يرسلهم ذووهم لتعلُّم القرآن، فيجبرهم مُعلموهم على التسول!

ينضم أطفال السنغال إلى مدارس داخلية تُدعى "الدُّور"، لتعليم القرآن وبناء الشخصية، لكن المدرّسون يرسلونهم للتسول وقد يتعرضون للاغتصاب! فكيف تحميهم الدولة؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/04/14 الساعة 07:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/14 الساعة 08:10 بتوقيت غرينتش
فتاة فقيرة، رسم بقلم الرصاص / istock


هرب طفل في الثامنة من عمره من مَدرسته القرآنية الداخلية في مدينة سانت لويس بالسنغال خلال الشهر الحالي (أبريل/نيسان 2019)؛ خوفاً من معلمه الذي هدده بالضرب، لأنه لم يجنِ مالاً كافياً من التسول في الشوارع.

بعدها بساعات، تعرض للاغتصاب على يد أحد المراهقين والذي استغل وجوده منفرداً في إحدى زوايا محطة حافلات شحيحة الإضاءة.

لكن الطفل -الذي لم يُفصح عن اسمه لأسباب تتعلق بالخصوصية- أنقذته في أثناء الواقعة منظمة محلية غير هادفة للربح تدعى "ميزون دي لا جار"، والتي تنشر دورياتها في أنحاء مدينة سانت لويس خلال الليل، لمكافحة المشكلة التي أصبحت متجذرة في المدن السنغالية: آلاف من الأولاد الصغار الذين يرسَلون إلى مدارس قرآنية داخلية وينتهي بهم الحال إلى التسول في الشوارع أو ما هو أسوأ من ذلك.

أطفال السنغال يتعرضون للاغتصاب

يشير مؤسِّس منظمة "ميزون دي لا جار"، عيسى كوياتي، إلى حالة هذا الطفل، قائلاً: "لا تزال هذه الأشياء صادمة، حتى وإن تكررت أمامك للمرة العاشرة أو الخامسة عشرة".

وقد شاهد أحد شهود وكالة Reuters واقعة الاغتصاب أيضاً قبل إيقافها.

وقد رفض المعلمون في مدرسته التي هرب منها التعليق، ولم نتمكن من الوصول إلى والديه.

يقول كوياتي إنه يسأل عن خلفية المراهق الذي ارتكب جريمة الاغتصاب، وإنه سيبلغ الشرطة عنه بعد ذلك. ولم تكن شرطة سانت لويس متاحة للتعليق.

دُور تعليم القرآن ترسل الأطفال للتسول!

تُدخِل العائلات السنغالية أولادها في مدارس داخلية تُدعى "الدُّور"، لتعليم القرآن وبناء الشخصية.

وتاريخياً، تضمنت هذه العملية التعليمية دائماً التسول طلباً للطعام، بهدف غرس التواضع في الطالب.

ولا تعاني كثير من الدُّور مشاكل الإساءة. وقد يفتح النجاح في الدار والمعرفة القوية بالقرآن أبواب الوصول إلى مواقع مرموقة، كأن يصبح الطفل إماماً أو مُعلّماً للقرآن، أو ما يُعرف بـ "المُرابط".

بُعد الدُّور عن منازل الأطفال يعرضهم للخطر

يقول مامادو جويي (57 عاماً)، الذي يعمل على مساعدة الأطفال الذين تعرضوا لإساءات في مدينة سانت لويس، إن كثيراً من الآباء -الذين يكونون في الغالب بعيداً بمنازلهم- لا يعون المخاطر التي يواجهها بعض الأطفال خلال هذه العملية.

وخلال العقود الماضية، تقول بعض المجموعات الحقوقية إن أطفال المدارس الذين يطلق عليهم "الطلاب" يعيشون أحياناً في ظروف رهيبة.

يجبرهم المُرابط على التسول لكسب المال، ويضربهم إذا لم يعودوا بما يكفي.

وبما أنه لا توجد حماية للأطفال الذين يهربون، يجدون أنفسهم وحيدين في الشوارع.

الرئيس السنغالي يحاول حماية الأطفال

وتعد المعاملة المُرضية التي يعانيها الطلّاب في السنغال قضية محرمة بشكل كبير؛ لكن الحملات التوعوية أشعلت النقاش ببطء.

وقد أطلق الرئيس السنغالي ماكى صال -الذي يصف نفسه بأنه رئيسٌ تقدمي، ويطلق اسمه على سلسلة من مشاريع البنى التحتية الضخمة- في 2016، خطة تقضي بإزالة الأطفال من الشوارع، وقال إن السجن هو مصير من يجبرهم على التسول.

وبالفعل، ساعد هذا البرنامج نحو 300 طفل في عام 2018، حسبما تُظهر أرقام الحكومة.

يقول رئيس حماية الطفل في الحكومة السنغالية أليون سار: "هؤلاء الأطفال أطفالنا، ونحاول إشراك الجميع في جهود حمايتهم".

ويضيف أن الحكومة أنشأت خطاً ساخناً مجانياً للإبلاغ عن حالات الإساءة للأطفال.

ولكن 100 ألف طفل يُرسَلون للتسول!

وقد عادت هذه القضية إلى الواجهة قبيل الانتخابات الرئاسية المرتقبة الأحد 7 أبريل/نيسان 2019.

لذلك أعلن اثنان من بين 5 مرشحين -عثمان سونكو وعيسى سال- أن برنامجهما يحتوي على إجراءات لتنظيم نظام الدُّور وإنهاء ظاهرة تسول الأطفال.

تقول منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن أكثر من 100 ألف طفل لا يزالون يرسَلون إلى الشوارع للتسول.

وفي مدينة سانت لويس -كما هو الحال بالعاصمة داكار- تنتشر مجموعات من الأطفال وسط السيارات لطلب المال، مرتديةً السراويل القصيرة وقمصان كرة القدم المهترئة التي تحمل أسماء أبطالهم من أصحاب الملايين.

والأطفال يختبرون مشاعر غضب تجاه ذويهم

وتقدم "ميزون دي لا جار" للطلاب الشطائر، ويمكنهم الاستحمام وغسل ملابسهم وتلقي الإسعافات الأولية.

وتتاح أيضاً فرص لتعلم الإنجليزية وممارسة الرياضة.

يقول ديمبا (8 أعوام)، الذي قال إن أحد المعلمين أجبره على البقاء في الشوارع طوال الليل لطلب الأموال، ليسرقه بالنهاية أحد السكارى في السادسة صباحاً: "أتعلَّم الكاراتيه لأتمكن من الدفاع عن نفسي".

ولم يفصح عن اسم المرابط أو المَدرسة التي كان فيها.

وبعد أن أصبح بعيداً عن منزله، عبَّر ديمبا عن مشاعره المختلطة تجاه عائلته التي أرسلته إلى المَدرسة في المقام الأول.

يقول ديمبا: "لا أشعر حالياً بأي شيء تجاه والديّ، لا أريد حتى أن أكتشف ما إذا كنتُ غاضباً منهم أو لا".

تحميل المزيد