شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء 12 مارس/آذار 2024، على ضرورة خضوع المسؤولين الإسرائيليين للمحاسبة عن "قتل الأطفال" في الحرب على غزة، وذلك في كلمة خلال مأدبة إفطار رمضاني مع سفراء عدد من الدول في أنقرة.
وقال أردوغان إن "الجميع مدينون للأطفال الفلسطينيين القتلى"، وإن هذا الدين "لا يمكن سداده إلا من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة"، لافتاً إلى أنه "على المسؤولين الإسرائيليين أن يخضعوا للمحاسبة عن قتل الأطفال في الحرب على غزة عوضاً عن محاولتهم إخفاء حقيقة الإبادة الجماعية".
وأشار إلى أن بلاده ستواصل الدفاع عن أشقائها الفلسطينيين و"لن تتراجع عن موقفها الثابت في مواجهة الظالمين"، مؤكداً أن تركيا ستواصل تقديم المساعدات إلى غزة طوال شهر رمضان عبر الجهات الرسمية والبلديات والأوقاف والجمعيات.
أضاف: "من قتلوا (إسرائيل) المدنيين الأبرياء في طابور الانتظار للحصول على بعض الدقيق والمعكرونة وربما رغيف خبز لا يمكنهم توجيه النصائح لنا".
إسرائيل حولت قطاع غزة لـ"سجن مفتوح"
وأشار أردوغان إلى "استشهاد 32 ألف شخص جراء الهجمات الإسرائيلية المتواصلة منذ 5 أشهر الحرب على غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة"، وإلى إصابة 73 ألف فلسطيني "في القصف العنيف الذي يستهدف المدنيين والبنية التحتية المدنية".
كذلك لفت إلى أن إسرائيل حولت قطاع غزة إلى "سجن مفتوح" من خلال حصارها على مدار 17 عاماً، وقال: "حُولت غزة خلال الأشهر الخمسة الماضية إلى معسكر إبادة كبير لم نشهد مثالاً له إلا في الحرب العالمية الثانية".
في الوقت ذاته، أوضح أردوغان أن غزة تحولت إلى "أكبر مقبرة للأطفال والنساء في العالم جراء الهجمات الإسرائيلية الوحشية"، مضيفاً: "ليس نحن فقط، بل كل من يزور المنطقة ويعيش في غزة ويراها يقول هذا، لكن عندما نتحدث بهذه الطريقة ينزعج (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وشبكة القتل التابعة له، ويظنون أن بإمكانهم إسكاتنا من خلال وصفنا بأننا معادون للسامية".
وتابع: "حاولوا سراً وعلناً وبكل الطرق تحقيق هذه الغاية لكنهم لم يتمكنوا مطلقاً من منع طيب أردوغان من أن يدّوي بالحقيقة، واليوم لا يمكنهم أن يمنعونا من وصف القتلة بأنهم قتلة والظالمين بأنهم ظالمون".
نتنياهو وشركاؤه بالجريمة
في حين طالب أردوغان "نتنياهو وشركاءه بالجريمة بتوضيح سبب إخراجهم 31 مستشفى في غزة عن الخدمة من أصل 35، وقتل ما يقرب من 400 من العاملين في المجال الطبي من أطباء وممرضين، وتدمير 220 دار عبادة بينها مساجد تاريخية وتحويل 90% من المؤسسات التعليمية إلى أنقاض قبل اللجوء إلى أكاذيب لا يصدقها أحد".
وشدد الرئيس التركي على أن "الأخطر هو استمرار إسرائيل بمجازرها وكأن شيئاً لم يكن على الرغم من قرار التدابير الاحترازية لمحكمة العدل الدولية".
وفي 26 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت محكمة العدل الدولية قراراتها الأولية في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا في إطار الاتفاقية المتعلقة بالإبادة الجماعية لعام 1948، وأمرت إسرائيل باتخاذ تدابير منع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة.
"إسرائيل لا تستمع لأحد"
وأوضح أن "إسرائيل لا تستمع لأحد وتواصل ارتكاب جرائم الحرب بتهور وتبلغ من الغطرسة حداً يسمح لها بتهديد الدول التي تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار".
وأشار إلى أن "الجميع سيدفعون في السنوات المقبلة تكلفة فقدان الثقة في المؤسسات الدولية، على شكل مزيد من الإرهاب وعدم الاستقرار"، وقال: "يؤسفني أن أقول إن ما يمنح نتنياهو وشركاءه بالجريمة هذه الشجاعة هو السياسات المتناقضة لأولئك الذين يقدمون الدعم العسكري والدبلوماسي غير المشروط لإسرائيل".
وشدد على أن "الحاجة الأكثر إلحاحاً حالياً تتمثل في زيادة عبور الشاحنات عبر معبر رفح الحدودي (مع مصر) إلى المستوى المطلوب"، مؤكداً ضرورة ممارسة المزيد من الضغوط على إسرائيل من أجل هذا الهدف.
وأبدى أردوغان استعداد تركيا لتحمل المسؤولية كضامن لمنع تكرار المجازر في الحرب على غزة وإعادة إعمار المنطقة، لافتاً أنه ليس من الممكن تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة أو في العالم بدون حل عادل للقضية الفلسطينية، مضيفاً: "السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والمتكاملة جغرافياً وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية؛ وهو ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".