تسلّمت جورجيا ميلوني، الأحد 23 أكتوبر/تشرين الأول 2022، مهام رئيسة حكومة إيطاليا الأكثر يمينية منذ عام 1946، وذلك بشكل رسمي.
حيث سلّم ماريو دراغي، الذي ترأس حكومة إيطاليا في فبراير/شباط 2021، السلطة لزعيمة حزب "فراتيلي ديتاليا" (إخوة إيطاليا) اليميني المتطرف، في قصر كيجي، مقر الحكومة، واجتمعا فيما بعد بمفردهما لأكثر من ساعة، وذلك حسبما نشرت الوكالة الفرنسية في تقريرها، الأحد 23 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
ميلوني تترأس أول اجتماع للحكومة
بعد الاجتماع، سلّم دراغي رئيسة الحكومة الجديدة رمزياً الجرس الذي يستخدمه رئيس مجلس الوزراء لضبط المناقشات خلال اجتماعات مجلس الوزراء، وترأست جورجيا ميلوني بعد هذه المراسم أول اجتماع لحكومتها.
من جانبه، أعرب الاتحاد الأوروبي، برؤساء هيئاته الكبرى الثلاث، رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ورئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، السبت، عن استعداده "للتعاون" مع حكومة ميلوني.
من جانبها، شكرت جورجيا ميلوني القادة الأوروبيين، قائلة إنها "مستعدة ومتحمسة للعمل معهم".
في الوقت نفسه قال البابا فرنسيس، الأحد، في ساحة القديس بطرس "اليوم، مع بداية حكومة جديدة، نصلّي من أجل الوحدة والسلام في إيطاليا".
أداء اليمين الدستورية
من جانبها، فقد أدّت جورجيا ميلوني ووزراؤها الأربعة والعشرون اليمين الدستورية، صباح السبت، في قصر كويرينالي الرئاسي في روما، أمام الرئيس سيرجيو ماتاريلا، متعهدين بـ"احترام الدستور والقوانين".
في حين عُيّنت 6 نساء فقط في مناصب وزارية، وأوكِلت إليهن وزارات صغيرة، فيما حقّقت جورجيا ميلوني (45 عاماً) فوزاً تاريخياً في الانتخابات التشريعية الإيطالية، في 25 سبتمبر/أيلول 2022، وتمكنت من تلميع صورة حزبها "فراتيلي ديتاليا" للفاشيين الجدد، واعتلاء السلطة بعد قرن بالضبط على تولي الديكتاتور الفاشي بينيتو موسوليني الحكم في بلادها، وقد أعربت جورجيا سابقاً عن إعجابها به.
من جهة أخرى، تواجه جورجيا ميلوني مهمة صعبة، إذ تشهد إيطاليا، ثالث اقتصاد في منطقة اليورو، على غرار الدول الأوروبية الأخرى، وضعاً اقتصادياً صعباً بسبب أزمة الطاقة والتضخم، كما سيتعيّن عليها حفظ وحدة ائتلافها الذي يعاني انقسامات.
ائتلاف سياسي
تتمتع جورجيا ميلوني، مع شريكيها في الائتلاف، زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف ماتيو سالفيني، ورئيس الوزراء السابق زعيم حزب "فورتسا إيطاليا"، سيلفيو برلسكوني، بالأكثرية المطلقة في مجلسي النواب والشيوخ.
عكست التشكيلة الوزارية الجديدة رغبة جورجيا ميلوني في طمأنة شركاء روما القلقين من حكم رئيسة الوزراء الأكثر يمينية، والأكثر تشكيكاً بجدوى الاتحاد الأوروبي في إيطاليا منذ 1946.
في حين قد يُطمئِن بروكسل تعيين الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني في منصب نائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية، وهو عضو في فورتسا إيطاليا، وتولي جانكارلو جاورجيتي حقيبة الاقتصاد، وهو ممثل الجناح المعتدل في "الرابطة"، وقد تولى حقيبة وزارية في حكومة رئيسة الوزراء ماريو دراغي المنتهية ولايتها.
كذلك يتوقّع أن تكون مهمة جورجيا ميلوني صعبة، خصوصاً أن ائتلافها يُظهر تصدّعات، إذ يتقبّل كل من سالفيني وبرلوسكوني تولي جورجيا ميلوني السلطة على مضض، بعدما فاز حزبها بـ26% من الأصوات في الانتخابات، في مقابل 8% فقط لـ"فورتسا إيطاليا" و9% للرابطة.
في المقابل اضطرّت جورجيا ميلوني، المؤيدة لحلف شمال الأطلسي ولدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، إلى مواجهة مواقف برلوسكوني المثيرة للجدل؛ إذ أكد "إعادة التواصل" مع بوتين، وألقى بالمسؤولية في حرب أوكرانيا على كييف.
رسالة حققت أصداء إيجابية
من جانبها، أوضحت جورجيا ميلوني مسارها، الأربعاء، مؤكدةً أن إيطاليا "جزء لا يتجزأ" و"برأس مرفوع" من أوروبا وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهي رسالة لاقت أصداء إيجابية في واشنطن وكييف وحلف شمال الأطلسي، الذي وجه أمينه العام ينس ستولتنبرغ "تهانيه" إلى جورجيا.
أما في واشنطن، فقد هنأ الرئيس الأمريكي جو بايدن، السبت، رئيسة الوزراء، مؤكداً أنه "يتطلع" لمواصلة العمل معها فوراً لصالح أوكرانيا.
في حين قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تويتر إنه "يتطلع لمواصلة التعاون المثمر". وأجابته جورجيا ميلوني "لستم وحدكم! ستقف إيطاليا دائماً إلى جانب الشعب الأوكراني الشجاع الذي يناضل من أجل حريته وسلام شرعي".
في السياق ذاته هنّأ المستشار الألماني أولاف شولتز جورجيا ميلوني، في رسالة عبر تويتر، قائلاً: "أتطلع إلى مواصلة العمل عن كثب مع إيطاليا في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ومجموعة السبع".
في حين ظلت العاصمتان الأوروبيتان الرئيسيتان الأخريان باريس ومدريد صامتتين. لكن إيمانويل ماكرون الذي يزور روما، الأحد، للقاء البابا فرنسيس، ولإلقاء خطاب عن السلام، قد يستفيد من الفرصة لزيارة جورجيا ميلوني، حتى لو كان لا يزال إجراء لقاء غير مقرر حتى هذه المرحلة.