الآن وقد احتفل ترامب بالبراءة.. فهل برّأه تقرير مولر حقاً، وهل أغلق الملف تماماً؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/25 الساعة 13:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/25 الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش
U.S. President Donald Trump reacts as he returns to the White House after U.S. Attorney General William Barr reported to congressional leaders on the submission of the report of Special Counsel Robert Mueller in Washington, U.S., March 24, 2019. REUTERS/Carlos Barria

الإجابة عن هذا السؤال تكمن في تفاصيل القصة الأبرز في الولايات المتحدة الآن بعد أن نشر وزير العدل ويليام بار ملخصاً لتقرير المحقق الخاص روبرت مولر بشأن "تواطؤ" حملة الرئيس دونالد ترامب الانتخابية مع روسيا في 2016 وبشأن محاولة "عرقلة العدالة".

فهل تم إسدال الستار على الملحمة التي دامت ما يقرب من العامين، أم أن التقرير ليس إلا نهاية فصل وبداية فصل جديد أكثر سخونة؟

ترامب يراها "تبرئة كاملة"، بينما الديمقراطيون مصممون على مواصلة التحقيقات، ما يعني أن المعركة السياسية ستزداد اشتعالاً، لكن الأكيد الآن أن تبعات تقرير مولر قد بدأت عكس ما قد يبدو للوهلة الأولى.

فبحسب تقرير لرويترز، الإثنين 25 مارس/آذار 2019، فإن تقرير مولر لا يعني بالضرورة تبرئة ساحة ترامب؛ فهو لا يزال يواجه تحقيقات عديدة بشأن أعماله التجارية وجوانب أخرى من حملته السياسية، كما يطلق الديمقراطيون سيلاً من التحقيقات في الكونغرس.

هل يوجد تواطؤ؟

نبدأ رحلة البحث عن إجابة سؤال العنوان بالحقائق التي كشف عنها بار في ملخص تقرير مولر. الحقيقة الأولى هي أنه لا يوجد "تواطؤ".

خطاب مولر المكون من أربع صفحات والذي أرسله للكونغرس يقول إن "تحقيق مولر لم يجد دليلاً على أن حملة ترامب تآمرت مع روسيا". لكنه أضاف في نفس النقطة أن التحقيق لم يثبت أن أفراداً من حملة ترامب تآمروا أو نسقوا مع الحكومة الروسية للتدخل في أنشطة انتخابية.

هذا الجزء لا شك أنه تبرئة لترامب وفريقه، وهذا هو العنوان الرئيسي في هذا المعسكر "لا يوجد تواطؤ".

ترامب غرد بشكل حاسم قائلاً: "لا تواطؤ، لا عرقلة للعدالة، تبرئة كاملة، حافظوا على عظمة أمريكا".

 

"البيان يجب أن يُنهي الجدل للأبد (خطاب بار). لا يوجد تواطؤ ولا يوجد عرقلة للعدالة"، هكذا علق واحد من أكثر النواب في الكونغرس ولاءً لترامب، وهو مارك ميدوز النائب الجمهوري عن كارولينا الشمالية لموقع ذا هيل.

وفي السياق ذاته وصف نائب وزير الإعلام في البيت الأبيض هوجان جيدلي الحالة المعنوية لترامب بأنها "في السماء"، مضيفاً أنه "في حالة مزاجية رائعة حقاً. إنه سعيد للغاية بما انتهى إليه التحقيق".

لكن المعسكر الآخر (الديمقراطيون) توقف عند قول بار إن مولر "وجد أدلة على عدة عروض من أفراد لهم روابط مع روسيا لمساعدة حملة ترامب"، بحسب جريدة الغارديان البريطانية، ما يعني من وجهة نظرهم أن البراءة هنا ليست حاسمة ولابد من الاطلاع على التقرير كاملاً قبل إصدار أحكام.

عرقلة العدالة

كان يتوقع كثير من المراقبين للتحقيقات أن يكون الخطر الأكبر على ترامب هو عرقلة العدالة، فمنذ اللحظة الأولى وترامب يصف التحقيقات برمتها بـ"مطاردة الساحرات"، وهو مصطلح يستخدم للتعبير عن السعي المحموم لإدانة شخص بجريمة لم يرتكبها، خصوصاً أن ترامب قام بفصل مدير مكتب المباحث الفيدرالية جيمس كوني الذي كان يرأس التحقيق في "التواطؤ مع روسيا" قبل أن يتولاه مولر. فماذا قال بار في خطابه عن تهمة عرقلة العدالة؟

الأدلة التي جاءت في تقرير مولر، بحسب خطاب بار، "ليست كافية للتدليل على أن الرئيس ارتكب مخالفة عرقلة العدالة، وأضاف بار: "عند تصنيف أفعال الرئيس التي اتخذها في العلن لم يذكر التقرير أفعالاً تمثل عرقلة للعدالة، في رأينا".

لكن على الرغم من أن بار توصّل لنتيجة أن ترامب لم يعرقل العدالة، فإنه أضاف في الخطاب أن مولر نفسه لم يتوصل لنتيجة حاسمة حول تلك المسألة.

"المحقق الخاص نفسه لم يتوصل لنتيجة حاسمة – في أي من الاتجاهين (إدانة أو  تبرئة) – في مسألة عرقلة العدالة"، بنص خطاب بار.

ترامب لا يزال رهن التحقيق

الواضح هنا أن تغريدة ترامب التي تشبه بيان انتصار ساحق وحاسم سابقة لأوانها على أقل تقدير، فنصّ خطاب بار في مسألة عرقلة العدالة أكد أن مولر نفسه لم يحسم المسألة، فكيف حسمها بار؟ فالخطاب غير واضح بالمرة في هذه النقطة، وهذا ما التقطه الديمقراطيون فوراً، مطالبين بمعرفة المزيد قبل القفز إلى نتائج حاسمة.

فرئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جيرولد نادلر غرّد على تويتر، مؤكداً أن اللجنة التي يرأسها ستستدعي بار نفسه – الذي عينه ترامب وزيراً للعدل – للشهادة أمامها بشأن ما سماه "تناقضات مزعجة للغاية وقرارات نهائية غير مفهومة من جانب وزارة العدل".

استدعاء بار للشهادة لن يكون فقط بسبب رأيه الحاسم في مسألة عرقلة العدالة، حيث إن كثيراً من الديمقراطيين تساورهم الشكوك من الأصل تجاه آراء بار في موضوع التحقيق برمته، فعندما كان محامياً خاصاً كتب مذكرة لوزارة العدل عام 2018 قال فيها إن تحقيق مولر بشأن عرقلة العدالة ينبع من "سوء فهم خطير"، وإن كل الرؤساء يتمتعون بسلطة شاملة على تحقيقات إنفاذ القانون حتى تلك التي تتعلق بهم مباشرة، بحسب رويترز.

 

في ذات السياق، قال رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ لينزي غراهام، وهو جمهوري (حزب ترمب)، إنه يريد التحقيق فيما إذا كان مسؤولون كبار في وزارة العدل قد بحثوا إجبار ترامب على ترك المنصب كما يضغط على مكتب التحقيقات الاتحادي لتسليم وثائق تتعلق بمراقبته لكارتر بيدج، أحد مستشاري السياسة الخارجية في فريق ترامب الانتخابي، بحسب رويترز.

وإذا أخذنا في الاعتبار حقيقة أن لجنتي الاستخبارات والمتابعة والإصلاح في مجلس النواب – الذي تسيطر عليه أغلبية ديمقراطية – يجريان تحقيقاً خاصاً بهما في الأمور المتعلقة بترامب، فالمؤكد أن "عاصفة مولر" لم تنتهِ بعد.

وفي هذا السياق أصدرت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الديمقراطية، وزميلها تشارلز شومر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، بياناً مشتركاً قالا فيه إن خطاب بار "طرح أسئلة بنفس قدر ما طرح من إجابات".

ترامب سيكمل فترته الرئاسية

الخلاصة أن ملخص التقرير ليس حاسماً بالشكل الذي صوّره ترامب، وهذا ما يجعل مطالب الكشف عن التقرير كاملاً منطقية وستقوي موقف المعسكر المعارض لترامب، لكن المؤكد أيضاً أن ترامب يمكنه تنفس الصعداء ولو مؤقتاً.

ففي ظل التوقعات القوية من جانب المعسكر المضاد لترامب بأن تقرير مولر سيوجه ضربة قاضية لترامب في تهمتي التواطؤ وعرقلة العدالة، والترويج لذلك طوال الأشهر الماضية أصبح هذا المعسكر الآن في موقف حرج.

ومن المتوقع من ترامب ومعسكره في الأيام والأشهر القادمة -وهو ما بدأ بالفعل- توجيه عبارات الشماتة والهجوم على كل من توقع إدانة من مولر، وسيستمر ذلك على الأغلب حتى الانتخابات الرئاسية في 2020، بحسب تحليل موقع ذا هيل.

نفس التحليل يرى أن فرص عزل ترامب تراجعت إلى حد كبير، وأن فرص بقائه في البيت الأبيض حتى نهاية فترته الرئاسية الأولى في 2020 قد أصبحت قوية للغاية.

 

 

تحميل المزيد