أثار ترشيح جنرال في الشرطة الروسية من أجل منصب رئيس الإنتربول حملة معارضة قابلتها موسكو بالتنديد بـ "تسييس غير مقبول"، الثلاثاء 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عشية انتخاب رئيس جديد منظمة الشرطة الدولية التي تُتهم روسيا باستمرار باستخدامها ضد معارضيها السياسيين.
ورئاسة منظمة الشرطة الدولية شاغرة منذ "الاستقالة" المفاجئة لرئيسها السابق مينغ هونغوي المتهم بالفساد في الصين، حيث اختفى في ظروف غامضة خلال زيارة في مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويتحتم على مندوبي الإنتربول الذين يعقدون جمعية عامة منذ الأحد 18 نوفمبر/تشرين الثاني في دبي، انتخاب رئيس الإنتربول بين مرشحين هما الرئيس الحالي بالوكالة الكوري الجنوبي كيم جونغ يانغ وموظف كبير في وزارة الداخلية الروسية هو ألكسندر بروكوبتشوك.
ونقلت صحيفة "تايمز" عن مصادر بريطانية، الأحد، أن بروكوبتشوك (56 عاماً) هو المرجح فوزه.
معارضة أميركية إنكليزية لانتخاب جنرال في الشرطة الروسية رئيساً للإنتربول
ورغم أن منصب رئيس الإنتربول يبقى شرفياً من غير أن يشمل عمليات المنظمة، فإن هذه المعلومات أثارت استياء منتقدي الكرملين الذين يخشون أن تصبح الشرطة الدولية أداة في خدمة موسكو.
وتأتي هذه القضية في وقت يتهم الغربيون موسكو بإرسال قوات إلى أوكرانيا والتدخل في الانتخابات الأميركية وتسميم العميل السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا.
ودعا أربعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في رسالة مفتوحة، نشر نصها الإثنين، مندوبي الدول الـ192 في الإنتربول، إلى رفض ترشيح بروكوبتشوك لمنصب رئيس الإنتربول .
ومن أشد معارضي هذا الترشيح المتمول البريطاني ويليام برودر الذي تحاول روسيا منذ سنوات الحصول على تسليمه، وكان أوقف لفترة وجيزة هذه السنة في إسبانيا عملاً بمذكرة توقيف صادرة بحقه عن الإنتربول.
بسبب مخاوف من استغلال موسكو منصب رئيس الإنتربول لاعتقال معارضين
ويؤكد برودر أن روسيا حاولت "6 مرات استغلال الإنتربول" سعياً لاعتقاله في وقت ينشط من أجل التوصل إلى فرض عقوبات على المسؤولين عن مقتل موظفه السابق المحامي سيرغي ماغنيتسكي في سجن روسي عام 2009، بعد قيامه بكشف تورّط عدة مسؤولين روس كبار في سرقة كميات هائلة من أموال الضرائب من شركات عدة.
وحذّر على تويتر من أن روسيا "ستمد مخالبها الإجرامية إلى كل زاوية من العالم" إذا انتخب بروكوبتشوك رئيس الإنتربول ، المنظمة التي تتخذ مقراً لها في مدينة ليون الفرنسية.
وأعلن الثلاثاء مع المعارض الروسي في المنفى ميخائيل خودوركوفسكي من لندن عن نيّته رفع دعوى لـ "تعليق" عضوية روسيا في الإنتربول.
وصرَّح خودوركوفسكي "أخشى بشكل جدّي انتخاب بروكوبتشوك رئيساً للإنتربول، إذ إنه وبأمر من الكرملين، سيكون مستعداً للقيام بأي شيء".
كما كتب أبرز معارضي الكرملين أليكسي نافالني على تويتر "عانى فريقنا من تجاوزات الإنتربول بسبب الاضطهاد السياسي الروسي. لا أعتقد أن رئيساً روسياً سيساعد على الحدّ من هذه الانتهاكات".
لدرجة وصلت لتهديد دول غربية بالانسحاب من المنظمة الدولية
وهدَّدت أوكرانيا وليتوانيا بالانسحاب من الإنتربول في حال انتخاب بروكوبتشوك على رأسها.
وأشارت وزارة الخارجية الأميركية من دون تسمية المرشح الروسي بشكل مباشر، إلى "ضرورة انتخاب شخص رئيس الإنتربول سيروّج للقيم والممارسات التي تجعل من الإنتربول منظمة دولية وحيوية أيضاً ولا تخلّ بها".
وتفيد نبذة بروكوبتشوك على موقع وزارة الداخلية الروسية الإلكتروني، أنه جنرال في الشرطة الروسية التحق بالوزارة في التسعينات، وتمت ترقيته في 2003 إلى رتبة جنرال في الشرطة، وباشر العمل مع الإنتربول عام 2006، بصفته مسؤولاً مساعداً للمكتب الروسي في المنظمة في بادئ الأمر.
كما كلف بروكوبتشوك الذي يتكلم الألمانية والبولندية والإيطالية والإنكليزية والفرنسية، التعاون مع الشرطة الأوروبية "يوروبول"، قبل تعيينه في اللجنة التنفيذية للإنتربول عام 2014، ثم انتخابه نائب رئيس للجنة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
وسيقوم المرشح الذي يفوز بالمنصب بإتمام ولاية مينغ التي يفترض أن تنتهي عام 2020، غير أن الرئيس الفعلي للإنتربول هو في الواقع أمينها العام، وهو حالياً وحتى العام المقبل الألماني يورغن شتوك الذي حرص على التذكير، في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، بأن منصب الرئيس هو منصب "فخري بشكل أساسي".
مع العلم أن منصب رئيس منظمة الشرطة الدولية "ليس أساسياً"
وهذا ما أكده أندري سولداتوف رئيس تحرير موقع "أجنتورا. أر يو" الروسي، المتخصص في شؤون الاستخبارات، إذ قال إن " رئيس الإنتربول له نفوذ معين، لكنه ليس منصباً أساسياً".
لكن الخبير أبدى رغم ذلك قناعته بأن "استخدام البلاغات الحمراء" بلون مذكرات التوقيف الصادرة عن الدول الأعضاء، لملاحقات ذات طابع سياسي "ستزداد" في حال انتخاب بوكوبتشوك.
وأوضح أن "الإنتربول نظام بدأت روسيا تستخدمه بمهارة لخدمة أهدافها. وهذا يطرح مشكلات (للأشخاص الصادرة بحقهم مذكرات توقيف)، فيتم توقيفهم على الحدود فيهدرون بضعة أيام، هذا مزعج ويثير أصداء سلبية".
ومرَّ على الإنتربول عدة رؤساء موضع جدل منذ تأسيسها قبل حوالي مئة عام، وسبق أن أثار انتخاب مينغ عام 2016 مخاوف لدى المعارضين، بأن تستخدم بكين الإنتربول لمطاردة المنشقين اللاجئين في الخارج.
من جانب آخر، رفضت الجمعية العامة للإنتربول مرة جديدة، الثلاثاء، طلب انضمام كوسوفو، فيما أعلنت انضمام كيريباتي وفانواتو إلى دولها الأعضاء ليصل عددها الإجمالي إلى 194.
وردت كوسوفو على الفور فأعربت في بيان عن "خيبة أملها الكبيرة"، مندّدة بـ "حملة شرسة" تشنّها صربيا لرفض عضويتها.