أظهر مقطع فيديو نشرته قناة "الجزيرة" الفضائية، الأحد 24 مارس/آذار 2024، قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي برمي قوارب صيد بسواحل غزة بالرصاص، بينما كان الصيادون يحاولون صيد بعض الأسماك؛ لعلها تخفف من وطأة المجاعة التي يعاني منها القطاع جراء الحرب والحصار.
ويظهر في المقطع وابل من الرصاص ترميه القوات البحرية التابعة للاحتلال على قوارب صيد بسواحل غزة، كما يمكن أن نشاهد أثر بعض الرصاص وهو يصيب المياه بدل القوارب.
في حين عمد العديد من الصيادين إلى الهرب نحو البر، وهم يجدفون بأقصى ما يملكون من قوة خوف إصابتهم بالرصاص أو غرق قواربهم المتواضعة.
ويشكل صيادو غزة، البالغ عددهم 4 آلاف صياد، العمود الفقري لمجتمع القطاع، إذ يوفرون الأسماك الطازجة، رغم القيود الشديدة التي فرضتها إسرائيل على الصيد في المياه قبالة ساحل غزة.
منذ الحرب الإسرائيلية على القطاع، اشتدت هذه القيود، وزاد الخطر الكامن في توفير الطعام لـ2.2 مليون فلسطيني يتضورون جوعاً.
الصيادون في غزة يواجهون الموت
في تصريح سابق لموقع "ميدل إيست آي" قال محمود حمادة، وهو صياد فلسطيني إنه يدفع قاربه فجر كل يومٍ نحو البحر، رغم علمه بأنه ربما لا يعود مرة أخرى إلى الشاطئ: "تستطيع الصيد خلال الساعات الأولى من الصباح، لكنك تعرف بالتأكيد أن الرصاص سيُطلق عليك إذا اقترب الوقت من الظهيرة".
كما أضاف حمادة: "لديك مساحة محدودة قد تكون آمنة للصيد. إذا ابتعدت سوف تقترب سفينة إسرائيلية وتقتلك"، وأوضح: "أعمل صياداً منذ أكثر من 20 عاماً، لكني لم أمر بمثل هذا الوقت قط، كل ما أتمناه هو أن تنتهي هذه الحرب قريباً جداً؛ لأننا ننزف منذ خمسة أشهر، ولا نستطيع تحمل أكثر من ذلك".
بعد أسبوعين من هذه المقابلة استُشهد حمادة عندما كان يحاول إنقاذ طفل فلسطيني يبلغ من العمر 9 أعوام، تعرض لإطلاق نار من إسرائيل.
"نقاتل من أجل وجودنا"
شاهد محمد، ابن حمادة، البالغ من العمر 15 عاماً، استشهاد أبيه، وقال خلال حديثه مع موقع "ميدل إيست آي": "أطلق القناص الإسرائيلي النارَ على الطفل مرتين في رقبته، وسقط رأسه عن جسده".
وأوضح: "حاول أبي أخذ جثته، وهو أقل ما يمكنه فعله، وللأسف أطلقت دبابة النار على رأسه فهشمت جمجمته".
كان حمادة، الذي لديه 8 أبناء، يملك ورشة بالقرب من منزله الكائن بمخيم الشاطئ بغزة، وامتلأت بالأدوات التي جمعها على مدى أكثر من عقدين، لكن ورشته دمّرت مع منزله بسبب القصف الإسرائيلي، وكان حمادة وعائلته يعيشون في خيمة في دير البلح عندما قُتل.
قال حمادة قبل استشهاده: "إننا حرفياً نقاتل من أجل وجودنا، الذي يتلاشى شيئاً فشيئاً".
وخلَّفت الحرب الإسرائيلية على غزة عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً وأزمة إنسانية غير مسبوقة، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، مما أخضع إسرائيل، لأول مرة، لمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".