بسبب الجريمة وانعدام الأمن.. شركة توصيل تتجرأ على الذهاب إلى حيثُ لا تستطيع سيارات شركة أوبر في ساو باولو البرازيلية

ترفض الكثير من شركات سيارات الأجرة الكبيرة وتطبيقات التوصيل مثل "أوبر" و"99" و"Cabify"، الرحلات إلى تلك المناطق، ومنها مناطق في برازيلانديا؛ بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/20 الساعة 18:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/20 الساعة 18:35 بتوقيت غرينتش

على بُعد أمياٍل من الصخب والضجيج في المنطقة المركزية بمدينة ساو باولو البرازيلية، يلعب الأطفال في الشوارع، والمارة يحيي بعضهم بعضاً في الطرقات. تبدو برازيلانديا قريةً مستقلة أكثر من كونها منطقةً على أطراف مدينة تعج بالحركة يسكنها 20 مليون شخص.

لكنَّ هذا لا يعني أنَّ غير المقيمين يشعرون بالراحة تجاه القدوم إلى المنطقة؛ إذ تشتهر المناطق الموجودة على أطراف المدينة بالعنف والجريمة، وترفض الكثير من شركات سيارات الأجرة الكبيرة وتطبيقات التوصيل مثل "أوبر" و"99″ و"Cabify"، الرحلات إلى تلك المناطق، ومنها مناطق في برازيلانديا؛ بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

ومع قلة عدد السكان القادرين على شراء سيارة والمحدودية الشديدة لوسائل النقل العام، أصبحت تلك مشكلةً؛ إذ يعيش ما يقدر بنحو 300 ألف شخص في المنازل الصغيرة للطبقة العاملة بالأحياء الفقيرة، والأجور في هذه المنطقة هي الأقل بالمدينة.

ابن المنطقة قرر المغامرة

متوسط الدخل الشهري للفرد في برازيلانديا هو 502 ريال برازيلي (94 دولاراً)، أي أقل من ثلث نظيره في مدينة ساو باولو، وبعيد كل البعد عن أولئك الذين يعيشون في منطقة مويما، حيث يصل متوسط دخل الفرد شهرياً إلى 4967 ريالاً برازيلياً (930 دولاراً). 

وتقع أقرب محطة مترو على بُعد 5 أميال، ويعتمد السكان على حافلاتٍ مزدحمة لا يُعوَّل عليها.

وتحاول شركة صغيرة واحدة تغيير ذلك، عن طريق توظيف سائقين محليين، وتوفير بدائل للحجز عن طريق الهواتف الذكية، وقبول الدفع نقداً أو مقابل البنزين.

يعيش نحو 300 ألف شخص في المنازل الصغيرة بالأحياء الفقيرة
يعيش نحو 300 ألف شخص في المنازل الصغيرة بالأحياء الفقيرة

هذه الشركة هي Ubra، في إشارةٍ واضحة لشركة أوبر، لكنَّها أيضاً مزيج بين كلمتي "اتحاد برازيلانديا". بدأ الفكرة العام الماضي (2017)، ألفيمار دا سيلفا، وهو سائق كان يعمل سابقاً لدى شركات التوصيل التي تستخدم التطبيقات الإلكترونية، وعمل عليها مع ابنه وابنته وبعض الأصدقاء عندما أدرك أنَّه يجني أموالاً أكثر عن طريق توصيل جيرانه بصورةٍ غير رسمية في برازيلانديا، أكثر من الأموال التي يجنيها من العمل لدى شركات توصيل الركاب الكبيرة. 

يقول دا سيلفا: "هناك أسطورة حول كون المناطق على أطراف المدينة خطرةً. أقول إنَّ العنف في كل مكان، ربما بالمنطقة المركزية أكثر منه في المناطق على أطراف المدينة. اعتمد أسلوب عملنا على توظيف سائقين محليين مولودين ومقيمين في برازيلانديا، هؤلاء لن يتحاملوا ضدها ولا يخشون العمل فيها".

الشركات الكبرى تطور تطبيقات السلامة

تُقِر شركات "أوبر" و"99″ و"Cabify" بأنَّها تُحدد الرحلات التي تبدأ أو تنتهي في أماكن معينة. شركة أوبر تعتبر أنَّ تطبيقها يمكن أن يمنع طلبات التوصيل من المناطق التي تواجه مشاكل بالأمن في أيام أو أوقات محددة، مضيفةً أنَّه يستخدم خوارزمية مزودة بتكنولوجيا التعلم الآلي تُقيِّم المخاطر استناداً إلى "التحليل الفعلي للبيانات من ملايين الرحلات التي تُنفَّذ يومياً من خلال التطبيق".

في حين أن تطبيق شركة 99 يُعلم السائقين عندما تبدأ الرحلة أو تنتهي، أو تمر عبر مناطق في المدينة تعتبر خطرةً، تاركين إياهم يقررون ما إذا كانوا سيقبلونها أم لا. وبالمثل، تؤكد شركة Cabify أنَّ الشركة لا تعمل في مناطق معينة، وضمن ذلك منطقة برازيلانديا.

يمنع طلبات التوصيل من المناطق التي تواجه مشاكل بالأمن
يمنع طلبات التوصيل من المناطق التي تواجه مشاكل بالأمن

ووفقاً لأرقامها الخاصة، تقوم Ubra بعمل من 5 إلى 6 آلاف رحلة في الشهر، معظمها إما تبدأ أو تنتهي في برازيلانديا. 

يعمل غيلبرتو أوليفيرا سوزا، ويعرف باسم جابا، مصففاً للشعر في المنطقة. ويصف تلك الخدمات الجديدة بأنَّها "نعمة". وأضاف: "إنَّها تساعدنا كثيراً، نستخدمها طوال الوقت: للذهاب للتسوق، ولأخذ أطفالنا إلى الطبيب… إنَّها حقاً أنقذتنا من مشكلة". 

في السابق، عانت أسرته من المشي مسافاتٍ طويلة للوصول إلى محطة الحافلات، وأيضاً من الانتظار لوقتٍ غير معلوم لركوب الحافلة. حتى وإن حصلوا على سيارة أجرة أو تابعة لشركات توصيل الركاب لتوصيلهم للمنزل، يمكن للسائق في بعض الأحيان أن يرفض الدخول إلى الأحياء الداخلية، ما يعني مسيرةً طويلة أخرى على الأقدام.

طورت خدماتها لتلائم زبائنها

تعمل Ubra بطريقةٍ مشابهة إلى حد كبير لشركات توصيل الركاب الأخرى: يُحمِّل المستخدمون تطبيقاً تابعاً لجهة خارجية، وينشئون ملفاً تعريفياً خاصاً بهم، ويحددون مكان وجودهم ووِجهتهم. وبمجرد تحديد مكان السائق، يحصل المستخدم على طراز السيارة وأرقام اللوحات المعدنية، واسم السائق والوقت المحدد للوصول.

لكن، تتيح Ubra أيضاً طلب التوصيل عن طريق الاتصال برقم هاتف أو إرسال رسالة عن طريق تطبيق واتساب، ما يتيح الخدمة لأشخاصٍ ليس لديهم هواتف محمولة أو يعانون ضعفاً في شبكة الإنترنت، وهي أمور شائعة في المناطق على أطراف ساو باولو. وتجعل الخدمة متاحة لمن لا يجيدون استخدام التكنولوجيا. 

يعانون من المشي مسافاتٍ طويلة للوصول إلى محطة الحافلات
يعانون من المشي مسافاتٍ طويلة للوصول إلى محطة الحافلات

توفير الخدمة بهذا الشكل يحتاج في بعض الأوقات بعض الإبداع. عندما لا يتوفر السائقون على بطاقة ائتمان ولا يملك الراكب نقوداً، فإنَّ أحد الأشياء التي يقومون بها هو التوقف عند محطة وقود ويدفع الزبون تكاليف الرحلة ثمناً للبنزين.

تأمل Ubra التوسع والوصول للمناطق الأخرى المحرومة من هذه الخدمات، وتوظيف سائقين محليين هناك.

وتقول ألين لانديم، ابنة دا سيلفا: "ينصب تركيزنا على المناطق المستبعدة من التطبيقات الأخرى، ونطمح في نهاية المطاف إلى العمل في كل أرجاء ساو باولو". وتضيف أنَّ العثور على سائقين للعمل في هذه المناطق لن يسبب مشكلة، "لدينا طلب كبير من السائقين للعمل في أحيائهم، فهم يريدون تجنب الزحام المروري وتكاليف البنزين عن طريق وجودهم قريبين من منازلهم وعائلاتهم".

تطور الشركة تطبيقها الخاص، وتخطط لتغيير اسمها لـJaubra؛ تفادياً للمشاكل القانونية مع "أوبر". 

يعيش في  برازيلانديا أكثر من 300 ألف شخص، ويقدِّر دا سيلفا عدد المستفيدين من خدمات شركته ما بين 2% و3% فقط. مع التطبيق الجديد يعتقد أنهم سيحققون قفزة هائلة إلى 15% أو 20%، وربما أكثر؛ لأنَّ الشركات الكبيرة تزيد من التدقيق في فحص الضواحي.

وكلما استبعدت مناطق أكثر، أدرج دا سيلفا مناطق أكبر.

علامات:
تحميل المزيد