كشفت مصادر خاصة لـ"عربي بوست"، كواليس متعلقة بالأسباب التي دفعت فصائل المقاومة الفلسطينية لفتح جبهات عدة ضد الاحتلال الإسرائيلي، من لبنان وغزة وسوريا، خلال الأسبوع الماضي، من بينها مخططات إسرائيلية لاغتيال قادة فصائل المقاومة.
تعرُّض البلدات والمدن الإسرائيلية لوابل من الهجمات الصاروخية، من الجبهات الثلاث، وضع العديد من علامات الاستفهام حول أسباب تحرك فصائل المقاومة بهذا الشكل غير المسبوق ضد الاحتلال الإسرائيلي.
شكلت الهجمات صدمة للمؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، التي ردت بتوجيه ضربات صاروخية ضد أهداف داخل المناطق التي انطلقت منها الصواريخ، محملة حركة حماس والفصائل الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن تبعات هذا الحدث، الذي لم تشهده إسرائيل منذ سنوات طويلة.
تكشف "عربي بوست" في هذا التقرير عن جزء من تفاصيل معركة استخباراتية سرية قامت بين فصائل المقاومة والاحتلال الإسرائيلي في ساحات الخارج، دفعت بالفصائل الفلسطينية إلى المبادرة بهذا الهجوم المنسق والمتزامن بين غزة وبيروت والأراضي السورية.
اجتماعات سرية بين بيروت وغزة
كشف مصدر مقرب من القيادة العسكرية لمحور المقاومة من بيروت لـ"عربي بوست" أن سلسلة اجتماعات متزامنة عقدت في كل من بيروت وغزة على مدار الأسابيع والأشهر الأخيرة، شارك فيها ممثلون عن فصائل المقاومة، وتحديداً من حركة حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله اللبناني، بحضور قادة عسكريين من الحرس الثوري الإيراني.
ناقشت الاجتماعات التي تمت بسرية تامة وبعدد قليل من الأشخاص، تقديراً استخباراتياً أعده قادة عسكريون كبار من محور المقاومة، لرصد وتقييم وتوقع السلوك العسكري الإسرائيلي خلال المرحلة الحالية.
ناقشوا كذلك الكيفية التي سيتعامل بها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع التهديدات الأمنية، سواء لوقف موجة العمليات الفدائية، أم محاولة فرض وقائع جديدة داخل المسجد الأقصى، وإدارة الصراع مع كل من غزة ولبنان وسوريا.
عمليات اغتيال ضد قادة المقاومة
خلص التقدير الاستخباري إلى نتيجة مفادها أن الاحتلال يستعد للشروع بسلسلة عمليات اغتيال تستهدف قادة المقاومة، وتحديداً ممن تتهمهم إسرائيل بالمسؤولية عن التحريض وتمويل العمليات داخل الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، بعد معلومات وتقدير للموقف تم بناءً على "معلومات دقيقة"، بحسب مصدر "عربي بوست".
وفقاً لمصدر فصائلي من بيروت، فقد أكد لـ"عربي بوست" أنه "تم رصد نشاطات مشبوهة لعناصر من جهاز الموساد الإسرائيلي يعملون داخل الأراضي السورية واللبنانية، كما تم رصد عمليات تشويش على قنوات الاتصال السرية بين غزة وبيروت ودمشق وطهران، وهي قنوات اتصال يجري من خلالها تناقل المعلومات الأمنية ذات السرية العالية بين هذه الأطراف".
في ضوء هذا التقدير للموقف، صدر قرار برفع درجة الاستنفار والحماية الأمنية على بعض القادة العسكريين الموجودين في الأراضي السورية واللبنانية وغزة، كما جرى التوافق في هذه الاجتماعات على التحرك بشكل جماعي ومنسق وبوتيرة مدروسة لإرباك أية مخططات إسرائيلية قادمة.
التوتر في الأقصى ومخطط الاغتيال
وفقاً لمصدر عسكري من سرايا القدس، الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، فقد أكد لـ"عربي بوست" أن "التقدير الاستخباري لدى الحركة كان يشير إلى أن المرحلة التي تصعّد فيها إسرائيل من تدنيسها للمسجد الأقصى، ستكون إشارة لشروع إسرائيل في تنفيذ عمليات اغتيال ضد قادة المقاومة في الدول التي يتواجدون فيها، سواء عبر أذرع جهاز الموساد أو من خلال استهداف مركّز باستخدام الطائرات المسيرة أو بالقصف الجوي المباشر".
وأضاف المصدر: "جرى التوافق بين قادة المحور أن تبادر هي بإجراء وقائي لإحباط هذا المخطط، وتم الاتفاق على آلية مشتركة، وهو إطلاق عشرات الصواريخ ذات المدى القصير والمتوسط من 3 جبهات في آن واحد، لإيصال رسالة مشتركة أن أي اعتداء على قادة المقاومة في إحدى الدول سيواجه برد مشترك.
وتابع المصدر: "كان التقدير الاستخباري يشير إلى أن الظرف الحالي لحكومة نتنياهو لن يسمح لها بفتح 3 جبهات في آن واحد، وهذا ما تحقق عملياً، بدليل أن الرد الذي نفذه الجيش في سوريا ولبنان وغزة لم يكن على قدر الحدث الذي تعرض له الاحتلال".
رغم ذلك كله، فإن الفصائل الفلسطينية تضع احتمالات منها أن يبادر نتنياهو برد فعل عسكري ضد قطاع غزة خلال الأيام المقبلة، لمحاولة الحفاظ على مستوى الردع، ووقف سيل الانتقادات له ولحكومته، ولكن المقاومة وفقاً للمصدر "على دراية تامة بمثل هذا السيناريو، وهي متأهبة لأي سلوك إسرائيلي قادم".
تآكل الردع الاستراتيجي
في هذا الصدد، سلط تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية بالإشارة إلى أن الجولة الأخيرة من القصف الذي تعرضت له البلدات الإسرائيلية من سوريا ولبنان وغزة، تسبب بأضرار على مستوى تآكل الردع الاستراتيجي لإسرائيل.
وفقاً للصحيفة، فإن المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس تبنت الاستراتيجية المستوحاة من إيران بإنهاك الاحتلال عبر عمليات استنزاف مستمرة، من خلال فتح جبهات متعددة في آن واحد، مستغلة الظرف الداخلي لحكومة نتنياهو الذي لا يتمتع باستقرار على مستوى ائتلافه الحاكم، كما أنه لا يحظى بعلاقات مثالية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
يشار إلى أنه منذ مطلع العام الجاري 2023، لقي 18 إسرائيلياً مصرعهم في عمليات فدائية ضربت مدن الداخل الإسرائيلي والضفة الغربية، في وقت تدخل فيه عملية "كاسر الأمواج" التي أطلقها الجيش الإسرائيلي عامها الثاني على التوالي.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.