بدأت شركة نستله السويسرية في دفع تعويضات للمزارعين مقابل إبعاد الأطفال عن حقولهم، في الوقت الذي يُعتقد أن حوالي 1.5 مليون طفل يعملون في حقول الكاكاو في ساحل العاج وجارتها غانا، وهما معاً تنتجان 60% من الكاكاو في العالم، بحسب ما قالت صحيفة The Times البريطانية الأحد 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
كانت شركة نستله السويسرية والشركات المنافسة لها تعهدت بالقضاء على عمالة الأطفال في صناعة الشوكولاتة التي تبلغ قيمتها 100 مليار دولار منذ أكثر من عقدين، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً.
ويعمل الاتحاد الأوروبي على صياغة قوانين تفرض على الشركات إثبات أن جميع حبوب الكاكاو التي تنتجها لا تعتمد على عمالة الأطفال بحلول عام 2024.
في مواجهة هذه القوانين والارتفاع في الوعي العام عن مصدر الغذاء، دخلت نستله ومارس والشركة المالكة لشركة كادبوري مونديليز إنترناشونال وشركات الشوكولاتة الأخرى في منافسة لتنظيف إنتاجها من عمالة الأطفال، وأعلنت عن استثمارات بمليارات الدولارات في سبيل ذلك.
نستله تباشر سياسة جديدة
ولعل نستله، أكبر شركة أطعمة ومشروبات في العالم التي حققت مبيعات بقيمة 90 مليار دولار العام الماضي، هي صاحبة القصة الأكثر إثارة، قد بدأت في الدفع مباشرة للمزارعين مقابل إبعاد الأطفال عن حقولهم.
بعد تقديمها هذا المشروع في يناير/كانون الثاني 2022 لعشرة آلاف أسرة مزارعين في ساحل العاج، تعتزم الشركة توسيعه ليشمل جميع أسر العاملين البالغ عددها 160 ألفاً على مستوى العالم بحلول عام 2030 بتكلفة تبلغ مليار جنيه إسترليني (حوالي مليار دولار).
وتدفع نستله للمزارعين قرابة 500 دولار سنوياً إذا أرسلوا أطفالهم إلى المدرسة واعتمدوا ممارسات مستدامة أخرى قد تضاعف دخلهم. وقالت إنها ستطلق أول دفعة من منتجات هذا المشروع، مجموعة من ألواح كيت كات، العام المقبل.
يقول ستيفان ديتايل، مدير الاستدامة العالمية في شركة نستله لصناعة الحلويات والآيس كريم: "المحرك الرئيسي لعمالة الأطفال هو الفقر. ففكرنا كيف يمكننا زيادة دخل العائلات العاملة في زراعة الكاكاو؟".
في ساحل العاج، يعيش مزارعو الكاكاو على دخل يقدر بنحو 0.78 دولار في اليوم، فيما يحصلون في غانا على دولار واحد تقريباً، وكلاهما أقل بكثير من خط الفقر المدقع الذي حدده البنك الدولي وهو 2.15 دولار في اليوم.
ويهدف مشروع نستله إلى منح المزارعين الأموال لتوسيع إنتاجهم من الكاكاو وأنشطتهم التجارية الأخرى. وقال كواديو، وهو عضو في تعاونية زراعية في تافيسو، جنوب العاصمة الإيفوارية ياموسوكرو، إن دخله هذا العام أكبر من العام الماضي، رغم أزمة تكاليف المعيشة. ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى التدريب الذي قدمته شركة نستله في التقليم الذي ساعد في زيادة المحصول بدرجة كبيرة. وقال مزارع يعمل في مساحة ثلاثة هكتارات إن محصوله تضاعف ثلاث مرات في سنة.
ومولت نستله إنشاء بنوك مجتمعية تديرها زوجات المزارعين، قالت عديد من النساء إنها مكّنتهن من الحصول على قروض للاستثمار في صالونات تجميل وبيع الفاكهة وغيرها من الأعمال التجارية، قبل سدادها من الأرباح.
فيما وجدت دراسة أجريت على العائلات المشاركة في التجربة أن 50 إلى 60% منهم يلجأون لعمالة الأطفال. وتعهدت الغالبية العظمى منهم بالتوقف عن هذه الممارسة.
يقول ألاتين برو، مدير مبادرة الكاكاو الدولية في ساحل العاج، التي تعهدت الشركات المنتجة للشوكولاتة فيها عام 2001 بإنهاء عمالة الأطفال: "المُزارع يدرك أن هذا العمل خطير ولا ينبغي للطفل أن يقوم به، لكنه لا يملك دخلاً كافياً لتوظيف أحدهم أو لا يمكنه العثور على عمالة لأداء هذه المهمة".