قالت صحيفة The Times البريطانية في تقرير نشرته يوم الثلاثاء 15 مارس/آذار 2022 إن ميليشيا مدنية في أوكرانيا تتأهب للدفاع عن مدينة ميكولايف، أملاً منهم في أن يعرقلوا على الأقل تقدم القوات الروسية.
فبينما كانت القذائف تتطاير من فوق الرؤوس الإثنين 14 مارس/آذار 2022 وتصيب البنايات السكنية حول المدينة، جهز المقاتلون الأوكرانيون أنفسهم لهجوم يخشون أنه قد يؤدي إلى نشوب معارك في الشوارع، حيث كانت إطارات السيارات القديمة حاضرة هناك كي توفر لهم غطاءً، وليس ذلك فقط، بل أيضاً من أجل أن تجعل الروس يتساءلون عما ينتظرهم خلفها، وذلك حسبما قال أفراد هذه الميليشيا. إذ إن زجاجات المولوتوف كانت مجهزة داخل هذه التحصينات المؤقتة.
ميليشيا تتجهز لمواجهة جيش روسيا في شوارع أوكرانيا
في وسط المدينة، كان ماكسيم يقف في دورية حراسة مع صديقه أوليغ، بينما يرتدي الزي الرسمي المخصص لقوات الدفاع المحلية. قبل الحرب، كان الرجلان، وكلاهما في العقد السادس من عمره، يعملان موظفين حكوميين. حيث حمل كلاهما بندقيات الكلاشينكوف. قال ماكسيم متحدثاً عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "هذا الوغد لا يخيفنا. إننا لا نهرب، وسوف يلقى الروس استقبالاً من الجحيم إذا حاولوا دخول مدينتنا".
يبدو أن تلك المواجهة سوف تقع في غضون أيام. حيث حذر الجيش الأوكراني الإثنين 14 مارس/آذار من أن القوات الروسية كانت "تعيد تنظيم" صفوفها لتنفيذ هجوم على العاصمة الأوكرانية كييف الواقعة شمال البلاد، ومدينة كريفي ريه التي ينحدر منها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الشرق، وميكولايف في الجنوب، التي تعد مدخلاً استراتيجياً لمرفأ أوديسا وللسيطرة على البحر الأسود.
كذلك قال التقرير إنه رغم أن المعركة النهائية لمدينة ميكولايف لم تبدأ بعد، لكن عدد القتلى والمحتضرين يأخذ في التزايد يوماً بعد يوم. إذ أبلغ مصدر من مشرحة المدينة صحيفة The Times أن عدد الوفيات من صفوف المدنيين بلغ 40 وفاة، بينما وصل إلى 100 حالة وفاة من صفوف العسكريين، وهو ما يتجاوز قدرة المنشأة. حيث قال المصدر: "إنه مشهد مروع للغاية، في ظل تكوم بعض الجثث فوق الأخرى وتغطيتها بالبطانيات فقط".
استعادة جثامين الجنود الأوكرانيين
في سياق متصل قالت أم أحد الجنود القتلى في المشرحة إن استعادة جثة ابنها من أرض المعركة استغرق 10 أيام لأنها كانت تتعرض للقصف المستمر. وأوضحت أنها لم يعد "لديها مزيد من الطاقة من أجل البكاء"، ووجدت بعض السلوان في معرفة أنها ستتمكن أخيراً من دفنه بطريقة ملائمة.
في الإطار ذاته تعد ميكولايف مركزاً لانطلاق هجوم بوتين على أوديسا. إذ إن الاستيلاء عليها، ومعها جسر فارفارسكيا الذي يمر فوق نهر بوك الجنوبي، سوف يسمح بعبور الدبابات والمدرعات التي تنقل الجنود ومركبات الإمدادات بسرعة على مدى 80 ميلاً غرباً للحصول على الجائزة الكبرى المتمثلة في أكبر مرافئ أوكرانيا وموطن قواتها البحرية. يمكن للاستيلاء على أوديسا أن يمنح الروس سيطرةً على ساحل أوكرانيا المطل على البحر الأسود مما سيخنق البلاد اقتصادياً، لأنها تعتمد على المرفأ في جزء ضخم من عائدات الصادرات الخاصة بها.
من جانبه قال فيتالي كيم، محافظ ميكولايف، إن الهجوم صار فعلياً بلا رحمة. وأضاف أن الروس كانوا "يقصفون جميع أنحاء مدينتنا ويسقطون القنابل عليها. إن موردنا الأفضل هو قوة إرادتنا".
كما أوضح كيم، 41 عاماً، أن الروس يتحولون إلى الهجوم الجوي على أوكرانيا لأنهم "في القرى والمناطق ذات الكثافة السكانية من المدنيين، يفقدون الأرض".
أسواق محلية لا تزال مفتوحة
في حين كانت شوارع المدينة أهدأ على نحو ملحوظ، مع أن هناك عديداً من الأسواق المركزية الصغيرة ومحال البقالة والصيدليات التي لا تزال مفتوحة. وكانت هناك شبكة منظمة تنظيماً جيداً من المتطوعين الذين كانوا يحاولون الاطمئنان على كبار السن الذين يعيشون وحدهم وكذلك الأشخاص الضعفاء، من أجل التأكد من امتلاكهم ما يكفي من الطعام، أو لمساعدتهم على مغادرة منازلهم.
كان كيم متأكداً من أن الروس يتعمدون استهداف مناطق المدنيين لإخافة الناس وإرغامهم على المغادرة. وأوضح: "ذلك يتسق مع هدفهم. إنهم يحاولون تدمير البنية التحتية، والكهرباء، والتدفئة، والغاز".
كما أضاف أن مئات الأشخاص كانوا يغادرون، وأنه يستوعب رغبتهم في نقل ذويهم، ولا سيما الأطفال وكبار السن، إلى بر الأمان. كانت ألينا كاسينيسكا من بين هؤلاء الذين غادروا، وقد فرت نحو رومانيا. وقالت في حديثها مع وكالة Reuters: "لا يملك الناس مكاناً ليعيشوا فيه، إنهم مرعوبون. المنازل كانت تُنسف".
رغم ذلك قال كيم إن غالبية الرجال ممن هم في عمر القتال كانوا يعودون للدفاع عن ميكولايف بعد إخراج عائلاتهم من المدينة. وبالقرب من الحواجز المصنوعة من إطارات السيارات، قال ماكسيم إن الأوكرانيين يحتاجون إلى مزيد من الدعم من الغرب، مردداً نداء الرئيس زيلينسكي لفرض حظر طيران من جانب منظمة الناتو. وقال: "إذا صار لدينا ذلك، فسوف يخرج الروس من هنا بسرعة".