قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير نشرته يوم الخميس 1 أغسطس/آب 2024، إنه تم اغتيال إسماعيل هنية، أحد كبار قادة حركة حماس، يوم الأربعاء الموافق 31 يوليو/تموز 2024، بواسطة جهاز متفجر تم تهريبه سرًا إلى دار الضيافة في طهران حيث كان يقيم، بحسب سبعة مسؤولين في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيرانيان، ومسؤول أمريكي.
وبحسب خمسة مسؤولين من الشرق الأوسط، فإن القنبلة كانت مخبأة منذ شهرين تقريبًا في دار الضيافة. وتدير دار الضيافة وتحميها قوات الحرس الثوري الإسلامي، وهي جزء من مجمع كبير يُعرف باسم "نشأت"، في حي راقٍ في شمال طهران، وذلك وفق ما قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وكان السيد هنية موجودًا في العاصمة الإيرانية لحضور مراسم تنصيب الرئيس. وقال المسؤولون الخمسة إن القنبلة فُجِّرت عن بعد، بمجرد التأكد من وجوده داخل غرفته في دار الضيافة. وأسفر الانفجار أيضًا عن مقتل حارس شخصي، حسبما نشرت الصحيفة الأمريكية.
وأفاد مسؤولان إيرانيان من الحرس الثوري اطّلعا على تفاصيل الحادث أن الانفجار أدى إلى اهتزاز المبنى وتحطيم بعض النوافذ وانهيار جزء من جدار خارجي. كما ظهر هذا الضرر في صورة للمبنى نشرتها صحيفة نيويورك تايمز.
وبحسب المسؤولين في الشرق الأوسط، فإن السيد هنية، الذي كان يرأس المكتب السياسي لحماس في قطر، أقام في بيت الضيافة عدة مرات أثناء زيارته لطهران. وتحدث جميع المسؤولين بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لمشاركة تفاصيل حساسة حول الاغتيال، وفق ما قالت الصحيفة الأمريكية.
وقال مسؤولون إيرانيون وحماس يوم الأربعاء إن إسرائيل مسؤولة عن عملية الاغتيال، وهو التقييم الذي توصل إليه أيضًا عدد من المسؤولين الأميركيين الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم. وهددت عملية الاغتيال بإطلاق موجة أخرى من العنف في الشرق الأوسط وإفشال المفاوضات الجارية لإنهاء الحرب في غزة. وكان السيد هنية من كبار المفاوضين في محادثات وقف إطلاق النار.
ولم تعترف إسرائيل علنًا بمسؤوليتها عن عملية القتل، لكن مسؤولين استخباراتيين إسرائيليين أطلعوا الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى على تفاصيل العملية في أعقابها مباشرة، وفقًا للمسؤولين الخمسة في الشرق الأوسط.
وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن يوم الأربعاء إن الولايات المتحدة لم تتلقَّ أي معلومات مسبقة عن مؤامرة الاغتيال.
وفي الساعات التي أعقبت عملية القتل، ركزت التكهنات على الفور على احتمال أن تكون إسرائيل قد قتلت السيد هنية بضربة صاروخية، ربما أُطلقت من طائرة بدون طيار أو طائرة، على غرار الطريقة التي أطلقت بها إسرائيل صاروخًا على قاعدة عسكرية في أصفهان في أبريل/نيسان.
وأثارت تلك النظرية الصاروخية تساؤلات حول كيفية تمكن إسرائيل من التهرب من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية مرة أخرى لتنفيذ مثل هذه الغارة الجوية الوقحة في العاصمة.
وكما اتضح، فقد تمكن القتلة من استغلال نوع مختلف من الثغرات في دفاعات إيران: ثغرة في أمن مجمع من المفترض أنه يخضع لحراسة مشددة، مما سمح بزراعة قنبلة والبقاء مخفيين لعدة أسابيع قبل أن يتم تفجيرها في النهاية، وفق ما قالت صحيفة "نيويورك تايمز".
وقال ثلاثة مسؤولين إيرانيين إن مثل هذا الخرق كان بمثابة فشل كارثي للاستخبارات والأمن بالنسبة لإيران وإحراج هائل للحرس الثوري، الذي يستخدم المجمع للخلوات والاجتماعات السرية وإيواء الضيوف البارزين مثل السيد هنية، حسبما قالت الصحيفة الأمريكية.
ولم يتضح بعد كيف تم إخفاء القنبلة في بيت الضيافة. وقال المسؤولون في الشرق الأوسط إن التخطيط للاغتيال استغرق شهورًا وتطلب مراقبة مكثفة للمجمع. وقال المسؤولان الإيرانيان اللذان وصفا طبيعة الاغتيال إنهما لا يعرفان كيف أو متى تم زرع المتفجرات في الغرفة.
وقد قررت إسرائيل تنفيذ عملية الاغتيال خارج قطر، حيث يقيم السيد هنية وأعضاء كبار آخرون في القيادة السياسية لحماس. وكانت الحكومة القطرية تتوسط في المفاوضات بين إسرائيل وحماس بشأن وقف إطلاق النار في غزة.
وأظهرت الصور أن الانفجار المميت الذي وقع في وقت مبكر من صباح الأربعاء أدى إلى تحطيم النوافذ وانهيار جزء من جدار المجمع، وقال المسؤولون الإيرانيون إن الانفجار لم يُخلِّف سوى أضرار طفيفة تتجاوز المبنى نفسه، كما كان من المحتمل أن يُحدثه صاروخ.
وفي حوالي الساعة الثانية صباحاً بالتوقيت المحلي، انفجرت العبوة الناسفة، وفقاً لمسؤولين من الشرق الأوسط، بما في ذلك الإيرانيون. وقال المسؤولون إن أفراد طاقم المبنى المذعورين هرعوا للبحث عن مصدر الضوضاء الهائلة، مما قادهم إلى الغرفة التي كان يقيم فيها السيد هنية مع حارس شخصي، حسبما نشرت صحيفة " نيويورك تايمز".
وتظهر صورة الأقمار الصناعية الملتقطة في 25 يوليو/تموز عدَم وجود أضرار مرئية أو وجود قماش أخضر على المبنى، مما يشير إلى أن الصورة التي تظهر الأضرار المرئية قد تم التقاطها مؤخراً.
ويوجد في المجمع فريق طبي هرع إلى الغرفة فور وقوع الانفجار. وأعلن الفريق أن السيد هنية توفي على الفور. وحاول الفريق إنعاش الحارس الشخصي، لكنه توفي هو الآخر، وفْقَ ما قالت الصحيفة الأمريكية.
وقال اثنان من المسؤولين الإيرانيين إن زعيم حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية زياد النخالة كان يقيم في الغرفة المجاورة. ولَمْ تَلْحَقْ أضرار بالغة بغرفته، مما يشير إلى تخطيط دقيق لاستهداف السيد هنية.
ووصل خليل الحية، نائب قائد حركة حماس في قطاع غزة، والذي كان أيضاً في طهران، إلى مكان الحادث وشاهد جثة زميله، بحسب المسؤولين الخمسة في الشرق الأوسط، للصحيفة الأمريكية.
وقال المسؤولون الإيرانيون الثلاثة إن من بين الأشخاص الذين تم إخطارهم على الفور، الجنرال إسماعيل قاآني، القائد العام لفيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري، والذي يعمل بشكل وثيق مع حلفاء إيران في المنطقة، بما في ذلك حماس وحزب الله. وقال المسؤولون إنه أبلغ المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، في منتصف الليل، وأيقظه، حسب الصحيفة الأمريكية.
وبعد أربع ساعات من وقوع الانفجار، أصدر الحرس الثوري بياناً يفيد بمقتل السيد هنية. وبحلول الساعة السابعة صباحاً، استدعى السيد خامنئي أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إلى مقره لعقد اجتماع طارئ، أصدر خلاله أمراً بضرب إسرائيل رداً على ذلك، وفقاً للمسؤولين الإيرانيين الثلاثة.
وكانت طهران قد شهدت بالفعل إجراءات أمنية مشددة بسبب تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، مع تجمع كبار المسؤولين الحكوميين والقادة العسكريين وكبار الشخصيات من 86 دولة في البرلمان في وسط طهران لحضور الحفل.
وبدا السيد هنية مبتهجاً ومنتصراً يوم الثلاثاء أثناء أداء القسم، حيث عانق الرئيس الجديد بعد أن ألقى خطاب تنصيبه، ورفع الرجلان أيديهما معاً في إشارة إلى علامة النصر.
وفي إيران، كانت طريقة الاغتيال موضع شائعات وخلافات. فقد ذكرت وكالة أنباء تسنيم، وهي الوسيلة الإعلامية للحرس الثوري، أن شهود عيان قالوا إن جسماً يشبه الصاروخ ضرب نافذة غرفة السيد هنية وانفجر.
لكن المسؤولين الإيرانيين، أعضاء الحرس الثوري الذين تم إطلاعهم على الهجوم، أكدوا أن الانفجار وقع داخل غرفة السيد هنية، وقالوا إن التحقيق الأولي أظهر أن المتفجرات وضعت هناك قبل فترة من الوقت، حسبَ الصحيفة الأمريكية.
ووصفوا دقة الهجوم وتعقيده بأنه مماثل من حيث التكتيك لسلاح الروبوت الذكي الذي يتم التحكم فيه عن بعد والذي استخدمته إسرائيل لاغتيال كبير العلماء النوويين الإيرانيين محسن فخري زاده في عام 2020، حسبَ الصحيفة الأمريكية.
يذكر أن عمليات الاغتيال الإسرائيلية خارج البلاد تتم بشكل أساسي من قبل الموساد، جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي.