كشفت دراسة جديدة فقداناً كبيراً للثقة في قدرة الديمقراطية البريطانية على خدمة مصالح الناخبين في المملكة المتحدة، مؤكدة أن الشباب البريطانيين فقدوا قدراً كبيراً من إيمانهم بالديمقراطية، وأن الناخبين يرون أن الجهات المانحة للأحزاب السياسية والشركات الكبرى بشكل عام هي المحرك الرئيسي لسياسة الحكومة، طبقاً لما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 10 أبريل/نيسان 2022.
جاء ذلك في دراسة حديثة صادرة عن مركز أبحاث السياسة العامة IPPR، بالتعاون مع صحيفة The Observer، عن مستقبل الديمقراطية.
إذ كشفت الدراسة عن أدلة مقلقة على أن ملايين الناخبين يشعرون بأن أصواتهم وآراءهم لا تلقى أذاناً مصغية على الأغلب، في حين أن المصالح المالية الضخمة لها الجزء الأكبر من السيطرة.
فيما تستند الدراسة، التي تحمل عنوان Road To Renewal أو "الطريق إلى التجديد"، إلى استطلاع أجرته شركة YouGov مع 3442 شخصاً بالغاً وجد أن 6% فقط من المصوتين في الانتخابات في بريطانيا العظمى يرون أن آراءهم هي المؤثر الرئيسي في القرارات النهائية المتعلقة بالسياسة التي يتخذها وزراء الحكومة.
بينما على النقيض، يرى أكثر من أربعة أضعاف هذه النسبة (25%) أن الجهات المانحة للأحزاب السياسية لها التأثير الأكبر في تشكيل السياسة، تليها المصالح التجارية والشركات الكبرى (16%) والصحف والإعلام (13%) وجماعات الضغط والعلاقات العامة (12%).
المحرك الرئيسي للقرارات السياسية
في حين ذكر 2% فقط أن النقابات العمالية هي المحرك الرئيسي للقرارات السياسية، وهو ما اعتبره معدو الدراسة "تحولاً ملحوظاً منذ السبعينيات والثمانينيات حين ساد القلق من النقابات العمالية ونفوذها القوي". وقد أجري الاستطلاع مركز أبحاث السياسة العامة IPPR وجمعية الإصلاح الانتخابي وشركة Unlock Democracy.
كانت الدراسة قد تتبعت ما وصفته بالاستياء المتنامي من الديمقراطيات المتقدمة على مستوى العالم خلال العقود الأخيرة، وهو ما يتجلى في تراجع الإقبال على الانتخابات، وتراجع عضوية الأحزاب، وتغير توجهات كثير من الناس، وتحول بعضهم إلى البدائل الشعبوية.
الديمقراطية لا تخدم مصالحهم
حيث يرى الجمهور أن قدرة الساسة على فهم حياتهم قاصرة. ولدى سؤالهم حول إلى أي مدى يفهم "الساسة حياة أشخاص مثلكم"، أجاب 78% من البالغين المشاركين أنهم لا يفهمونها، وهذه النسبة منقسمة بين 36% قالوا "لا يفهمونها إلى حد ما" و42% قالوا "لا يفهمونها بتاتاً". وقال 1% فقط إنهم "يفهمونها جيداً جداً" و12% "جيداً إلى حد ما".
كانت نسبة الشباب البريطانيين البالغين (تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً) الذين يرون أن الديمقراطية تخدم مصالحهم جيداً هي الأقل (19% فقط قالوا إنها تخدم مصالحهم جيداً مقابل 55% قالوا إنها لا تفعل)، أما نسبة من يرون أنها تخدم مصالحهم جيداً بين من تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر فكانت الأعلى (46% قالوا جيداً و47% قالوا لا تفعل).
ولفت مركز أبحاث السياسة العامة إلى أن الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية الكبيرة التي لا تنجح في معالجة الأسباب الجذرية للاستياء من النظام السياسي تهدد أسس الديمقراطية الليبرالية وفرصها في الحصول على السلطة.
من جهته، قال بارث باتيل، الباحث في المركز: "في الحقيقة، الديمقراطيات لا تخدم مصالح مواطنيها جيداً. والساسة والأحزاب يزدادون ابتعاداً عن المواطنين. والمواطنون العاديون يتراجع تأثيرهم على السياسة العامة. وكثيرون يفضلون الامتناع عن المشاركة في الحياة السياسية بالكامل، في حين أن أعداداً كبيرة قدمت دعمها للمنافسين الشعبويين، وهذه علامات احتجاج على الديمقراطية".
باتيل أضاف أن الأحزاب السياسية الكبرى تحاول كثيراً "تقليد الأجندة الشعبوية لخصومها، لا أن تعالج الأسباب الكامنة وراء هذا السخط على الديمقراطية".