دعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الأربعاء 31 أكتوبر/تشرين الأول 2018، إلى وقف الأعمال القتالية في اليمن، وقال إن المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب الأهلية ينبغي أن تبدأ الشهر المقبل.
وفيما بدا أنه تحوُّل واضح في الموقف الأميركي تجاه الحرب التي تخوضها السعودية في اليمن، تزامنت دعوة بومبيو مع دعوة مماثلة صدرت من وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس، مطالباً بحضور جميع أطراف النزاع إلى طاولة مفاوضات في غضون الثلاثين يوماً المقبلة.
وتأتي هذه الدعوة الأميركية في وقت تخضع السعودية حالياً لضغوط كبيرة، بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي، الذي كان يكتب مقالات رأي في صحيفة "واشنطن بوست" ينتقد فيها سياسات ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يتولى أيضاً منصب وزير الدفاع، والذي يعد المهندس الرئيسي للحرب التي تقودها السعودية مع تحالف واسع ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.
يذكر أن هناك اتهامات تشير إلى وقوف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وراء عملية قتل خاشقجي، كما تستمر التقارير الحقوقية التي تؤكد حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان في اليمن نتيجة قصف مناطق مأهولة، والحصار المفروض على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وقف متبادل للهجمات
وفي بيان، قال بومبيو إنه ينبغي أن تكفَّ حركة الحوثي المتحالفة مع إيران عن تنفيذ ضربات صاروخية وهجمات بطائرات مُسيَّرة ضد السعودية والإمارات، وإن على التحالف بقيادة السعودية أن يتوقف عن شن ضربات جوية على كل المناطق المأهولة باليمن.
واليمن واحدة من أفقر الدول العربية، ويواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، والتي فاقمتها الحرب المستمرة منذ قرابة أربعة أعوام، وتشهد مواجهة بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً المدعومة من السعودية والإمارات والغرب.
وقال بومبيو: "حان الآن وقت وقف الأعمال القتالية، بما في ذلك الضربات باستخدام الصواريخ والطائرات المُسيَّرة من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة".
وأضاف: "بعد ذلك، ينبغي أن تتوقف الضربات الجوية للتحالف في كل المناطق المأهولة باليمن".
تغيُّر واضح في الموقف الأميركي
وطالما عبَّرت أميركا عن دعمها للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في الحرب في اليمن، إلا أنها في الآونة الأخيرة بدأت تغيِّر نبرتها اتجاه الوضع هناك، فقد أعلن ماتيس في نهاية شهر أغسطس/آب أن الدعم الأميركي للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن ليس "غير مشروط"، وذلك بالتزامن مع إعلان مُحقّقي الأمم المتحدة أن لديهم أسباباً معقولة للاعتقاد أن الأطراف المتحاربة في اليمن قد تكون ارتكبت "عدداً كبيراً" من الانتهاكات للقوانين الإنسانية التي قد ترقى إلى "جرائم حرب".
وتساعد الولايات المتحدة التحالف بإعادة تزويد طائراته بالوقود وتقديم التدريبات على الاستهداف. وقال بومبيو الشهر الماضي، إنه أكد للكونغرس الأميركي أن السعودية والإمارات تعملان على تقليص الخسائر في صفوف المدنيين باليمن.
ويحتاج ثلاثة أرباع سكان اليمن وعددهم 22 مليوناً إلى مساعدات، بينما يقف 8.4 مليون منهم على حافة المجاعة.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن مارتن غريفيث، هذا الشهر، إن الأمم المتحدة تأمل في استئناف المشاورات بين الأطراف المتحاربة بحلول نوفمبر/تشرين الثاني.
وعبَّر بومبيو ووزير الدفاع جيم ماتيس عن تأييدهما لمساعي الأمم المتحدة.
وقال ماتيس، خلال مؤتمر في واشنطن: "نريد رؤية الجميع حول طاولة مفاوضات على أساس وقف إطلاق النار".
السعوديون والإماراتيون على استعداد للمحادثات
وأضاف ماتيس، الذي كان التقى نهاية الأسبوع الماضي العديد من المسؤولين العرب على هامش حوار المنامة: "علينا أن نقوم بذلك في الثلاثين يوماً المقبلة (..) وأعتقد أن السعودية والإمارات على استعداد" للمُضي في الأمر.
وأوضح أن وقف إطلاق النار يجب أن يتم على قاعدة انسحاب المتمردين الحوثيين من الحدود مع السعودية "ثم وقف قصف" التحالف الذي تقوده الرياض والمدعوم من واشنطن.
وتابع ماتيس أن وقف المعارك سيتيح لمبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث "جمع" مختلف الأطراف "في السويد" دون أن يحدد بدقة مكان الاجتماع ومَن سيُنظمه.
ودافع ماتيس، في كلمة أمام منتدى في واشنطن يوم الثلاثاء، عن الجهود الأميركية للمساعدة في تقليص الخسائر في صفوف المدنيين بسبب التحالف الذي تقوده السعودية، وقال إن كل الأطراف بحاجة لاتخاذ خطوات جادة نحو وقف إطلاق النار، والتفاوض خلال الأيام الثلاثين المقبلة.
وأضاف ماتيس أن السعوديين والإماراتيين يبدون على استعداد لتبنّي مساعي غريفيث بهدف إيجاد حل للصراع عن طريق التفاوض.
وقال ماتيس: "ينبغي أن نتحرك صوب مساعٍ للسلام هنا. ولا نستطيع القول إننا سنفعل ذلك في مرحلة ما من المستقبل. علينا أن نقوم بذلك خلال الأيام الثلاثين المقبلة".
وأضاف بومبيو أن وقف الأعمال القتالية واستئناف المسار السياسي سيساعدان في تخفيف الأزمة الإنسانية.