تسلَّم المندوبون في مؤتمر إسرائيلي، يدعو إلى إعادة بناء المستوطنات في قطاع غزة الفلسطيني، لعبةً لوحية تحثُّ اللاعبين بها على تحديد الأماكن التي يريدون اتخاذ منازل لهم بها في القطاع بعد احتلاله، بحسب ما أفاد موقع Middle East Eye البريطاني.
حملت اللعبة اسم "تعالَ وابنِ بيتك في غزة!"، وتتكون من خريطة لقطاع غزة مقسمة إلى أحياء مختلفة بأسماء عبرية، وقد ورد بجانب كل اسم توضيحات للمعنى الكامن وراءه.
وشوهدت اللعبة بين أيدي الحاضرين فيما يُعرف بمؤتمر "انتصار إسرائيل"، وهو فعالية أقامها في القدس، الأحد 28 يناير/كانون الثاني 2024، سياسيون إسرائيليون من التيار اليميني، ونشطاء وحاخامات يهود، للدعوة إلى بناء مستوطنات إسرائيلية في غزة، بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي عليها.
وحضر المؤتمر 11 وزيراً في الحكومة الإسرائيلية، و15 نائباً في الكنيست من المنتمين إلى أحزاب الائتلاف الحاكم.
تغيير أسماء الأحياء في غزة
وتوجِّه اللعبة اللاعبين بها إلى وضع كتل خشبية على هيئة منزل، وكتابة أسمائهم على الملصقات، للإشارة إلى الأحياء التي يرغبون في المكوث بها.
يأتي من بين المواقع التي تعرضها رقعة اللعبة "حي أبطال غزة"، وهو حي يُفترض إقامته مكان حي الشجاعية الفلسطيني، الذي لطالما عُرف ببسالة مقاومته للعدوان الإسرائيلي في هذه الحرب وحروب سابقة، وقد قتلت إسرائيل نحو 300 فلسطيني في غارة واحدة على مجمع سكني في الشجاعية في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.
وفي معرض التوضيح لاسم الحي في اللعبة، أوردت الرقعة أن هذا الاسم هو "ترجمة عبرية لاسم (حي الشجعان)"، وقد استُمد "الاسم من وصف المسلمين الذين قاتلوا الصليبيين في منطقة غزة"، ويدَّعي صانعو اللعبة أن "الاسم يمكن أن يُنسب أيضاً إلى مقاتلي [الجيش الإسرائيلي] الذين قاتلوا في المدينة".
وهناك حي آخر مُدرَج باسم "حي غافيش"، وهو حي النصر حالياً، والذي تقول اللعبة إنه استمد اسمه من اسم الرئيس المصري جمال عبد الناصر، الذي قاتل إسرائيل في حروب مختلفة، منها حرب 1967، التي شهدت احتلال إسرائيل لقطاع غزة.
جاء في التعليق المرفق بالاسم المزعوم للحي: "سيتغير اسم الحي إلى (غافيش)، تكريماً للقائد الأعلى للقيادة الجنوبية في حرب الأيام الستة، يشعياهو غافيش".
جدير بالذكر أن إسرائيل احتلت قطاع غزة منذ عام 1967، وأقامت عدة مستوطنات فيه، إلا أن المقاومة الفلسطينية الممتدة أرغمت رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون في عام 2005 على تدمير مستوطنات غزة وإجلاء المستوطنين الإسرائيليين منها، وهي خطوة لطالما عارضها اليمين المتطرف في إسرائيل، وما زال المنتمون إلى هذا التيار يرون أن الانسحاب من غزة كان خطأ، ويجب الرجوع عنه.
"تشجيع الفلسطينيين على مغادرة غزة طوعاً"
وجاء مؤتمر الدعوة إلى الاستيطان بعد أيام فقط من صدور حكم محكمة العدل الدولية بقبول قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا على إسرائيل، وأصدرت المحكمة 6 أوامر لإسرائيل فيما يتعلق بحصار قطاع والقصف المتوالي عليه.
أحد هذه الأوامر أن "إسرائيل عليها أن تتخذ التدابير الواقعة في حدود سلطتها لمنع التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية للفلسطينيين في قطاع غزة، ومعاقبة المحرّضين على ذلك".
واستشهدت المحكمة بطائفةٍ من التصريحات التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون، واتخذتها أدلة على التحريض وخطاب نزع الإنسانية عن الفلسطينيين، ومنها تصريحات لرئيس دولة الاحتلال الإسرائيلية إسحاق هرتسوغ.
ومع ذلك، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، في مؤتمر الاستيطان، إلى "تشجيع الفلسطينيين على مغادرة غزة طوعاً"، و"يجب أن نعود إلى غوش قطيف وشمال السامرة…"، وغوش قطيف كانت كتلة من 17 مستوطنة إسرائيلية في جنوب قطاع غزة.
في المقابل، نشر إيتاي إبشتين، وهو محامٍ حقوقي ومستشار خاص للمجلس النرويجي للاجئين، مقطع فيديو يظهر فيه بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وهما يرقصان معاً في المؤتمر.
وقال إبشتين إن هذه الصورة "أحد الأدلة الدامغة على عدم امتثال" الحكومة الإسرائيلية للأمر الذي أصدرته محكمة العدل الدولية باتخاذ جميع التدابير الواقعة في حدود سلطتها، لمنع أعمال الإبادة الجماعية والمعاقبة على أعمال التحريض.