شدّدت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على أن منع أو تقييد وصول الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والداخل الإسرائيلي إلى المسجد الأقصى في شهر رمضان، ينطوي على خطر أمني حقيقي، بحسب ما أفاد موقع Ynet الإسرائيلي.
واستشهدت المؤسسة بما حدث في أعقاب قرار كهذا في مايو/أيار 2021، خلال ما يُعرف بعملية "حارس الجدار" الإسرائيلية (معركة القدس)، حين اضطربت الأمور في إسرائيل واشتعلت أعمال شغب غير مسبوقة في الداخل.
بناء على ذلك، وجَّه مسؤولون أمنيون في إسرائيل تحذيراً شديد اللهجة إلى المؤسسة السياسية بأن المسجد الأقصى سيوحد المسلمين على جانبي الخط الأخضر في مواجهة إسرائيل، بل المسلمين في الشرق الأوسط كله، وسيضرّ بالعلاقات بالغة الأهمية بين إسرائيل وما تصفه إسرائيل بالدول السُّنية "المعتدلة"؛ مثل مصر والأردن والإمارات وقطر.
وهي دول كان لبعضها دور كبير في المفاوضات من أجل تحرير المحتجزين الإسرائيليين في غزة، والبحث عن سبل لإقامة إدارة بديلة عن حكمِ حماس بعد انتهاء الحرب، وفق الموقع ذاته.
يأتي ذلك بعدما ما قرَّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاستجابة لتوصيات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بالحدِّ من وصول فلسطينيي 48 (عرب الداخل) إلى المسجد الأقصى في شهر رمضان.
أشار الموقع الإسرائيلي إلى أن هذا القرار يضع بن غفير ونتنياهو أمام صعوبات قانونية، فضلاً عن كونه يُناقض موقف المؤسسة الأمنية التي أوصت بخلاف هذه الخطوة، وأجمعت أجهزتها على التحذير من مغبة فرضِ قيود شاملة على الوصول إلى المسجد؛ لأن ذلك قد يضر بالعلاقات المهمة مع ما وصفها الدول السُّنية خلال الحرب الجارية على غزة.
فضلاً عن أنه يؤدي إلى اضطرابات بين المسلمين على جانبي الخط الأخضر [الذي يفترض أنه يفصل بين الأراضي الإسرائيلية المحددة قبل عام 1967، والأراضي الفلسطينية المحتلة].
في غضون ذلك، أوصت أجهزة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، المعنية بشؤون الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بفرضِ قيودٍ جزئية على الوصول إلى المسجد الأقصى -بحيث لا يُسمح إلا لمن هم أكبر من 60 عاماً من الرجال، وأكبر من 50 عاماً من النساء- بعد سنوات من تخفيف أوسع لهذه القيود.
وبناء على الحالة الأمنية المضطربة، ترى المؤسسة الأمنية تخفيض العدد المسموح به من المصلين، والإبقاء على صورة شبيهة بالوضع الراهن.
يُذكر أن مجلس الوزراء الإسرائيلي اتفق في مناقشاته، أمس الأحد 18 فبراير/شباط، على التقليل من عدد المصلين القادمين من الداخل الإسرائيلي، ولكن لم تُحدد بعد القيود العمرية، ولا العدد الذي سيُسمح به.
وزعم مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن حماس فشلت في توحيد الساحات الفلسطينية على مواجهة إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأن فلسطينيي 48 والفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة ظلت مشاركتهم ضعيفة، إلا أن مهاجمة الأقصى والتعدي على هذا الخط الأحمر للمسلمين سيكسر الحصار المضروب على غزة، ويزيد من "التوترات القائمة في الساحات الأخرى، فالأمر سيكون مثل برميل قابل للانفجار الذي تطوعت إسرائيل بإشعاله".
بعد ساعات من الإعلان عن القرار، قال مكتب نتنياهو، في بيان: إن "رئيس الوزراء اتخذ قراراً متوازناً يسمح بحرية العبادة ضمن حدود الضرورات الأمنية التي حددتها الأجهزة المعنية".
من جهة أخرى، حذرت المستشارة القانونية للحكومة غالي بيهارف ميارا من الصعوبات القانونية المرتبطة بفرضِ مثل هذه القيود الشاملة على المواطنين من (عرب الداخل)، وقالت إنه ليس من المقطوع به أن هذه القيود تخالف اللوائح القانونية، لا سيما إذا كان الأمر يتعلق بسياسات الحفاظ على الأمن والنظام العام، إلا أن هذه القيود تُناقض حقَّين دستورييْن؛ هما حرية ممارسة الشعائر الدينية، وحرية التعبير.
أضافت المستشارة القانونية الإسرائيلية إنه إذا قررت الحكومة المُضي قدماً في فرض قيود شاملة على وصول المواطنين العرب في إسرائيل إلى المسجد الأقصى، فإنهم قد يقدمون دعوى اعتراض على القرار لدى المحكمة العليا.
في المقابل، أبدى عرب الداخل غضبهم إزاء القرار الذي وصفوه بأنه يفرض قيوداً واضحة على حركة مواطنين داخل إسرائيل.
حيث قال رئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون فلسطينيي 48، محمد بركة، إن "نتنياهو قرر على ما يبدو أن يستجيب لجميع رغبات بن غفير الرامية إلى إشعال الاضطرابات، وشنِّ الحرب على المواطنين العرب في إسرائيل"، ولم يعد يكفيه "الحرب على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. إنها خطوة فادحة الخطورة، وانتهاك حرية الدين، وحرية العبادة".