قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مستعد للتراجع عن المطالب التي تقدم بها للموافقة على صفقة التطبيع بين السعودية وإسرائيل، وإنه سيوافق على تفاهم مؤقت مع دولة الاحتلال لتمهيد الطريق أمام اتفاق رباعي يشمل الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية.
وزعم تقرير لموقع N12 الإسرائيلي، أن عباس لن يصر في هذه المرحلة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وسيكتفي بدلاً من ذلك بتعهد السعي إلى حل الدولتين.
يأتي هذا التقرير وسط الأخبار التي نقلتها "وول ستريت جورنال" الأمريكية عن نشاط دبلوماسي رفيع المستوى لتأمين السبيل أمام منظومة إقليمية تشمل اتفاقاً أمنياً بين الرياض وواشنطن، وربما إسرائيل أيضاً.
تخصيب اليورانيوم مقابل التطبيع
وتسعى الرياض للحصول على موافقة واشنطن على برنامج نووي مدني سعودي يسمح لها بتخصيب اليورانيوم، وفي مقابل ذلك، تمضي الرياض قدماً إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، التي يُفترض أن تقدم بعض "التنازلات" للفلسطينيين ضمن الصفقة.
ومن المتوقع أن يساعد الاتفاق الأمني بين الولايات المتحدة وإسرائيل رئيسَ الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إقناع شركائه في الائتلاف الحاكم بدعمِ الصفقة حتى لو كانوا يعارضون التنازل للسلطة الفلسطينية والتعهد بحل الدولتين.
في حين أن عدة أعضاء بالحكومة الإسرائيلية صرحوا من قبل علناً بتنصلهم من اتفاقات حل الدولتين، فضلاً عن معارضتهم لما طُرح من مطالب فلسطينية أخرى، مثل نقل أجزاء من المنطقة "ج"، الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي، إلى السلطة الفلسطينية التي يُفترض أنها تتولى السيطرة على المنطقتين "أ" و"ب" في الضفة الغربية المحتلة.
وقال مسؤول إسرائيلي للصحفيين، الأربعاء 20 سبتمبر/أيلول، إن نتنياهو يعتقد أن ائتلافه سيُسانده في اتفاق التطبيع بين السعودية وإسرائيل.
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لشبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، أمس الأول الأربعاء، إن إسرائيل والسعودية أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق التطبيع.
"خطوة تاريخية"
فيما زعم وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، أمس الخميس، أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق من هذا القبيل بحلول مارس/آذار 2024.
وقال كوهين لإذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي: "أرى أن هناك احتمالاً قائماً بلا شك في أن نتمكن بنهاية الربع الأول من عام 2024، أي بعد 4 أو 5 أشهر، من الوصول إلى مرحلة تكتمل فيها تفاصيل (الاتفاق)".
من جهة أخرى، عقد نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء، اجتماعاً لمدة ساعة في نيويورك، وقد ركز اللقاء على موضوع التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث، وكانت هذه المرة الأولى التي يناقش فيها الرجلان الصفقة وجهاً لوجه.
ونفى ولي العهد السعودي، في لقائه مع الشبكة الأمريكية، التقارير التي زعمت أن المحادثات انهارت، أو أن الرياض تشعر بالقلق إزاء تكوين الحكومة الإسرائيلية، وقال بن سلمان: "إذا نجحت إدارة بايدن [في صياغة ما] أرى أنه أكبر صفقة تاريخية منذ نهاية الحرب الباردة، فسنبدأ علاقة [مع إسرائيل] وهذه العلاقة ستستمر بغض النظر عمن يحكم إسرائيل".
ووصف نتنياهو تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية بأنها خطوة تاريخية من شأنها أن تغير وجه الشرق الأوسط وتنهي ما وصفه بالصراع الإسرائيلي العربي.
المعارضة الإسرائيلية تحذّر
ومع ذلك، حذر زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق يائير لابيد من أن السماح للسعودية بإنشاء برنامج نووي تتمتع فيه بالقدرة على تخصيب اليورانيوم يمكن أن يفتح الباب أمام تطوير الرياض لأسلحة نووية، وقد يُفضي إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.
وحثَّ لابيد نتنياهو على عدم قبول الصفقة مع السعودية إن كانت تعرض إسرائيل للخطر، وقال: "إننا نرحب باتفاقية تطبيع مع السعودية، ولكن ليس على حساب السماح للسعوديين بتطوير أسلحة نووية، وليس على حساب التمهيد لسباق التسلح النووي في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
أضاف لابيد: "لقد تحدث ولي العهد السعودي أمس عن إمكانية امتلاك السعودية لأسلحة نووية. وقد حارب نتنياهو نفسه مثل هذه التحركات طوال مسيرته، فهذه هي أسس استراتيجيتنا النووية في إسرائيل".
وأوضح لابيد أن "الديمقراطيات القوية لا تضحي بمصالحها الأمنية من أجل السياسة"، "إنه أمر خطير وبعيد عن التحلي بالمسؤولية. ويجب على إسرائيل ألا توافق على أي نوع من تخصيب اليورانيوم في السعودية".
وقال مسؤول إسرائيلي كبير للصحفيين في نيويورك، إن إسرائيل تريد ضمانات كثيرة للاطمئنان إلى أن البرنامج النووي المدني السعودي لن يتحول إلى برنامج تسليح، و"إسرائيل والولايات المتحدة لديهما الموقف نفسه بشأن الجانب النووي من الاتفاق"، و"إسرائيل لا تنوي التراجع عن نقاط قلقها المبدئية" في هذا الشأن.