كشفت صحيفة The Times البريطانية، الخميس 17 سبتمبر/أيلول 2020، أن مجموعة من المتطرفين المرتبطين بتنظيم الدولة "داعش"، اجتاحوا 4 جزر في المحيط الهندي، تشتهر بطبيعتها البرية الفريدة ومنتجعاتها الفاخرة، وقال شهود إن المتمردين أمروا سكان الجزر الواقعة قبالة سواحل موزمبيق بمغادرتها، قبل أن يشعلوا النار في منازل وأماكن إقامة سياحية.
يأتي الاستيلاء على الجزر، الأسبوع الماضي، بعد شهر من السيطرة على بلدة موكيمبوا دا برايا الساحلية الاستراتيجية، في البر الرئيسي لموزمبيق، بالقرب من موقع مشروع منشأة لتسييل الغاز الطبيعي، وهو أحد أكبر مشروعات التنقيب عن الغاز الاستثمارية في إفريقيا.
عاصمة جديدة للمتمردين: أظهرت صور نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي احتراق فيلات مطلة على البحر وعربات سفاري في جزيرة "فاميزي"، التي سبق أن زارتها شخصيات مشهورة، مثل الممثل دانيال كريغ، والموسيقي الأيرلندي بونو، والأمير ألبرت، أمير موناكو، لقضاء شهر عسله.
كما أبلغ المتمردون السكان المحليين بأن البلدة ستصبح عاصمتهم الجديدة، وستدار الأمور فيها وفق الشريعة الإسلامية.
تقرير الصحيفة البريطانية أوضح أن تعزيز المتمردين لقوتهم النارية وجرأتهم أديا بالقوات الحكومية المحاصرة والمرتزقة الأجانب إلى استنفاد ما لديهم لمواكبة الهجوم. فيما يتكهن محللون بأن الأرخبيل سيُستخدم لإنشاء قواعد يمكن من خلالها شن هجمات على البر الرئيسي، باستخدام القوارب التي تم الاستيلاء عليها خلال هجوم الشهر الماضي.
الهروب أو الموت: فيما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية، نقلاً عن أحد السكان المحليين في جزيرة ميكونغو، أن المتمردين وصلوا بالقوارب ليلاً واعتقلوا الجميع. وكانت موزمبيق وجزرها قد أغلقت أمام السياح منذ فرض قيود السفر لمواجهة جائحة كورونا. ويقول الشاهد إن المتمردين قالوا للسكان: "(اهربوا إذا أردتم أن تعيشوا). ومن ثم غادر الجميع الجزيرة".
من جهة أخرى، اضطرت شركات الطاقة التي تستثمر في مشروعات الغاز قبالة سواحل مقاطعة كابو ديلغاو إلى بناء منشآت جديدة لتجنب اضطراب العمل، بعد سيطرة المتمردين على طرق الإمداد الرئيسية، إضافة إلى أن القرى المحيطة بحقل الغاز باتت تُداهم بانتظام.
تعذيب وقطع للرؤوس: يُذكر أن التمرد الذي اندلع قبل ثلاث سنوات بالقرب من الحدود مع تنزانيا كان قد شهد مقتل أكثر من 1500 شخص ونزوح 250 ألفاً آخرين. ونقل الفارون وقتها شهادات عن تعذيب وقطع للرؤوس وإحراق قرى بأكملها.
في البداية، أخفى المسلحون انتماءاتهم، ورفضت الحكومة تمردهم باعتبارهم مجرمين، إلا أنه في العام الماضي، ادعت جماعة تطلق على نفسها اسم "ولاية وسط إفريقيا الإسلامية"، وتتبع داعش، مسؤوليتها عن التمرد.
لم يجنِ سكان كابو ديلغاو البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة سوى القليل من ثمار الثروة الطبيعية الهائلة للمنطقة، والتي تشمل أكبر منجم للياقوت في العالم، غير أن المنطقة المهمشة تماماً تعتبر حاضنة مناسبة لتجنيد المتطرفين.
كما شكلت التطورات الأخيرة لما يُعرف بولاية وسط إفريقيا نقطةَ تحول جديدة في الصراع الذي تشهده المنطقة، خاصة مع اضطرار مجموعات المرتزقة مثل "فاغنر" الروسية التي تم نشرها لمواجهة المتمردين، إلى التراجع بفعل قوة الهجمات.
قدرات متطورة: في هذا السياق، تقول جاسمين أوبرمان، المحللة في مشروع "بيانات الأحداث والنزاعات المسلحة" (ACLED): "يتمتع المتمردون الآن بقدرات بحرية قوية تتطور بسرعة. فهم يغلقون المنطقة براً وبحراً، ويفرضون هيمنتهم عليها".
فيما يقول محللون إن تنظيم الدولة الإسلامية لديه طموحات منذ فترة طويلة إلى تأسيس حقوق "امتياز بالوكالة" (franchise) له في مناطق الصراع بإفريقيا. وسبق أن هدد الشهر الماضي بشن هجمات على جنوب إفريقيا إذا هي نشرت قوات لدعم جارتها.
كانت شركة "توتال" Total، عملاق النفط الفرنسية، قد أعلنت التزامها باستثمار ما يصل إلى 50 مليار دولار في مشروعات الغاز الطبيعي المسال في المنطقة، وهي صفقة يأمل الموزمبيقيون أن تحول دولتهم الفقيرة إلى دولة غنية، على غرار دول الخليج النفطية.
مع ذلك، يقول القادة المحليون إنه ليس ثمة أدلة كثيرة حتى الآن على أن تلك الاستثمارات ستوفر العديد من الوظائف أو الأرباح للمجتمعات المحلية في المنطقة.