أعلنت ألمانيا، الجمعة 25 مارس/آذار 2022، أنها ستعمل على تحقيق خفض حادّ في اعتمادها الكبير على موارد الطاقة الروسية، على خلفية الهجوم الروسي العسكري على أوكرانيا.
ستستغني ألمانيا عن واردات الفحم الروسي بحلول الخريف القادم، وواردات النفط بحلول نهاية العام، بينما يبدو أن العملية ستستغرق وقتاً أطول بالنسبة لاعتمادها على الغاز الروسي، كما نشر موقع فرانس 24.
"التحرر من قبضة الطاقة الروسية"
في السياق ذاته؛ صرح روبرت هابيك، وزير الاقتصاد، ونائب المستشار الألماني أولاف شولتز، في مؤتمر صحفي، بأن ألمانيا اتخذت خطوات أولى مهمة للتحرر من قبضة المستوردات الروسية.
وزارة الاقتصاد توقعت، في بيان لها، أن تنخفض مستوردات النفط الروسي إلى ألمانيا إلى النصف، وذلك بحلول منتصف العام الحالي، مع استهداف الوصول إلى استقلال شبه تام مع نهاية العام، والاستقلال عن مستوردات الفحم مع الخريف القادم بشكل كامل.
علماً أن ألمانيا كانت تستورد ثلث نفطها، وحوالي 45% من فحمها، و55% من غازها من روسيا، قبل الهجوم على أوكرانيا.
استراتيجية ألمانيا السابقة
قبل الهجوم على أوكرانيا، اعتمدت ألمانيا استراتيجية بشأن الطاقة استمرت طوال العقود الأخيرة، وتقوم على مستوردات هائلة من الطاقة الروسية.
لكن برلين أجبرت على القيام بتغيير مفاجئ على استراتيجيتها، بسبب الهجوم العسكري على أوكرانيا، وأصبح هدف ألمانيا الاستقلال عن موسكو في مجال الطاقة.
وأوضحت الحكومة أن الشركات التي تشتري المحروقات من الموردين الروس؛ أصبحت لا تجدد عقودها بعد انتهائها، وتتجه إلى موردين آخرين.
معضلة الغاز
لن يكون من الصعب على ألمانيا أن تغير استراتيجيتها في أسواق النفط والفحم؛ لكن تغيير جهة استيراد الغاز هي المعضلة الحقيقية أمام ألمانيا.
ترجع الصعوبة في ذلك إلى ضرورة تعديل البنى التحتية لنقل الغاز؛ تتوافر اليوم خطوط أنابيب بينها وبين روسيا، بينها خط أنابيب غاز "نورد ستريم 2".
لكن ألمانيا تحتاج إلى إنشاء خطوط أنابيب غاز جديدة الآن؛ إذا ما أرادت الاستغناء عن الغاز الروسي.
وتكتنف هذه العملية صعوبات وتعقيدات؛ أهمها أن عملية إنشاء خطوط غاز جديدة عملية بطيئة ومكلفة، أو عليها أن تختار استيراد الغاز المسال عبر المحيط.
وقد اختارت برلين الآن أن تخصص 1.5 مليار يورو لشراء كميات كبيرة من الغاز المسال، سيتم تسليمها عبر المحيط.
كما زار مسؤولون ألمان دولاً أخرى مصدرة للغاز، من بينها قطر، ووقعت معها اتفاق تسليم طويل الأجل.
نجاح مرحلي للاستراتيجية الألمانية الجديدة
حققت الاستراتيجية الجديدة لألمانيا نجاحاً في الأسابيع الأخيرة، فقد خفضت مستوردات الغاز الروسي لتمثل الآن 40%، بعد أن كانت تمثل 55% قبل الهجوم.
لكن ألمانيا لا تزال تفتقد وجود محطة لنقل هذا الغاز، وبالتالي ما زالت مضطرة للاعتماد على البنى التحتية الموجودة لدى جيرانها الأوروبيين، ما يعني زيادة في التكلفة.
لكن شركات ألمانية ستحجز في الأيام القادمة ثلاث محطات عائمة للغاز الطبيعي المسال؛ وهي سفن ضخمة تسمح بتلقي الغاز من السواحل، بناء على طلب الحكومة.
مع كل هذه الإجراءات؛ تحذر الحكومة الألمانية من أن كل هذه الإجراءات لن تكون كافية لتعويض المستوردات من روسيا.