قال بيني غانتس، الوزير في مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي، الأحد 14 أبريل/نيسان 2024، إن إسرائيل ستجعل إيران تدفع ثمن شنها هجوماً ضخماً بصواريخ وطائرات مسيّرة عندما يحين الوقت المناسب. في الوقت نفسه دعا وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير إلى عدم اتباع سياسة الاحتواء، بهدف خلق الردع في الشرق الأوسط، وقال بن غفير إن على الاحتلال الرد بجنون على الهجوم الإيراني.
بيني غانتس قال في بيانه: "سنشكل تحالفاً إقليمياً، وسنجعل إيران تدفع الثمن بالطريقة والتوقيت المناسبَين لنا". جاء ذلك في وقت من المقرر أن يجتمع فيه مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي لمناقشة الرد على الهجوم الإيراني.
مطالب إسرائيلية بعدم التردد في الرد على إيران
من جانبه، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الأحد، إن بلاده ستتعرض "لخطر وجودي فوري"، إذا ترددت في الرد على هجوم إيران الذي جاء رداً على استهداف سفارتها في دمشق قبل أسبوعين.
جاء ذلك في تصريح متلفز لسموتريتش، رئيس حزب "الصهيونية الدينية"، بثه عبر حسابه على منصة "إكس". وقال سموتريتش: "بعد ليلة مهمة، سلوكنا الذي يعقبها سيشكل الشرق الأوسط وأمن إسرائيل".
وأعرب عن شكره "للجيش الإسرائيلي ونظام الدفاع الجوي على العمل الرائع من أجل دولة إسرائيل وسلامتها وأمنها". وتابع: "شكراً أيضاً لأصدقائنا في العالم، (لم يحددهم) وعندما نكون في حرب بين الخير والشر، فإننا نعرف كيف نتكاتف".
وأشار إلى أن "أنظار الشرق الأوسط والعالم كله تتجه نحو دولة إسرائيل، وإذا دوّى صدى ردّنا (على إيران) في جميع أنحاء الشرق الأوسط للأجيال القادمة، فسوف ننتصر". واستدرك بالقول: "أما إذا ترددنا، فإننا سنعرّض أنفسنا وأطفالنا لخطر وجودي فوري".
وختم وزير المالية الإسرائيلي حديثه بالقول: "مصيرنا في أيدينا، وهذا هو الوقت المناسب لقيادة قادرة على استعادة الردع، ولديها الشجاعة لاستعادة الأمن لمواطني إسرائيل، ليس بالشعارات، بل بالأفعال".
بن غفير يدعو للرد بجنون
وبالحدة ذاتها، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير إلى الرد بقوة على الرد الانتقامي الإيراني.
وقال بن غفير، وهو رئيس حزب "عوتسما يهوديت" (قوة يهودية) في تصريح متلفز بثه على حسابه بمنصة "إكس": "لخلق الردع في الشرق الأوسط، يجب أن نرد بجنون". وأوضح أن "رد إسرائيل يجب ألا يكون ضعيفاً، لأن مفاهيم الاحتواء والتناسب اختفت من العالم في 7 أكتوبر (هجوم حماس على إسرائيل)".
بدوره، قال وزير الثقافة والرياضة الإسرائيلي ميكي زوهار إن "الرد المتراخي على العدوان الإيراني غير المسبوق هو استمرار للمفهوم الذي عفا عليه الزمن (انتهت صلاحيته) في مواجهة الإرهابيين المتوحشين"، على حد قوله.
من جانبها، قالت القناة 13 الإسرائيلية الخاصة، إن الهجوم الإيراني هو أول مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل، بعد 45 عاماً من الثورة الإسلامية التي اندلعت في إيران عام 1979.
وأضافت أنه "في الساعة 1:42 صباحاً (22:42 ت.غ)، انطلقت صفارات الإنذار في عشرات البلدات في جميع أنحاء إسرائيل، وتم اعتراض معظم عمليات الإطلاق خارج حدود إسرائيل، كما اخترقت بعض الصواريخ أراضي الدولة".
وأكدت القناة "وقوع أضرار بقاعدة نفاطيم الجوية في بئر السبع، لكن البنية التحتية لم تتضرر"، وفق قولها. وتابعت: "تم إطلاق أكثر من 300 طائرة من دون طيار وصواريخ أرض-أرض، وصواريخ كروز على إسرائيل الليلة الماضية".
وبحسب القناة، "قضى وزراء الكابينت (المجلس الوزاري السياسي الأمني) الليلة في مخبأ تحت الأرض في كيريا (مقر وزارة الدفاع بتل أبيب)، وفوضوا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت والوزير بيني غانتس لتحديد كيفية الرد الإسرائيلي على الهجوم".
وأوضحت أن وزيري الأمن القومي والمالية إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش عارضا القرار، "لكن تم إقراره بعد أن صوّت الوزراء الآخرون لصالحه".
وقالت إنه "حتى اليوم وغداً (الإثنين)، ستبقى تعليمات قيادة الجبهة الداخلية سارية المفعول، ولن تتواصل الأنشطة التعليمية في جميع أنحاء البلاد".
إنجاز تاريخي لإسرائيل
بدورها، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي حققت "إنجازاً تاريخياً في مواجهة أكبر وابل من الصواريخ والطائرات من دون طيار تواجهه أي دولة".
وأشارت إلى أنه "لم تتمكن أي طائرة مسيّرة من طراز شاهد 238، وعددها 185 طائرة، أطلقها الإيرانيون ووكلاؤهم، من اختراق حدود إسرائيل، وكذلك الحال بالنسبة لـ 36 صاروخ كروز".
وتابعت: "من بين الصواريخ الباليستية الـ110، وهي من نوع خيبر شكن، اخترق عدد قليل منها الأراضي الإسرائيلية، وانفجر عدد أقل منها، ولحقت أضرار طفيفة بقاعدة نفاطيم، لكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أعلن في بيانه صباح اليوم (الأحد) أن القاعدة تعمل".
ونقلت الصحيفة عن المحلل العسكري رون بن يشاري قوله إن إسرائيل "هزمت الليلة (بين السبت والأحد)، مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، العملية الجوية الواسعة، بل حصلت على فرصة لاستعادة شرعيتها السياسية على الساحة الدولية التي تلاشت طوال الحرب على غزة".
وأضاف بن يشاري أن "الخطة الدفاعية للجيش الإسرائيلي هي المسؤولة بشكل أساسي عن فشل الهجوم الإيراني، والتي استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة وقدرات غير عادية لطياري سلاح الجو وأنظمة الدفاع النشطة بجميع مكوناتها".
وأوضح أن "طهران فعلت الليلة ما لم تفعله من قبل، وإذا لم ترد إسرائيل بشكل مؤلم على الهجوم، فإن إيران وحلفاءها، والدول المستعدة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، قد يعتبرون ذلك ضعفاً".
ويرى المحلل أن "لإسرائيل أيضاً مصلحة في تهديد بقاء النظام في طهران من خلال كشف ضعفه، ولكن هنا يأتي تأثير العامل الثاني، الذي لا يقل أهمية وربما أكثر أهمية".
وأوضح أن هذا العامل هو "الطلب الحازم من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا، أن تمتنع إسرائيل عن الرد غير المتناسب الذي يمكن أن يعرض الاستقرار في المنطقة للخطر، فمثل هذه الحرب الإقليمية ستخدم أيضاً رئيس حماس في غزة، يحيى السنوار".
ولهذا السبب، وفق بن يشاري، فإن "لإسرائيل مصلحة في الاستجابة لطلب الغرب والعودة إلى التركيز على الحرب في غزة وفي الشمال، وترك التعامل الأساسي مع إيران لفرصة أخرى".
حروب فاشلة
أما صحيفة "يسرائيل هيوم"، فنقلت عن مراسلها السياسي آرئيل كاهانا تحليله أن "الحرب الفاشلة التي شنتها إيران الليلة ضد إسرائيل توفر شرعية دولية نادرة للرد العسكري".
واعتبر كاهانا أن الوضع الراهن "يشكل أيضاً فرصة عسكرية مواتية نسبياً لإسرائيل، حيث خسرت إيران أوراقاً استراتيجية منذ 7 أكتوبر: خطة توجيه ضربة مفاجئة لإسرائيل، ومعظم القوة العسكرية لحماس".
وأشار إلى أن "الإجراء الأكثر أهمية يتلخص في توجيه أقوى ضربة ممكنة للبرنامج النووي الإيراني". وعن رؤيته لكيفية تعاطي إيران مع ذلك، قال المراسل إن "الرد المضاد الذي تمتلكه إيران وقتها هو تفعيل حزب الله".
ضغوط على إسرائيل
من ناحيتها، نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية عن المحلل العسكري عاموس هرئيل أن "الرئيس الأمريكي جو بايدن يمارس ضغوطاً شديدة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتجنب غارة جوية في إيران والاكتفاء بالنجاح الدفاعي المبهر، وأهمه إحباط خطة تدمير قاعدة نفاطيم الجوية بالكامل".
وأضاف "هرئيل": "إذا لم يستجب نتنياهو لطلب الرئيس، فسيطلق حزب الله العنان وينضم إلى الحرب، وهو السيناريو الذي يسعى إليه يحيى السنوار منذ 7 أكتوبر".
وأكد أن "التقارير التي تفيد بأن الإيرانيين يعملون سراً على تطوير برنامجهم النووي تزايدت، وبوسعنا أن نفترض بكل يقين أن بايدن يشتبه في أن نتنياهو يحاول جر الولايات المتحدة إلى هجوم ضد إيران، وبالتالي تحقيق حلمه الذي طالما راوده بأن الأمريكيين سوف يدمرون المشروع النووي نيابة عنا".
وأوضح أن "الرئيس بايدن سيقوم بعمل عظيم حتى لا يتحقق هذا السيناريو".
ومساء السبت، قال التلفزيون الرسمي الإيراني إن "الحرس الثوري بدأ عملية جوية بالطائرات المسيّرة ضد أهداف في المناطق المحتلة"، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أن إيران أطلقت هجوماً بالطائرات المسيّرة.
يأتي الهجوم الإيراني رداً على تعرض القسم القنصلي في السفارة الإيرانية بدمشق مطلع أبريل/نيسان 2024 لهجوم صاروخي إسرائيلي، أسفر عن مقتل 7 من الحرس الثوري الإيراني، بينهم الجنرال البارز محمد رضا زاهدي. ولم تعترف إسرائيل رسمياً باغتيال زاهدي، لكنها لم تنفِ مسؤوليتها عن الاغتيال أيضاً.