أيام قليلة تفصلنا عن عام 2022، الذي قد تشهد فيه بعض الدول تغيراً كبيراً في سياستها، إذ يوجد 3 انتخابات سيشهدها العالم في 2022، والتي قد تأتي بارتفاع الموجة اليمينية في بعض الدول.
إذ أظهر استطلاع رأي أُجري في فرنسا، ونشرت وكالة رويترز نتائجه في 18 ديسمبر/كانون الأول 2021، أن السياسية المحافظة فاليري بيكريس هي المنافس المحتمل للرئيس إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية في أبريل/نيسان 2022. ويُشير الاستطلاع إلى أنها قد تهزم إيمانويل ماكرون لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة فرنسا.
انتخابات فرنسا التي قد نرى بعدها وجهاً مختلفاً في قصر الإليزيه بعد أن سكنه ماكرون الذي اشتهر بموقفه المتأثر بالإسلاموفوبيا، هي واحد من عدة انتخابات سيشهدها العالم في 2022، إذ قد يشهد البيت الأبيض تغيراً أيضاً مع الانتخابات الأمريكية المنتظرة، بجانب انتخابات كوريا الجنوبية التي تعد إحدى أهم القوى المؤثرة في آسيا والشرق الأقصى.
3 انتخابات سيشهدها العالم في 2022
1- فرنسا والميل نحو يمينةٍ أكثر
تقول ماريان لوبان زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا وأحد أبرز السياسيين هناك: "أشعر بالأسف تجاه الناخبين الجمهوريين، لأن فاليري بيكريس ربما تكون أكثر مرشحي الحزب الماكرون". وتصف فاليري نفسها كونها "ثلث مارغريت تاتشر -رئيسة وزراء المملكة المتحدة للفترة من 1979 إلى 1990، وزعيمة حزب المحافظين- وثلث أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية المعروفة بسياستها المنفتحة على ملف الهجرة وقبول اللاجئين"، وفق شبكة BBC البريطانية.
بالرغم مما عُرف عن ماكرون بتصريحاته عن الإسلام والمسلمين والتي أثارت جدلاً واسعاً في العالم العربي والإسلامي، فإن ماكرون يُعد النسخة الأقل عداءً مع قيم وتعاليم الإسلام من فاليري، إذ يخوض ماكرون في ساحة أخرى حرباً مع اليمين المتطرف في الوقت الحالي داخل فرنسا للحفاظ على القيم العلمانية للدولة الفرنسية، في حين تميل فاليري لكفة اليمين أكثر.
فبالرغم من أن فاليري بيكريس بدأت حياتها السياسية كجزء من فريق الرئيس جاك شيراك والذي كان يقف لليمين المتطرف بالمرصاد في ذلك الوقت، تبدو فاليري أنها أكثر ميلاً نحو اليمين؛ إذ صرحت: "أتفهم غضب شعب يشعر بالعجز تجاه العنف والانفصالية الإسلامية والهجرة غير المنضبطة"، ووعدت ناخبيها بـ"تخفيض عدد تصاريح الإقامة للمهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي إلى النصف، ومنع النساء المصاحبات لأطفالهن في الرحلات المدرسية من ارتداء الحجاب الإسلامي"، وفقاً لـ France 24.
كما شددت فاليري أنها لن تكون "يدها مرتجفة ضد أعداء الجمهورية"، ما يجعل من ساكن الإليزيه الجديد في حالة فوز فاليري بيكريس أشد تطرفاً، خاصة فيما يتعلق بشأن الهجرة والحجاب، وهو ما يجر المرشحة نحو اليمين المتطرف الذي ينادي بتبني سياسات متشددة للغاية نحو المهاجرين المسلمين أو المسلمين من أصل فرنسي، واعتبارهم تهديداً للدولة وقيمها.
وفي أقصى اليمين، يأتي اليهودي من أصل جزائري إيريك زمور مرشحاً للرئاسة والذي يعبر عن النسخة الأكثر تطرفاً في اليمين الفرنسي، إذ يؤمن زمور بنظرية "الاستبدال الكبير" العنصرية التي تدعي أن استيطان العرب والمسلمين للأراضي الفرنسية ستجعل من العرق الأوروبي الأبيض أقلية، وهو ما يعمل على أسلمة أوروبا بالتبعية ويُنهي الحضارة الغربية من جذورها.
وبذلك، يدعم زمور كل ما هو ضد المسلمين، إذ يدعم الكيان الصهيوني في حروبه المتكررة ضد الشعب الفلسطيني، وكثيراً ما يروّج زمور للعنصرية، بل وقتل المسلمين تحت شعارات يمينية أضحت تحظى بشعبية داخل المجتمع الفرنسي.
2- الولايات المتحدة جمهورية أم ديمقراطية؟
على عكس الأجواء السابقة في الانتخابات الرئاسية التي أدت لخروج ترامب من السباق وفوز بايدن بدخول البيت الأبيض، تذهب المؤشرات في انتخابات الكونغرس النصفية التي ستُعقد في العام الجديد بزوغ موجة جمهورية، على حد وصف شبكة CNN الأمريكية، والتي تعني صعوداً للحزب الجمهوري في الكونغرس ما سيقوض خطط بايدن الباقي على تنفيذها نصف المدة الرئاسية المتبقية له، أي سنتين.
أما الصادم حقاً، ما نشر في تقرير لمجلة The Atlantic الأمريكية تحت عنوان "انقلاب ترامب التالي بدأ بالفعل"، إذ يذكر الكاتب الأمريكي بارتون جيلمان أن الحزب الجمهوري الذي يتزعمه دونالد ترامب في وضع أفضل بكثير مما سبق لتخريب الانتخابات المقبلة، وتوقع حدوث "انقلاب ناعم من الجمهوريين الذين يعدّون له من الآن، والذي سينتهي بسرقة الانتخابات في 2024 لصالح الرئيس السابق ترامب!".
فيما يعتقد جيلمان أن خطة الجمهوريين لن تقوم على العنف مثل ما سبق في أحداث اقتحام الكابيتول، بل ستكون عن طريق سرقة الانتخابات عن طريق التخلص من آلاف الأصوات، أو ربما الملايين، في الولايات التي يتحكم فيها الجمهوريون للوصول إلى النتيجة المطلوبة وهو ترجيح كفة مرشح الحزب الجمهوري، والذي يعتقد جيلمان أنه سيكون الرئيس السابق ترامب إلى حد كبير، والذي بات يحظى بشعبية كاسحة داخل الحزب الجمهوري.
فيما يضيف: "إن احتمال حدوث هذا الانهيار الديمقراطي ليس بعيد المنال. الأشخاص الذين لديهم الدافع لتحقيق ذلك هم من يصنعون السياسة في أمريكا، فعندما تسنح لهم الفرصة، فسوف يقتنصون الفرصة بلا شك. إنهم يتصرفون بالفعل". وفي المقابل، يرى جيلمان أن الديموقراطيين يتصرفون مع هذا الأمر كما لو كان التهديد غير حقيقي، إذ لوح بعضهم، بما في ذلك الرئيس بايدن، ملاحظات خطابية عابرة عن هذا الأمر، لكن انتباههم متشتت تماماً بعيداً عن هذا الأمر، علق بقوله عن هذا الأمر: "إنهم يرتكبون خطأً فادحاً".
من جانبه، يقول الأستاذ ريتشارد هاسن أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا: "إننا نواجه خطراً جسيماً يتمثل في أن الديمقراطية الأمريكية كما نعرفها، ستنتهي في عام 2024، ولا زال لا يحدث أي إجراء عاجل بهذا الخصوص".
ففي معرض خسارته الانتخابات الرئاسية السابقة، أقنع دونالد ترامب حزبه وعدداً كبيراً من الأمريكيين، بأن العواميد الأساسية للديمقراطية الأمريكية فاسدة، وأن الادعاءات المزيفة بالاحتيال وسرقة الانتخابات من قبل الديموقراطيين صحيحة، وأن الغش وحده هو الذي يمكن أن يحبط فوز الديمقراطيين في الانتخابات القادمة، وأن استبداد الديمقراطيين قد اغتصب حكومتهم، وأن العنف رد مشروع، وهو ما ينذر بأن الانتخابات النصفية القادمة ستكون مسرحاً وتجربة لمثل هذه الإجراءات التي ونموذجاً مصغراً لما سيُطبق في الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2024.
3- كوريا الجنوبية واحتمالية التصعيد مع الصين
في عالم يشهد انقساماً بين الولايات المتحدة والصين، كأجواء الحرب الباردة قديماً، يتشكل العالم حالياً بالولاء لأحد القوتين، بالميل نحو واحدة منهما مهددة مصالح الأخرى، والتي يأتي من بينها ومن أهمها كوريا الجنوبية إحدى أهم القوى في آسيا والشرق الأقصى.
ففي تقرير لمجلس العلاقات الدولية، يذكر التقرير أن كوريا الجنوبية ستشهد انتخابات رئاسية هذا العام، إذ يحدد الدستور الكوري الجنوبي الرئاسة بولاية واحدة مدتها خمس سنوات، لذلك سينتخب الكوريون الجنوبيون خليفة للرئيس الحالي مون جاي إن في عام 2022 الذي يمثل حزب كوريا الديمقراطي الممثل لليسار في كوريا الجنوبية، والذي هبطت معدلات إقبال المواطنين عليه، بعد أن خسر الحزب سباقات رؤساء البلديات في أكبر مدينتين في البلاد، سيول وبوسان.
في المقابل، فاز بهذه الانتخابات مرشحو حزب السلطة الشعبية المحافظ، وذلك بسبب فشل الرئيس الحالي الوفاء بوعده في إعادة تشكيل العلاقات مع كوريا الشمالية، بجانب فشله في كبح أسعار العقارات التي ارتفعت بنسبة %58 تقريباً، منذ توليه منصبه في عام 2017.
فيما يرشح الحزب الديمقراطي لي جاي ميونغ، محامي الحقوق المدنية الذي كان حتى أكتوبر/تشرين الأول الماضي حاكم مقاطعة كيونغ كي، يرشح حزب المحافظين يون سوك يول، المدعي العام السابق الذي اتهم وزيراً في حكومة الديمقراطيين بالفساد.
أما على صعيد الأجندة الخارجية والعلاقات الدولية، يصف ميونغ سياسته الخارجية بأنها "عملية" طبقاً للواقع الذي يشهده العالم حالياً، ويقول إنه يدعم العمل مع كل من الصين والولايات المتحدة، محافظاً بذلك على نهج دبلوماسي وعدم التصعيد مع الصين القوة الأولى في آسيا.
على الجانب الآخر، يصف يول نفسه بأنه "عقلاني" يقاوم "الشعبوية"، والذي يؤكد "التحضير لإجراءات نشر الأسلحة النووية الأمريكية في كوريا الجنوبية في حالة الطوارئ"، مفضلاً بذلك نهجاً تصعيدياً مع الصين المجاورة في حالة تأزم وتصاعد الأوضاع في الشرق الأقصى. أخيراً، تُظهر استطلاعات الرأي حالياً أن يول يتقدم قليلاً على ميونغ، وهو ما سيحسمه الناخبون العام المقبل.