ناشدت عائلة شاب من هونغ كونغ السلطات الصينية الإفراج عن ابنهم الذي حاول الهروب على متن زورق الى تايوان بعد اندلاع الاحتجاجات في البلاد، حيث كان له ميول سياسية بدءاً من العام 2014، إذ شارك في احتجاجات "حركة المظلات" المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ.
حيث تمثَّلت مساهمته في الحصول على شهادة الإسعافات الأولية وعندما اندلعت الاحتجاجات مُجدَّداً في يونيو/حزيران 2019، وقف لي على خطوط المواجهة الأمامية يعالج المصابين ويحاول تهدئة العيون الملتهبة جراء التعرّض للغاز المسيل للدموع.
اعتقالات في هونغ كونغ: لكن ليتز ين اختفى منذ أكثر من 30 يوماً، بالإضافة إلى 11 آخرين من سكان هونغ كونغ تتراوح أعمارهم بين 16 و33 عاماً. حيث ألقت قوات خفر السواحل الصينية القبض عليهم أثناء محاولتهم الفرار إلى تايوان على متن زورق بخاري سريع، وفق تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية الأحد 27 سبتمبر/أيلول 2020.
فيما أعلنت شرطة هونغ كونغ، في بيان صدر يوم السبت 26 سبتمبر/أيلول، أنَّ الـ12 شخصاً محتجزون حالياً لدى سلطات مقاطعة يانتيان التابعة لمكتب الأمن العام في مدينة شنجن ويعني قرار الاعتقال بموجب القانون الصيني أنَّ هؤلاء الأشخاص الـ12 سيخضعون بدرجة أكبر للنظام القانوني المعمول به في البر الرئيسي الصيني، والذي يصفه النقاد بأنَّه منحاز سياسياً ويفتقر إلى الشفافية.
في حين تطالب عائلات المحتجزين، بمساعدة نشطاء بارزين في المدينة، سلطات هونغ كونغ بالتدخُّل والسعي إلى إعادتهم. حيث قالت والدة لي: "أشعر أنَّنا نبذل قصارى جهدنا، لكن حكومة هونغ كونغ لا تولينا أي اهتمام".
معتقلون لكنهم غير مبالين: يذكر انه 29 سبتمبر/أيلول 2019 رأى والدا لي وجه ابنهما البالغ من العمر 29 عاماً مستلقياً على الأرض أثناء مشاهدتهما بثاً مباشراً لإحدى التظاهرات.
كانت الشرطة عدوانية على نحوٍ خاص في ذلك اليوم مع اقتراب مراسم الاحتفال بالذكرى الـ70 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. حيث أطلقت شرطة مكافحة الشغب وابلاً من الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي ووجّهت مدافع رش المياه الزرقاء على المتظاهرين للتعرّف عليهم لاحقاً.
هرعت والدة لي إلى مركز الشرطة، حيث كان محتجزاً، واستطاعت رؤيته أخيراً بعد حوالي 9 ساعات من اعتقاله. قالت إنَّه كان مصاباً بكدمات عديدة في كتفيه، بالإضافة إلى جروح في جميع أنحاء ظهره. حيث نُقل لي لاحقاً إلى المستشفى واُحتجز هناك حتى صدر أمر بالإفراج عنه بكفالة في اليوم التالي.
في البداية، وجّهت السلطات الصينية إلى لي، الذي يعمل مشرفاً على المسح الكمي في مشاريع البناء، تهمة المشاركة في تجمّع غير قانوني، لكن رُفع مستوى الاتهام لاحقاً ليصبح متهماً بإثارة الشغب، وهي تهمة يُعاقب عليها القانون بالسجن لمدة 10 سنوات، إلى جانب الاعتداء على ضابط شرطة.
لم يستطع لي العودة إلى المنطقة التي قُبض عليه فيها بموجب شروط الإفراج عنه بكفالة، واضطر إلى الالتزام بحظر التجول. حيث عاد إلى نمط حياته المألوف، حيث يذهب إلى العمل ويلتقي بالأصدقاء. حيث يقول والده: "لكنه لم يفكر أبداً في الاستسلام. كل ما أراد فعله هو دعم المتظاهرين ودعم الحركة".
سيناريوهات سيئة: تحدث لي مع والدته في 12 أغسطس/آب 2020، عن أسوأ سيناريو واحتمالية قضاء الـ10 سنوات المقبلة في السجن. حيث قالت والدته: "من وجهة نظري، ما فعله ليس عنيفاً على الإطلاق، لقد كان يساعد المصابين في الخطوط الأمامية".
لكن بعد عدة أيام، في 22 أغسطس/آب 2020، تناول لي العشاء مع والده كالمعتاد. ثم تبادلا كلمات قليلة قبل ذهابه للنوم. عندما استيقظ الوالد في اليوم التالي حوالي الساعة 10 صباحاً، وجد ابنه قد غادر المنزل.
حيث استغرق الأمر بعض الوقت حتى يلاحظ الوالدان، اللذان يعيشان في منزلين منفصلين، أنَّ هناك خطباً ما لأنَّ لي كان قد أخبر والده برغبته في قضاء بضعة أيام مع والدته.
ثم ذهب والد لي إلى مركز الشرطة بعد 6 أيام لتقديم بلاغ عن شخص مفقود. أخبره الضابط، بعد فترة وجيزة، أنَّ ابنه محتجز في البر الرئيسي. قالت والدته: "اعتقدت أنَّ هذا غير معقول، لماذا يريد ابننا الفرار من هونغ كونغ هكذا؟".
بيان الشرطة: قالت شرطة هونغ كونغ في بيانها يوم السبت إنَّ لي و11 آخرين غادروا على متن زورق بخاري سريع الساعة 7 صباحاً من قرية صغيرة تطل على خليج "كلير ووتر". حيث دخل الزورق مياه البر الرئيسي بعد نصف ساعة فقط. وذكر البيان أنَّهم كانوا يعتزمون الفرار إلى تايوان من أجل التهرّب من المسؤولية الجنائية في هونغ كونغ.
في غضون أسبوع، أسند والدا لي وعائلات المحتجزين الآخرين القضية إلى محامين حقوقيين في البر الرئيسي، لكن العديد من هؤلاء المحامين تخلّوا عن القضية بعد تلقيهم تهديدات متكررة.
في حين أكَّد لو سيوي، محام حقوقي صيني يُمثِّل إحدى العائلات، في تصريحات وجيزة إنَّه جرى تحذيره من التحدث إلى الصحافة الأجنبية.
تهرب السلطات من المسؤولية: على الجانب الآخر، قال جون لي، وزير الأمن في هونغ كونغ، في مقابلة تلفزيونية، إنَّ الـ12 محتجزاً اختاروا محامين من قائمة قدّمتها سلطات البر الرئيسي، وأصرَّ على أنَّ مسؤولي هونغ كونغ لا يمكنهم التدخل. وكرّرت تصريحاته الرئيسة التنفيذية للمدينة، كاري لام، قائلة في مؤتمر صحفي إنَّ "الـ 12 محتجزاً هربوا من مسؤولياتهم القانونية في مدينتهم، ومن ثمَّ، ارتكبوا جريمة أخرى في ولاية قضائية أخرى". وأضافت: "أليس من المعقول والإنصاف أن يواجه هؤلاء الأشخاص مسؤولياتهم القانونية في تلك الولاية القضائية الأخرى؟ وبعد ذلك، نرتب لهم العودة لمواجهة العواقب هنا".
خيبة أمل للعائلة: شعر والدا لي بخيبة أمل كبيرة بعد سماع هذه التصريحات من أعضاء حكومتهم، وقالوا إنه يتعيَّن عليهم الدفاع بقوة عن مواطني هونغ كونغ بدلاً من أنَّ يكونوا مجرد أبواق لسلطات البر الرئيسي.
وفي خضم حالة من اليأس، كتبت والدة لي رسالة إلى ابنها وأرسلتها إلى مسؤولي الهجرة على أمل أن تصل إليه بطريقة ما في الاحتجاز.
حيث تقول الرسالة: "أنا والدتك، كيف حالك، افتقدك كثيراً، لا استطيع النوم منذ غيابك، أرجوك عُد قريباً. لن أتحمّل فقدانك". وأضافت "بغض النظر عما يحمله لنا المستقبل، لا تزال طفلي. والدتك فخورة بك وستدعمك دائماً".