قال فلسطينيون في الضفة الغربية إن مستوطنين بزي عسكري إسرائيلي يضيقون عليهم ويزيدون من معاناتهم منذ بداية الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في ظاهرة وصفت بـ"الخطيرة" و"بتخطيط وتوجيهات رسمية".
وتصاعدت اعتداءات المستوطنين في الضفة المحتلة تزامناً مع الحرب على قطاع غزة، حيث يفرض جيش الاحتلال الإسرائيلي واقعاً صعباً على الفلسطينيين، ويوفر غطاء قانونياً للمستوطنين، وفق تقرير للأناضول.
ونقل التقرير عن مسؤول فلسطيني ونشطاء في مقاومة الاستيطان، قولهم إن "الجيش الإسرائيلي تحول إلى ميليشيا يقودها مستوطنون بزي عسكري".
105 اعتداءات للمستوطنين بزي عسكري
أمير داوود، مسؤول التوثيق بهيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، يذكر أنه تم توثيق 105 اعتداءات نفذها مستوطنون بزي الجيش الإسرائيلي في الضفة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول وحتى الأسبوع الأول من يناير/كانون الثاني الجاري.
ويؤكد داوود أن الاعتداءات "تمت بزي عسكري وبسلاح الجيش"، ووصف "الظاهرة بالخطيرة"، معتبراً أن "ما يجري تبادل وظيفي، ونحن لا نعتقد أن اعتداءات المستوطنين عشوائية بل يتم التخطيط لها وتوجيهها بالأروقة الرسمية".
ويقول: "ما جرى في السفوح الشرقية من تهجير لم يكن فقط بسبب الاعتداءات، فعمليات التهجير جاءت وفق مخطط منذ عام 2014؛ حيث تم بناء بؤر استيطانية وتركزت في محيط التجمعات البدوية بصورة مدروسة".
إلى جانب تدريب المستوطنين المسلحين من جماعات "تدفيع الثمن" و"شباب التلال"، للتضييق على السكان البدو ومطاردتهم ودفعهم للرحيل القسري دون تدخل المؤسسة الرسمية، وفق داوود. ويلفت إلى أن 22 تجمعاً تم تهجيرهم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأن "الجيش الإسرائيلي يوفر الحماية للمستوطنين من الملاحقة القانونية، الأمر الذي أسفر عن قتلهم 10 فلسطينيين في الأشهر الأخيرة".
ومنذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية قبل عام برئاسة بنيامين نتنياهو، وهي ائتلاف يضم أحزاباً يمينية متطرفة، جرى تصعيد الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتعتبر الأمم المتحدة الاستيطان الإسرائيلي غير قانوني، وتدعو دون جدوى إلى وقفه، محذرة من أنه يقوض فرص معالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقاً لمبدأ حل الدولتين (فلسطينية بجانب إسرائيلية).
يأتمرون بأوامر المتطرفين
من جهته، يقول الناشط الفلسطيني بتجمع "شباب ضد الاستيطان" (غير حكومي)، عيسى عمرو، إن المستوطنين شنوا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول اعتداءات بزي عسكري.
ويضيف: "جزء من المستوطنين نفذوا اعتداءات خلال أوقات الخدمة العسكرية كونهم جنود احتياط، تصرفوا كما هم مستوطنون ليسوا جيشاً وبأوامر المتطرفين السياسيين ومجموعاتهم الاستيطانية".
أفاد كذلك بأن "هناك مستوطنين يرتدون الزي العسكري للجيش وهم خارج الخدمة، ويتم تنفيذ اعتداءات دون القدرة على ملاحقتهم أو مواجهتهم كونهم يرتدون زياً عسكرياً ويحملون السلاح".
ويشير عمرو إلى أن "هذا الأمر شكل غطاء للمستوطنين، حيث يمنع التصدي للجيش حتى لو اقتحم بيتك، وهنا المستوطنون يستثمرون هذا الأمر ويشنون حرباً، خاصة جنوب الضفة، بما فيها البلدة القديمة من الخليل ومنطقة مسافر يطا"، مضيفاً: "أنا شخصياً تهجم على بيتي مجموعة جنود وسرقوه، قدمت شكوى وتم الرد علي بأنهم جيش وليسوا مستوطنين".
واستخلص قائلاً: "إذاً المستوطن اليوم يتصرف كما يريد، وهم عبارة عن جماعة إرهابية منظمة، ويحظون بتغطية سياسية وعسكرية"، ويضيف: "في الخليل القديمة لا يوجد مستوطن غير مسلح، الكل يحمل سلاحاً، الكل عبارة عن جندي، ويستخدم هذا السلام فقط لإرهاب الفلسطيني وحتى لإرهاب نشطاء السلام الأجانب والإسرائيليين على حد سواء".
ويشير عمرو إلى قرار تسليح المستوطنين الصادر عن وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير، ويقول: "الحكومة وبشكل رسمي تصنع ميليشيات هدفها تهجير وقتل الفلسطينيين".
إطلاق نار
الناشط بمواجهة الاستيطان، بشار القريوتي، بدوره يؤكد أن عشرات الاعتداءات التي تم رصدها على بلدته قريوت وقرى مجاورة جنوب نابلس من قبل مستوطنين، كانت بزي عسكري.
ويقول: "تتعرض قريوت منذ سنوات لاعتداءات المستوطنين وبشكل متصاعد، ونحن نعرف تلك الجماعات، بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول نفس الأشخاص يهاجمون المنازل ولكنهم بزي عسكري".
ويبين أن المستوطنين عادة ما يطلقون الرصاص الحي على المنازل والمزارع الفلسطينية وحتى دور العبادة، معتبراً أن "هناك استثماراً للحرب على قطاع غزة من قبل المستوطنين، يقتحمون المنازل يخربون كل شيء فيها ويسرقون ما استطاعوا، وكل ذلك بزي عسكري الأمر الذي يوفر لهم الحماية".
وتتصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تزامناً مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وكانت حركة "السلام الآن" اليسارية الإسرائيلية، كشفت النقاب في 5 يناير/كانون الثاني الجاري عن طفرة غير مسبوقة بالنشاط الاستيطاني في الضفة منذ بداية الحرب على القطاع.
أضافت: "المستوطنون منذ بداية الحرب في غزة، أنشأوا أو أعادوا إنشاء ما لا يقل عن 10 بؤر استيطانية، تم إخلاء بعضها في الماضي ثم أعيد بناؤها".
وتقدر "السلام الآن" أن أكثر من 700 ألف مستوطن يقيمون في مستوطنات إسرائيلية بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
ومنذ اندلاع الحرب على غزة، كثّف الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة الغربية، ووسّع الاقتحامات والمداهمات التي أسفرت عن مقتل 372 فلسطينياً وإصابة نحو 4 آلاف و250 آخرين.
فيما خلفت الحرب المدمرة على غزة والتي يشنها الجيش الإسرائيلي، حتى الأربعاء، "25 ألفاً و700 شهيد و63 ألفاً و740 مصاباً معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.