تقترب الانتخابات العامة في تركيا، ولم تتفق الأحزاب المعارضة المتحالفة تحت مسمى "الطاولة السداسية" على الشكل الذي ستدخل فيه انتخابات البرلمان حتى الآن، رغم أنها اتفقت على مرشح واحد في السباق الرئاسي، الذي سيجري في اليوم ذاته مع الانتخابات النيابية، في 14 مايو/أيار 2023.
تستمر المشاورات بين أعضاء "الطاولة السداسية" أو "تحالف الأمة"، وهو الاسم الرسمي لتحالفهم في الانتخابات، دون إعلان اتفاق على القوائم الانتخابية التي سيخوضون بها الانتخابات البرلمانية في مواجهة تحالف "الجمهور"، بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفته الحركة القومية.
يضيق الوقت أكثر أمام أحزاب المعارضة الستة، فموعد تسليم قوائم الأحزاب لانتخابات البرلمان سيكون في 9 أبريل/نيسان 2023، أي بعد أقل من أسبوعين من الآن.
الشعب الجمهوري والجيد والسعادة والمستقبل و"الديمقراطية والتنمية" و"الديمقراطي"، هي أحزاب المعارضة الرئيسية في تركيا، اجتمعت على طاولة واحدة، بهدف وصول مرشح توافقي إلى الرئاسة في الانتخابات المقبلة، لكن دون تحديد آلية سيخوضون بها الانتخابات البرلمانية القادمة، إن كانت على شكل قائمة مشتركة في جميع الولايات التركية، أم في بعضها، أم كل حزب يخوضها بنفسه.
خلاف على "القائمة المشتركة"
ظهرت بوادر الخلافات بين قادة التحالف بعد إعلان حزب الجيد رغبته في دخول الانتخابات البرلمانية بقائمة مشتركة مع بقية أحزاب الطاولة السداسية في 9 ولايات تركية فقط، من أصل 81 ولاية في عموم البلاد؛ على أن يدخل الحزب في بقية الولايات بمرشحيه المستقلين بعيداً عن التحالف.
من جانبه، كشف الأمين العام للحزب الجيد، أوغور بويراز، أن العمل والتشاور لا يزالان متواصلين مع بقية أعضاء الطاولة السداسية، للوصول إلى صيغة تفاهم حول الترشح للانتخابات البرلمانية.
برر بويراز في تصريحات صحفية التأخير الحالي، بأن الهدف المشترك بين أعضاء الطاولة السداسية هو تغيير النظام السياسي القائم في البلاد من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني المعزز، موضحاً أن حزب الجيد يرى الدخول بنوابه بعيداً عن التحالف قد يوفر العدد الكافي لتحقيق هذا الهدف، بالحصول على 361 مقعداً في البرلمان المقبل.
من جانبه، قال المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري، فائق أوزتورك، إن تغيير النظام الحاكم في تركيا يوجب دخول أعضاء التحالف كافة في الانتخابات البرلمانية بقائمة مشتركة في جميع الولايات، مشيراً إلى أن أي تغيير في ذلك لن يغير النظام الحاكم الحالي، ولا نظام الدولة.
شدد أوزتورك في مؤتمر إعلامي على أن الاتفاق بين قادة الأحزاب الستة كان بالدخول في قائمة مشتركة في جميع الولايات التركية، بالتالي يجب الالتزام بما تم الاتفاق عليه في اجتماعات الطاولة السداسية على مدار العام.
بدوره، كشف رئيس حزب "المستقبل" أحمد داوود أوغلو، ترجيح حزبه الدخول في قائمة مشتركة مع أحزاب الطاولة السداسية، وفي كل الولايات التركية، معتبراً أن ذلك سيكون هو السبيل الوحيد لحصول المعارضة التركية على الأغلبية في البرلمان التركي، وتجاوز عتبة 360 نائباً اللازمة لتغيير النظام الحاكم في تركيا؛ النظام البرلماني.
وكشف داوود أوغلو خلال لقاء تلفزيوني أن حزبه قد يفضل الدخول في قائمة مشتركة مع حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، بدلاً من الدخول في تحالف محافظ داخل تحالف الطاولة السداسية، مشيراً إلى أن مرشحي حزبه سيدخلون على قوائم حزب الشعب، في حال عدم الاتفاق على القائمة المشتركة لتحالف "الأمة" المعارضة.
تحالف داخل التحالف
من جانبه، دعا حزب "السعادة" أحد أعضاء الطاولة السداسية، إلى صناعة "تحالف داخل التحالف"، بأن يكون هناك تحالف للأحزاب المحافظة داخل تحالف الطاولة السداسية، وهي أحزاب "السعادة والمستقبل والديمقراطية والتنمية"، لمواجهة حزب العدالة والتنمية في مناطق تمركزه.
في حين دعا الرئيس العام للحزب، تمل كارامولا أوغلو، قادة هذه الأحزاب إلى دخول الانتخابات البرلمانية القادمة تحت مظلة حزب السعادة، دون الانفصال عن تحالف الطاولة السداسية.
بيّن كارامولا أوغلو في بيانه أن دخول "الأحزاب المحافظة" في تحالف واحد قد يعزز فرص هزيمة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، خاصةً في المناطق التي تعد من معاقله على مدى سنوات حكمه العشرين الماضية.
من جانبه، قال حسن بتناز، نائب رئيس حزب السعادة للشؤون الانتخابية لـ"عربي بوست"، إن دعوة رئيس الحزب لتشكيل تحالف محافظ داخل تحالف الطاولة السداسية قد يحول دون ذهاب أصوات الكثير من قواعد هذه الأحزاب إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم.
كشف بتناز أنهم تلقوا إشارات إيجابية من حزب المستقبل، للدخول في التحالف المزمع تشكيله، للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، مشيراً إلى أنهم في انتظار رد حزب الديمقراطية والتنمية، بقيادة وزير الاقتصاد السابق علي باباجان.
أشار كذلك نائب رئيس حزب سعادات في حديثه إلى "عربي بوست" أن المشاورات والمباحثات تجري بصورة يومية، وأنهم يتوقعون التوصل لنتائج ملموسة خلال الفترة المقبلة، وقبل انتهاء موعد تقديم قوائم المرشحين للانتخابات البرلمانية.
"الديمقراطية والتنمية" يرفض مقترح "السعادة"
من جهة أخرى، رفض بعض المسؤولين التنفيذيين في حزب الديمقراطية والتنمية، دعوة حزب السعادة للدخول في تحالف داخل تحالف الطاولة السداسية، مشيرين إلى أنهم يفضلون المشاركة بصيغة تضمن الحصول على المزيد من النواب داخل البرلمان.
شدد مسؤولو الحزب على أن الطريق الأفضل لتحقيق ذلك هو التعاون مع أحزاب الطاولة السداسية كافة، في مختلف المناطق، بما يتناسب مع واقع المنطقة التي تشارك فيها الأحزاب، بالتالي لا يمكن تحديد صيغة واحدة للتعاون بين أحزاب الطاولة في الانتخابات البرلمانية.
كذلك يرى عضو اللجنة التنفيذية لحزب الديمقراطية والتنمية إدريس شاهين، أنه في حال لم يتم التوافق بين الأحزاب على قضية قوائم الانتخابات البرلمانية، فإنه ينبغي للقادة التدخل لحل هذه المشكلة قبل تفاقمها، مشيراً إلى أن الحزب لديه الآن قوائم كاملة للدخول منفرداً في المقاطعات التركية كافة.
يشار إلى أن التحالفات الحزبية في انتخابات البرلمان تحتاج إلى ما لا يقل عن 301 نائب، لتأمين الأغلبية في المجلس، بينما يحتاج تحالف "الأمة"، الذي أعلن هدفه التحول إلى نظام برلماني معزز، إلى الحصول على 360 نائباً على الأقل من أجل تعديل الدستور.