اقترح نائب في الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود (الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو) خطةً لتقسيم الحرم القدسي الشريف بين اليهود والمسلمين، ما أثار قلقاً شديداً لدى الفلسطينيين الذين لطالما كانت لديهم مخاوف من المساعي الإسرائيلية لتقسيم الحرم المبارك، وفق ما أفاد موقع Middle East Eye البريطاني.
جاء ذلك بعد أن تحدث نائب الكنيست عاميت هليفي عن خطته في مقابلة مع صحيفة Zman Israel الناطقة باللغة العبرية، وتناول بإيجاز خطة من شأنها تقسيم الحرم القدسي الذي تبلغ مساحته 37 فداناً، بحيث يُترك للمسلمين الطرف الجنوبي الذي يحتوي على المسجد الأقصى، أمَّا اليهود فيستولون على بقية الحرم، ومنها المنطقة التي تقع فيها قبة الصخرة.
سحب الوصاية الهاشمية
في الوقت نفسه، اقترح هليفي كذلك تجريد المملكة الهاشمية والسلطات الأردنية من الوصاية على الأقصى.
يُذكر أن العائلة المالكة الهاشمية في الأردن لها الوصاية على كل من الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، ويشمل ذلك الوصاية على المسجد الأقصى، وقد أُبرم الاتفاق الذي ينص على ذلك خلال الانتداب البريطاني على فلسطين.
على الرغم من ذلك، قال هليفي: "إذا صلوا هناك، فهذا لا يجعل الحرم القدسي بأكمله مكاناً مقدساً للمسلمين. فهو لم يكن كذلك، ولن يكون"، واستخدم المصطلح اليهودي "جبل الهيكل" للإشارة إلى الأقصى.
يقع الحرم القدسي الشريف على هضبة مرتفعة يشير إليها اليهود باسم جبل الهيكل. وقد حُظرت الصلاة اليهودية في باحات المسجد لعدة قرون، والتزمت ذلك الحكومات الإسرائيلية المتوالية، غير أن اليهود المتدينين لطالما حاولوا منازعة المسلمين سيطرتهم على الحرم القدسي، أو ما صار يُطلق عليه في الآونة الأخيرة "مجمع المسجد الأقصى".
المسجد الأقصى هو ثالث أقدس موقع لدى المسلمين (بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة، ومسجد المدينة المنورة) ويوقره المسلمون في أرجاء العالم، وقد صار رمزاً لثقافة الفلسطينيين وتمسكهم بأرضهم، بحسب وصف الموقع البريطاني.
"هذه خطتنا"
مع ذلك، قال هليفي في خطته: "سنأخذ [الإسرائيليون] الطرف الشمالي ونصلي هناك. الجبل كله مقدس لدينا، وقبة الصخرة هي المكان الذي قام عليه الهيكل. يجب أن تكون هذه خطتنا. إسرائيل لها القيادة والوصاية. وسيكون هذا بياناً تاريخياً، ودينياً ووطنياً بذلك".
علاوة على ذلك، يسعى هليفي إلى تغيير تدابير اقتحام اليهود للأقصى (أو زيارته في الرواية الإسرائيلية)، مطالباً بأن يُسمح لليهود بدخول الحرم القدسي من جميع البوابات، وليس فقط من البوابة الجنوبية الغربية (باب المغاربة)، وهي بوابة المسجد الأقصى الوحيدة -من بين منافذ الدخول الخمسة عشر للمسجد- التي تخضع للسيطرة الكاملة للسلطات الإسرائيلية والتي يحظر على الفلسطينيين الوصول إليها.
في سبتمبر/أيلول الماضي، اقتحم متشددون إسرائيليون الحرمَ القدسي من باب الأسود (باب الأسباط)، وهي المرة الأولى التي يدخل فيها المستوطنون باحات المسجد من هذه البوابة منذ احتلال إسرائيل للقدس الشرقية عام 1967.
يتخوف كثير من الفلسطينيين من أن السماح للمستوطنين بالدخول عبر بوابات مختلفة سيكون إيذاناً بمزيد من التحركات الرامية إلى توسيع السيطرة الإسرائيلية على المسجد وتغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي.
وقال هليفي: "هذا مكان (الهيكل الأول) ومكان (الهيكل الثاني) الذي بناه المهاجرون البابليون. ولا حاجة بأحد إلى فحص الحجارة ليعرف أن المكان ملكنا"، و"توجد مساجد في جنوب الجبل ونحن نحترم ذلك. صلوا هناك واتركوا لنا نصيبنا".
غضب فلسطيني شديد
في المقابل، قابل الفلسطينيون الخطة المقترحة بالغضب الشديد والرفض التام، وقالوا إنها "ستجر المنطقة إلى أتون حرب دينية".
وقالت "اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في فلسطين" في بيان إنه يجب "إيقاف المخطط ومواجهته".
لطالما كان الفلسطينيون يخشون أن يضع الإسرائيليون الأساس لتقسيم المجمع بين اليهود والمسلمين، على نحو ما فعلوا مع "الحرم الإبراهيمي" في الخليل الذي قسموه في التسعينيات.
وقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة في الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى. وانضم عشرات اليهود إلى هذه الاقتحامات، وصار العدد يرتفع إلى مئات المستوطنين في الأعياد اليهودية، مثل عيد الفصح، وعيد المساخر، ويوم القدس، وغيرها. فعلى سبيل المثال، اقتحم أكثر من 1600 مستوطن المسجد خلال يوم القدس في عام 2018.
ويقول الفلسطينيون إن عمليات الاقتحام محاولة صريحة من الصهاينة المتطرفين للاستيلاء على الوصاية الدينية للحرم القدسي، وإزالة المعالم الثقافية والدينية للفلسطينيين من الأقصى.