كبير، فقد قال في الآونة الأخيرة إنه لم يعد يتدخل في السياسة.