قال عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، الثلاثاء 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إنه "ليس هناك نصر في المذبحة التي نشهدها" في قطاع غزة، متسائلاً عن كيفية القبول بـ"الأفعال الوحشية والجرائم" في مقتل الآلاف من الضحايا، وفق مقال له نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، بحسب بيان للديوان الملكي.
ملك الأردن أكد أن "حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، وأشار إلى أن "آلاف الضحايا خلال ما يزيد عن شهر من الحرب على غزة غالبيتهم من المدنيين"، وأن "الآلاف من الأطفال قتلوا تحت ركام المنازل والمدارس والمستشفيات المدمرة في غزة".
"ضحايا عقاب جماعي"
وتساءل: "كيف يمكن قبول هذه الأفعال الوحشية والجرائم باسم إنسانيتنا المشتركة؟"، وأوضح أن على "عاتق القادة حول العالم مسؤولية مواجهة الحقيقة الكاملة لهذه الأزمة مهما بلغت بشاعتها".
أضاف: "العائلات في غزة التي يتم قصفها وإخراجها من منازلها بلا مكان تحتمي فيه هي ضحايا عقاب جماعي، فلم يعد هناك مكان آمن بعد الآن، لا مستشفى ولا مدرسة ولا مبنى للأمم المتحدة".
وقال: "لا شك أن سكان غزة لن يتركوا منازلهم بسبب منشور أو رسالة نصية تأمرهم بذلك، فهم يعلمون أن المغادرة تعني فقدان الأمل والكرامة وفرصة العودة إلى أرضهم، فقد شهدوا حصول ذلك مع العديد من الفلسطينيين من قبلهم وأسلافهم طوال العقود السبعة الماضية من هذا الصراع".
وذكر أن "القيادة الإسرائيلية التي لا ترغب في سلوك طريق السلام على أساس حل الدولتين لن تكون قادرة على توفير الأمن الذي يحتاجه شعبها"، وأردف: "لا يمكن للإسرائيليين الاعتقاد بأن الحلول الأمنية وحدها ستضمن سلامتهم واستمرارهم في حياتهم كالمعتاد، بينما يعيش الفلسطينيون في البؤس والظلم".
"حرب مستمرة من السرديات المتناقضة"
ومضى قائلاً: "مع غياب أفق سياسي، لن يكون هناك مستقبل من السلام للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء"، واستدرك: "مسؤوليتنا في الوقت الحالي لا تنحصر فقط بفرض التدخل الإنساني وإنهاء الحرب المروعة، بل الاعتراف أيضاً بأن المسار الحالي ليس مساراً ينتصر فيه أي طرف".
كما حذر الملك عبد الله من "بقاء الوضع كما هو عليه خلال الأيام المقبلة"، واستطرد في السياق ذاته، أن "من شأن ذلك أن يدفع بحرب مستمرة من السرديات المتناقضة حول من يحق له أن يكره أكثر ويقتل أكثر، وسيزداد التطرف والانتقام والاضطهاد، ليس في المنطقة فحسب، بل في جميع أنحاء العالم".
واعتبر أن "الأولوية هي بذل جهد دولي متضافر لتطوير بنية إقليمية للسلام والأمن والازدهار، مبنية على السلام الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين".
وتساءل عاهل الأردن إن كانت هناك "بدائل واقعية" لحل الدولتين، قائلاً: "من الصعب أن نتصور أياً منها. فإن حل الدولة الواحدة من شأنه أن يجبر هوية إسرائيل على استيعاب الهويات الوطنية المتنافسة، وحل اللادولة من شأنه أن يحرم الفلسطينيين من حقوقهم وكرامتهم".
وختم قائلاً: "فليس هناك نصر في المذبحة التي نشهدها، ولن ينتصر أحد إلا إذا حصل الفلسطينيون على حقوقهم ودولتهم. وهذا فقط سيكون بمثابة نصر حقيقي للسلام، للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، وسيكون أيضاً، أكثر من أي شيء آخر، انتصاراً لإنسانيتنا المشتركة".
"القادم أسوأ في فلسطين"
وأمس الإثنين، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إن القادم في فلسطين "ما زال أسوأ"، مُرجعاً ذلك إلى التعامل مع حكومة إسرائيلية "تجاوزت كل الخطوط الحمراء، ولم تترك قانوناً دولياً إلا وخرقته"، بحسب تصريحات له خلال مقابلة مع تلفزيون "المملكة" الأردني الرسمي.
أضاف أن "الأردن مستمر في جهده المستهدف تعرية الرواية الإسرائيلية"، لأن "إسرائيل مستمرة في حربها الهمجية على غزة، وتحاول أن تغطي هذه الحرب بسرديتها، التي لم تعد تقدم أي شيء منطقي".
وحذر الصفدي من تبعات ما ترتكبه إسرائيل من "جرائم" في غزة، لافتاً إلى أن "ما تقوم به تل أبيب في الضفة الغربية، سيدفع إلى تفجر الأوضاع هناك"، مشيراً إلى أن "حماس لم توجد الصراع، بل الصراع هو الذي أوجدها".
وأوضح أن "حماس انطلقت في بيئة من القهر والحرمان، وانتهاك الحقوق واستباحة الكرامة واستمرار الاحتلال".
ورداً على سؤال بشأن تفكير الأردن في فتح قنوات اتصال مع القيادة السياسية لـ"حماس"، قال الصفدي: "نحن دولة نعرف كيف نبقي على اتصالاتنا، ونعرف كيف توصلنا جميع الأبواب التي ندخل منها إلى تحقيق هدفنا، وهو إنهاء هذا الصراع، على أساس تلبية حقوق الشعب الفلسطيني كاملة، ونتصرف وفق ذلك".
يُذكر أن الأردن أعلن في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، استدعاء سفيره في تل أبيب "فوراً"، ورفض إعادة السفير الإسرائيلي إلى المملكة؛ على خلفية "الحرب الإسرائيلية المستعرة" على قطاع غزة.
وأوضح الصفدي، حينها، أن "عودة السفراء ستكون مرتبطة بوقف إسرائيل حربها على غزة ووقف الكارثة الإنسانية التي تسببها وكل إجراءاتها التي تحرم الفلسطينيين حقهم في الغذاء والماء والدواء وحقهم في العيش الآمن والمستقر على ترابهم الوطني".
يأتي هذا بينما يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 39 يوماً حرباً على غزة خلّفت 11 ألفاً و240 شهيداً فلسطينياً، بينهم 4 آلاف و630 طفلاً و3 آلاف و130 امرأة، فضلاً عن 29 ألف مصاب، 70% منهم من الأطفال والنساء، وفقاً لمصادر رسمية فلسطينية.