أقر زعماء الاتحاد الأوروبي، رسمياً، اتفاق خروج بريطانيا من البريكست خلال قمتهم في بروكسل، الأحد 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وحثوا البريطانيين على دعم خطة رئيسة وزرائهم، تيريزا ماي، للخروج والتي تواجه معارضة غاضبة في البرلمان البريطاني.
وبعد نصف ساعة تقريباً، أقر زعماء الدول المتبقية في الاتحاد، وعددها 27 دولة، المعاهدة التي تقع في 600 صفحة وتحدد شروط الانسحاب البريطاني من الاتحاد في 29 مارس/آذار 2019، كما أقروا إعلاناً يقع في 26 صفحة، يحدد مستقبل علاقات التجارة الحرة بين الطرفين.
وقال جان كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية، للصحافيين قبل القمة: "هذا هو الاتفاق"، معبراً عن ثقته بأن تتمكن ماي من تمريره في البرلمان، ومستبعداً تقديم تنازلات كبيرة جديدة.
وقال ميشيل بارنييه، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي لشؤون خروج بريطانيا: "حان الوقت لأن يتحمل كل شخصٍ المسؤولية".
وقال يونكر إن هذا "يوم حزين"، مضيفاً أن خروج بريطانيا من الاتحاد "مأساة" وأمر قاسٍ للطرفين.
وأضاف قبل القمة: "أعتقد أن الحكومة البريطانية ستنجح في الحصول على دعم البرلمان البريطاني"، لكنه أحجم عن التعليق على ما قد يحدث إذا فشلت ماي في ذلك.
وتابع: "سأصوت لصالح هذا الاتفاق، لأنه أفضل اتفاق متاح بالنسبة لبريطانيا".
وفي إشارة إلى مخاوف تلوح في الأفق، قالت رئيسة ليتوانيا، داليا جريباوسكايتي، على "تويتر"، بعد إقرار الاتفاق: "تم إقرار اتفاق خروج بريطانيا، لكن طريق عملية الخروج ما زال طويلاً".
ووصف بارنييه الاتفاق بأنه أساس لعلاقات وثيقة في المستقبل، قائلاً: "سنظل حلفاء وشركاء وأصدقاء".
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن التصويت بخروج بريطانيا من الاتحاد أظهر أن أوروبا بحاجة إلى الإصلاح، مضيفاً أن باريس ستلزم بريطانيا قواعد الاتحاد الأوروبي الصارمة، وخصوصاً ما يتعلق بالبيئة، مقابل تيسير فرص التجارة معها.
وأضاف ماكرون أن خروج بلد شكَّك، منذ وقت طويل، في إمكانية اندماجٍ أعمق بين دول الاتحاد الأوروبي، ليس محل احتفاء أو حِداد، بل هو خيار اتخذه البريطانيون بِحُرية.
الاتحاد الأوروبي لن يقدم تنازلات أخرى
وأشاد مارك روته، رئيس وزراء هولندا، أحد أقرب الشركاء التجاريين لبريطانيا، بأسلوب ماي في التعامل مع المفاوضات الصعبة، معبراً عن ثقته بقدرتها على تمرير الاتفاق في البرلمان البريطاني.
وقال: "هذا أقصى ما يمكننا جميعاً فعله"، معبراً عن اعتقاده أن الاتحاد الأوروبي لن يقدم تنازلات أخرى.
والسؤال الأهم الذي يواجه الاتحاد الأوروبي الآن هو ما إذا كانت حكومة الأقلية المنقسمة بقيادة ماي ستتمكن، خلال الأسابيع المقبلة، من إدارة الدفة نحو إتمام الصفقة التي ستُلزم لندن اتباع الكثير من قواعد الاتحاد حتى تحافظ على تيسير فرص التجارة، رغم المعارضة الشديدة للصفقة داخل البرلمان البريطاني، سواء من مؤيدي الخروج من الاتحاد أو معارضيه.
وقالت رئيسة ليتوانيا إنه في حالة رفض البرلمان العرض، فإن هناك 4 احتمالات، من بينها: إما إجراء استفتاء ثانٍ في بريطانيا، أو إجراء انتخابات جديدة ليحل رئيس وزراء جديد محل ماي، أو العودة إلى بروكسل لمحاولة التفاوض من جديد بشأن العرض. والاحتمال الرابع الذي لم تذكره جريباوسكايتي، هو ببساطة، أن تخرج بريطانيا من الاتحاد في 29 مارس/آذار 2019، دون اتفاق قانوني.
ويستعد الطرفان لسيناريو الخروج دون اتفاق، رغم أن الاتحاد يشدد على أن بريطانيا ستكون الخاسر الأكبر. ورغم صمود الجنيه الإسترليني بقوة منذ ظهور ملامح الاتفاق خلال الأيام العشرة الأخيرة، فإن التوتر يخيم على الشركات والمستثمرين.
وقال دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي ورئيس القمة، السبت 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2018: "لا أحد يملك أسباباً للشعور بالسعادة" عند إتمام خروج بريطانيا من الاتحاد، لكنه أضاف: "الأصدقاء سيظلون أصدقاء حتى النهاية"، في إشارة إلى مقولة المغني البريطاني الراحل الشهير فريدي ميركوري.
وفي رسالة مفتوحة إلى الأمة، نُشرت الأحد 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قالت ماي إنها ستبذل كل ما في وسعها لإقرار اتفاقها في البرلمان. وقالت ماي في الرسالة: "الاتفاق سيكون في مصلحتنا الوطنية… اتفاق يناسب البلد بأكمله والشعب كله، سواء من صوتوا بالخروج أو بالبقاء".